صفحة جزء
984 - فإن قالوا فقد روي عن أنس ما قد فسر الجمع كيف كان ، فذكروا في ذلك ما حدثنا يونس قال : أنا ابن وهب قال : أخبرني جابر بن إسماعيل ، عن عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه مثله .

يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عجل به السير يوما ، جمع بين الظهر والعصر ، وإذا أراد السفر ليلة ، جمع بين المغرب والعشاء ، يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر ، فيجمع بينهما ، ويؤخر المغرب حتى يجمع بينهما وبين العشاء ، حتى يغيب الشفق .

قالوا : ففي هذا الحديث أنه صلى الظهر والعصر في وقت العصر ، وأن جمعه بينهما كان كذلك . فكان من الحجة عليهم لأهل المقالة الأولى أن هذا الحديث قد يحتمل ما ذكروا . وقد يحتمل أن يكون صفة الجمع من كلام الزهري لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه قد كان كثيرا ما يفعل هذا ، يصل الحديث بكلامه ، حتى يتوهم أن ذلك في الحديث . وقد يحتمل أن يكون قوله : " إلى أول وقت العصر " إلى أقرب أول وقت العصر .

فإن كان معناه بعض ما صرفناه إليه مما لا يجب معه أن يكون صلاها في وقت العصر ، فلا حجة في هذا الحديث للذي يقول : إنه صلاها في وقت العصر . وإن كان أصل الحديث على أنه صلاها في وقت العصر ، فكان ذلك هو جمعه بينهما ، فإنه قد خالفه في ذلك ، عبد الله بن عمر فيما روينا عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وخالفته في ذلك عائشة رضي الله عنها أيضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية