ما يكون قبضا في الرهن ، ولا يكون ، ، وما يجوز أن يكون رهنا .
( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ) : رحمه الله كل ما كان قبضا في البيوع كان قبضا في الرهن والهبات والصدقات لا يختلف ذلك فيجوز رهن الدابة والعبد والدنانير والدراهم والأرضين وغير ذلك ويجوز رهن الشقص من الدار والشقص من العبد ، ومن السيف ، ومن اللؤلؤة ، ومن الثوب كما يجوز أن يباع هذا كله والقبض فيه أن يسلم إلى مرتهنه لا حائل دونه كما يكون القبض في البيع قبض العبد والثوب ، وما يجوز أن يأخذه مرتهنه من يد راهنه .
وقبض ما لا يحول من أرض ودار وغراس أن يسلم لا حائل دونه ، وقبض الشقص مما لا يحول كقبض الكل أن يسلم لا حائل دونه ، وقبض الشقص مما يحول مثل السيف واللؤلؤة ، وما أشبههما أن يسلم للمرتهن فيها حقه حتى يضعها المرتهن والراهن على يد عدل أو في يد الشريك فيها الذي ليس براهن أو يد المرتهن ، فإذا كان بعض هذا فهو قبض ، وإن صيرها المرتهن إلى الراهن أو إلى غيره بعد القبض فليس بإخراج لها من الرهن كما وصفت لا يخرجها إلا فسخ الرهن أو البراءة من الحق الذي به الرهن .
وإذا
أقر الراهن أن المرتهن قد قبض الرهن وادعى ذلك المرتهن حكم له بأن الرهن تام بإقرار الراهن ودعوى المرتهن ، ولو
كان الرهن في الشقص غائبا فأقر الراهن أن المرتهن قد قبض الرهن وادعى ذلك [ ص: 145 ] المرتهن أجزت الإقرار ; لأنه قد يقبض له ، وهو غائب عنه فيكون قد قبضه بقبض من أمره بقبضه له .
ولو كان
لرجل عبد في يدي رجل بإجارة أو وديعة فرهنه إياه وأمره بقبضه كان هذا رهنا إذا جاءت عليه ساعة بعد ارتهانه إياه ، وهو في يده ; لأنه مقبوض في يده بعد الرهن ، ولو كان العبد الرهن غائبا عن المرتهن لم يكن قبضا حتى يحضره فإذا أحضره بعدما أذن له بقبضه فهو مقبوض كما يبيعه إياه ، وهو في يديه ويأمره بقبضه فيقبضه بأنه في يديه فيكون البيع تاما ، ولو مات مات من مال المشتري ، ولو كان غائبا لم يكن مقبوضا حتى يحضر المشتري بعد البيع فيكون مقبوضا بعد حضوره ، وهو في يديه . ولو كانت له عنده ثياب أو شيء مما لا يزول بنفسه وديعة أو عارية أو بإجارة فرهنه إياها ، وأذن له في قبضها قبل القبض ، وهي غير غائبة عن منزله كان هذا قبضا ، وإن كانت غائبة عن منزله لم يكن قبضا حتى يحدث لها قبضا ، وإن كان رهنه إياها في سوق أو مسجد ، وهي في منزله وأذن له في قبضها لم يكن قبضا حتى يصير إلى منزله ، وهي فيه فيكون لها حينئذ قابضا ; لأنها قد تخرج من منزله بخلافه إلى سيدها وغيره ، ولا يكون القبض إلا ما حضره المرتهن لا حائل دونه أو حضره وكيله كذلك .
ولو كان
الرهن أرضا أو دارا غائبة عن المرتهن ، وهي وديعة في يديه ، وقد وكل بها فأذن له في قبضها لم يكن مقبوضا حتى يحضرها المرتهن أو وكيله بعد الرهن مسلمة لا حائل دونها ; لأنها إذا كانت غائبة عنه فقد يحدث لها مانع منه فلا تكون مقبوضة أبدا إلا بأن يحضرها المرتهن أو وكيله لا حائل دونها ، ولو جاءت عليه في هذه المسائل مدة يمكنه أن يبعث رسولا إلى الرهن حيث كان يقبضه فادعى المرتهن أنه قبضه كان مقبوضا ; لأنه يقبض له ، وهو غائب عنه .
وإذا
رهن الرجل رهنا وتراضى الراهن والمرتهن بعدل يضعانه على يديه فقال العدل قد قبضته لك ثم اختلف الراهن والمرتهن فقال الراهن : لم يقبضه لك العدل ، وقال المرتهن قد قبضه لي فالقول قول الراهن وعلى المرتهن البينة أن العدل قد قبضه له ; لأنه وكيل له فيه ، ولا أقبل فيه شهادته ; لأنه يشهد على فعل نفسه ، ولا يضمن المأمور بقبض الرهن بغروره المرتهن شيئا من حقه ، وكذا لو أفلس غريمه أو هلك الرهن الذي ارتهنه فقال قبضته ، ولم يقبضه ; لأنه لم يضمن له شيئا ، وقد أساء في كذبه .
