ولو استأجر الرجل الرجل يحج عنه أو عن غيره فالإجارة جائزة ، والحج عنه من حيث شرط أن يحرم عنه ، ولا تجوز الإجارة على أن يقول تحج عنه من بلد كذا حتى يقول تحرم عنه من موضع كذا ; لأنه يجوز الإحرام من كل موضع .
فإذا لم يقل هذا فالإجارة مجهولة ، وإذا وقت له موضعا يحرم منه فأحرم قبله ثم مات فلا إجارة له في شيء من سفره ، وتجعل الإجارة له من حين أحرم من الميقات الذي وقت له إلى أن يكمل الحج ، فإن أهل من وراء الميقات لم تحسب الإجارة إلا من الميقات ، وإن مر بالميقات غير محرم فمات قبل أن يحرم فلا إجارة له ; لأنه لم يعمل في الحج ، وإن مات بعدما أحرم من وراء الميقات حسبت له الإجارة من يوم أحرم من وراء الميقات ولم تحسب له من الميقات إذا لم يحرم منه ; لأنه ترك العمل فيه ، وإن خرج للحج فترك الإحرام والتلبية وعمل عمل الحج أو لم يعمله إذا قال لم أحرم بالحج أو قال اعتمرت ولم أحج أو قال استؤجرت على الحج فاعتمرت فلا شيء له ، وكذلك لو حج فأفسده ; لأنه تارك للإجارة مبطل لحق نفسه ، ولو
استأجره ليحج عنه على أن يحرم من موضع فأحرم منه ثم مات في الطريق فله من الإجارة بقدر ما مضى من سفره أو استأجره على أن يهل من وراء الميقات ففعل فقد قضى بعض ما استأجره عليه ، وإذا استأجره ، فإنما عليه أن يحرم من الميقات ، وإحرامه قبل الميقات تطوع ، ولو
استأجره على [ ص: 136 ] أن يحج عنه من اليمن فاعتمر عن نفسه ثم خرج إلى الميقات الذي استؤجر عليه فأهل بحج عن الذي استأجره ، فلا يجزيه إذا أهل بالعمرة عن نفسه إلا أن يخرج إلى ميقات المستأجر الذي شرط أن يهل منه فيهل عنه بالحج منه ، فإن لم يفعل وأهل بالحج من دون الميقات فكان عليه أن يهل فبلغ الميقات فأهل منه بالحج عنه أجزأ عنه وإلا أهراق دما ، وذلك من ماله دون مال المستأجر ، ويرد من الإجارة بقدر ما يصيب ما بين الميقات الموضع الذي أحرم منه ; لأنه شيء من عمله نقصه ، ولا يحسب الدم على المستأجر ; لأنه بعمله كان ويجزئه الحج على كل حال شرط عليه أن يهل من دون الميقات أو من وراء الميقات أو منه وكل شيء أحدثه الأجير في الحج لم يأمره به المستأجر مما يجب عليه فيه الفدية فالفدية عليه في ماله دون مال المستأجر ، ولو
أهل بالحج بعد العمرة عن نفسه من ميقات المستأجر عن المستأجر ثم مات قبل أن يقضي الحج ، كان له من الإجارة بقدر ما عمل من الحج وقد قيل لا أجر له إلا أن يكمل الحج ، ومن قال هذا القول قاله في الحاج عن الرجل لا يستوجب من الإجارة شيئا إلا بكمال الحج وهذا قول يتوجه ، والقياس القول الأول ; لأن لكل حظا من الإجارة