قال : وإذا
غصب الرجل من الرجل الجارية فأقر الغاصب بأنه غصبه جارية وقال : ثمنها عشرة . وقال المغصوب : ثمنها مائة فالقول قول الغاصب مع يمينه ، ولا تقوم على الصفة من قبل أن التقويم على الصفة لا يضبط قد تكون الجاريتان بصفة ، ولون وسن وبينهما كثير في القيمة بشيء يكون في الروح والعقل واللسان فلا يضبط إلا بالمعاينة فيقال لرب الجارية : إن رضيت وإلا فإن أقام بينة أخذ له ببينته وإن لم يقمها أحلف له الغاصب وكان القول قوله ، ولو أقام عليه شاهدين بأنه غصبه جارية فهلكت الجارية في يديه ، ولم يثبت الشاهدان على قيمتها كان القول في قيمتها قول الغاصب مع يمينه ، ولو وصفها الشاهدان بصفة أنها كانت صحيحة علم أن قيمتها أكثر مما قال الغاصب كان القول قول الغاصب ; لأنه قد يمكن أن يكون ثم داء أو غائلة تخفى يصير بها ثمنها إلى ما قال الغاصب فإذا أمكن ما قال الغاصب بحال كان القول قوله مع يمينه ، وهكذا قول من يغرم شيئا من الدنيا بأي وجه ما دخل عليه الغرم إذا أمكن أن يكون القول قوله كان القول قوله ، ولا يؤخذ منه خلاف ما أقر به إلا ببينة .
ألا ترى أنا نجعل في الأكثر من الدعوى عليه القول قوله ؟ فلو قال رجل غصبني أو لي عليه دين أو عنده وديعة كان القول قوله مع يمينه ، ولم نلزمه شيئا لم يقر به فإذا أعطيناه هذا في الأكثر كان الأقل أولى أن نعطيه إياه فيه ، ولا تجوز القيمة على ما لا يرى ، وذلك أنا ندرك ما وصفت من علم أن الجاريتين تكونان في صفة وإحداهما أكثر ثمنا من الأخرى بشيء غير بعيد فلا تكون القيم إلا على ما عوين . أولا ترى أن فيما عوين لا نولي القيمة فيه إلا أهل العلم به في يومه الذي يقومونه فيه ؟ ، ولا تجوز لهم القيمة حتى يكشفوا عن الغائلة والأدواء ثم يقيسوه بغيره ثم يكون أكثر ما عندهم في ذلك تآخي قدر القيمة على قدر ما يرى من سعر يومه فإذا كان هذا هكذا لم يجز التقويم على المغيب .
فإن قال : صفته كذا ، ولا أعرف قيمته قلنا لرب الثوب ادع في قيمته ما شئت فإذا فعل قلنا للغاصب قد ادعى ما تسمع فإن عرفته فأده إليه بلا يمين وإن لم تعرفه فأقر بما شئت نحلفك عليه وتدفعه إليه . فإن قال لا أحلف قلنا فرد اليمين عليه فيحلف عليك ويستحق ما ادعى إن ثبت على الامتناع من اليمين فإن حلف بعد أن بين هذا له فقد جاء بما عليه ، وإن امتنع أحلفنا المدعي ثم ألزمناه جميع ما حلف عليه فإن أراد اليمين بعد يمين المدعي لم نعطه إياها فإن جاء ببينة على
[ ص: 259 ] أقل مما حلف عليه المدعي أعطيناه بالبينة وكانت البينة أولى من اليمين الفاجرة .