ولو كان كل ما ذكرت من
الرهن في يدي المرتهن بغصب الراهن فرهنه إياه قبل أن يقبضه منه وأذن له في قبضه فقبضه كان رهنا ، وكان مضمونا على الغاصب بالغصب حتى يدفعه إلى المغصوب فيبرأ أو يبرئه المغصوب من ضمان الغصب ، ولا يكون أمره له بالقبض لنفسه براءة من ضمان الغصب ، وكذلك لو كان في يديه بشراء فاسد ; لأنه لا يكون وكيلا لرب المال في شيء على نفسه ألا ترى أنه لو أمره أن يقبض لنفسه من نفسه حقا فقبضه ، وهلك لم يبرأ منه ، ولكنه لو رهنه إياه وتواضعاه على يدي عدل كان الغاصب والمشتري شراء فاسدا بريئين من الضمان بإقرار وكيل رب العبد أنه قد قبضه بأمر رب العبد ، وكان كإقرار رب العبد أنه قد قبضه ، وكان رهنا مقبوضا ؟ .
ولو
قال الموضوع على يديه الرهن بعد قوله قد قبضته : لم أقبضه لم يصدق على الغاصب ، ولا المشتري شراء فاسدا ، وكان بريئا من الضمان كما يبرأ لو قال رب العبد : قد قبضته منه ، وكان مقبوضا بإقرار الموضوع على يديه الرهن أنه قبضه . ولو
رهن رجل رجلا عبدين أو عبدا وطعاما أو عبدا ودارا أو دارين فقبض أحدهما ، ولم يقبض الآخر كان الذي قبض رهنا بجميع الحق ، وكان الذي لم يقبض خارجا من الرهن حتى يقبضه إياه الراهن ، ولا يفسد الذي قبض بأن لم يقبض
[ ص: 146 ] الذي معه في عقدة الرهن ، وليس كالبيوع في هذا .
وكذلك لو قبض أحدهما ، ومات الآخر أو قبض أحدهما ، ومنعه الآخر كان الذي قبض رهنا والذي لم يقبض خارجا من الرهن ، وكذلك لو وهب له دارين أو عبدين أو دارا وعبدا فأقبضه أحدهما ، ومنعه الآخر كان له الذي قبض ، ولم يكن له الذي منعه ، وكذلك لو لم يمنعه ، ولكنه غاب عنه أحدهما لم تكن الهبة في الغائب تامة حتى يسلطه على قبضه فيقبضه بأمره . وإذا
رهنه رهنا فأصاب الرهن عيب إما كان عبدا فاعور أو قطع أو أي عيب أصابه فأقبضه إياه فهو رهن بحاله فإن قبضه ثم أصابه ذلك العيب عند المرتهن فهو رهن بحاله ، وهكذا لو كانت دارا فانهدمت أو حائطا فتقعر نخله وشجره وانهدمت عينه كان رهنا بحاله ، وكان للمرتهن منع الراهن من بيع خشب نخله وبيع بناء الدار ; لأن ذلك كله داخل في الرهن .
إلا أن يكون
ارتهن الأرض دون البناء والشجر فلا يكون له منع ما لم يدخل في رهنه ، ولو رهنه أرض الدار ، ولم يسم له البناء في الرهن أو حائطا ، ولم يسم له الغراس في الرهن كانت الأرض له رهنا دون البناء والغراس ، ولا يدخل في الرهن إلا ما سمي داخلا فيه ، ولو
قال رهنتك بناء الدار كانت الدار له رهنا دون أرضها ، ولا يكون له الأرض والبناء حتى يقول رهنتك أرض الدار وبناءها وجميع عمارتها . ولو قال : رهنتك نخلي كانت النخل رهنا ، ولم يكن ما سواها من الأرض ، ولا البناء عليها رهنا حتى يكتب : رهنتك حائطي بحدوده أرضه وغراسه وبنائه وكل حق له فيكون جميع ذلك رهنا .
ولو
قال رهنتك بعض داري أو رهنتك شقصا أو جزءا من داري لم يكن هذا رهنا ، ولو أقبضه جميع الدار حتى يسمي كم ذلك البعض أو الشقص أو الجزء ربعا أو أقل أو أكثر منه كما لا يكون بيعا ، وكذلك لو أقبضه الدار ، ولو قال : رهنتكها إلا ما شئت أنا وأنت منها أو إلا جزءا منها لم يكن رهنا .