باب ما يجوز من الوصية في حال ، ولا يجوز في أخرى .
( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ) رحمه الله تعالى ، ولو
قال : أعطوا فلانا كلبا من كلابي وكانت له كلاب كانت الوصية
[ ص: 96 ] جائزة ; لأن الموصى له يملكه بغير ثمن ، وإن استهلكه الورثة ، ولم يعطوه إياه ، أو غيرهم لم يكن له ثمن يأخذه ; لأنه لا ثمن للكلب ، ولو لم يكن له كلب فقال : أعطوا فلانا كلبا من مالي كانت الوصية باطلة ; لأنه ليس على الورثة ، ولا لهم أن يشتروا من ثلثه كلبا فيعطوه إياه ، ولو استوهبوه فوهب لهم لم يكن داخلا في ماله وكان ملكا لهم ، ولم يكن عليهم أن يعطوا ملكهم للموصى له والموصي لم يملكه .
ولو
قال : أعطوه طبلا من طبولي وله الطبل الذي يضرب به للحرب والطبل الذي يضرب به للهو فإن كان الطبل الذي يضرب به للهو يصلح لشيء غير اللهو قيل : للورثة أعطوه أي الطبلين شئتم ; لأن كلا يقع عليه اسم طبل ، ولو لم يكن له إلا أحد الصنفين ، لم يكن لهم أن يعطوه من الآخر وهكذا لو قال : أعطوه طبلا من مالي ، ولا طبل له ابتاع له الورثة أي الطبلين شاءوا بما يجوز له فيه ، وإن ابتاعوا له الطبل الذي يضرب به للحرب فمن أي عود ، أو صفر شاءوا ابتاعوه ويبتاعونه وعليه أي جلد شاءوا مما يصلح على الطبول فإن أخذه بجلدة لا تعمل على الطبول لم يجز ذلك حتى يأخذوه بجلدة يتخذ مثلها على الطبول ، وإن كانت أدنى من ذلك فإن اشترى له الطبل الذي يضرب به فكان يصلح لغير الضرب واشترى له طبلا فإن كان الجلدان اللذان يجعلان عليهما يصلحان لغير الضرب أخذ بجلدته ، وإن كانا لا يصلحان لغير الضرب أخذ الطبلين بغير جلدين ، وإن كان يقع على طبل الحرب اسم طبل بغير جلدة أخذته الورثة إن شاءوا بلا جلد ، وإن كان الطبل الذي يضرب به لا يصلح إلا للضرب لم يكن للورثة أن يعطوه طبلا إلا طبلا للحرب كما لو كان
أوصى له بأي دواب الأرض شاء الورثة لم يكن لهم أن يعطوه خنزيرا .
ولو قال : أعطوه كبرا كان الكبر الذي يضرب به دون ما سواه من الطبول ودون الكبر الذي يتخذه النساء في رءوسهن ; لأنهن إنما سمين ذلك كبرا تشبيها بهذا وكان القول فيه كما وصفت إن صلح لغير الضرب جازت الوصية ، وإن لم يصلح إلا للضرب لم تجز عندي ، ولو
قال : أعطوه عودا من عيداني وله عيدان يضرب بها وعيدان قسي وعصي وغيرها فالعود إذا وجه به المتكلم للعود الذي يضرب به دون ما سواه مما يقع عليه اسم عود فإن كان العود يصلح لغير الضرب جازت الوصية ، ولم يكن عليه إلا أقل ما يقع عليه اسم عود وأصغره بلا وتر ، وإن كان لا يصلح إلا للضرب بطلت عندي الوصية وهكذا القول في المزامير كلها .
وإن قال : مزمار من مزاميري ، أو من مالي فإن كانت له مزامير شتى فأيها شاءوا أعطوه ، وإن لم يكن له إلا صنف منها أعطوه من ذلك الصنف ، وإن قال : مزمار من مالي أعطوه أي مزمار شاءوا - ناي ، أو قصبة أو غيرها - إن صلحت لغير الزمر ، وإن لم تصلح إلا للزمر لم يعط منها شيئا ، ولو
أوصى رجل لرجل بجرة خمر بعينها بما فيها أهريق الخمر وأعطي ظرف الجرة .
ولو
قال : أعطوه قوسا من قسيي وله قسي معمولة وقسي غير معمولة ، أو ليس له منها شيء فقال : أعطوه عودا من القسي كان عليهم أن يعطوه قوسا معمولة أي قوس شاءوا - صغيرة أو كبيرة عربية ، أو أي عمل شاءوا - إذا وقع عليها اسم قوس ترمى بالنبل ، أو النشاب ، أو الحسبان ومن أي عود شاءوا ، ولو أرادوا أن يعطوه قوس جلاهق ، أو قوس نداف أو قوس كرسف لم يكن لهم ذلك ; لأن من وجه بقوس فإنما يذهب إلى قوس رمى بما وصفت ، وكذلك لو قال أي قوس شئتم ، أو أي قوس الدنيا شئتم ، ولكنه لو قال : أعطوه أي قوس شئتم مما يقع عليه اسم قوس أعطوه إن شاءوا قوس نداف ، أو قوس قطن ، أو ما شاءوا مما وقع عليه اسم قوس ، ولو كان له صنف من القسي فقال : أعطوه
[ ص: 97 ] من قسيي لم يكن لهم أن يعطوه من غير ذلك الصنف ، ولا عليهم وكان لهم أن يعطوه أيها شاءوا أكانت عربية ، أو فارسية ، أو دودانية أو قوس حسبان ، أو قوس قطن .