كتاب الحكم في قتال المشركين ومسألة مال الحربي أخبرنا
الربيع قال أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قال :
الحكم في قتال المشركين حكمان فمن غزا منهم أهل الأوثان ومن عبد ما استحسن من غير
أهل الكتاب من كانوا فليس له أن يأخذ منهم الجزية ، ويقاتلهم إذا قوي عليهم حتى يقتلهم أو يسلموا وذلك لقول الله عز وجل {
فإذا انسلخ الأشهر الحرم } الآيتين ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2081أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله } .
( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ) رحمه الله تعالى ومن كان من
أهل الكتاب من المشركين المحاربين قوتلوا حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، فإذا أعطوها لم يكن للمسلمين قتلهم ولا إكراههم على غير دينهم لقول الله عز وجل {
قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } الآية وإذا قوتل أهل الأوثان
وأهل الكتاب قتلوا وسبيت ذراريهم ومن لم يبلغ الحلم والمحيض منهم ونساؤهم البوالغ وغير البوالغ ثم كانوا جميعا فيئا يرفع منهم الخمس ويقسم الأربعة الأخماس على من أوجف عليهم بالخيل والركاب ، فإن أثخنوا فيهم وقهروا من قاتلوه منهم حتى تغلبوا على بلادهم قسمت الدور والأرضون قسم الدنانير والدراهم لا يختلف ذلك تخمس وتكون أربعة أخماسها لمن حضر ، وإذا
أسر البالغون من الرجال فالإمام فيهم بالخيار بين أن يقتلهم إن لم يسلم أهل الأوثان أو يعط الجزية
أهل الكتاب ، أو يمن عليهم أو يفاديهم بمال يأخذه منهم أو بأسرى من المسلمين يطلقون لهم أو يسترقهم فإن استرقهم أو أخذ منهم مالا فسبيله سبيل الغنيمة يخمس ويكون أربعة أخماسه لأهل الغنيمة ، فإن قال قائل : كيف حكمت في المال والولدان والنساء حكما واحدا وحكمت في الرجال أحكاما متفرقة ، قيل {
ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قريظة وخيبر فقسم عقارهما من الأرضين والنخل قسمة الأموال وسبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدان بني المصطلق وهوازن ونساءهم فقسمهم قسمة الأموال وأسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بدر فمنهم من من عليه بلا شيء أخذه منه ، ومنهم من أخذ منه فدية ومنهم من قتله ، وكان المقتولان بعد الإسار يوم بدر عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث ، وكان من الممنون عليهم بلا فدية أبو عزة الجمحي تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم لبناته وأخذ عليه عهدا أن لا يقاتله فأخفره وقاتله يوم أحد فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يفلت فما أسر من المشركين رجلا غيره فقال يا محمد امنن علي ودعني لبناتي وأعطيك عهدا أن لا أعود لقتالك فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تمسح على عارضيك بمكة تقول قد خدعت محمدا مرتين فأمر به فضربت عنقه ، ثم أسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمامة بن أثال الحنفي بعد فمن عليه ثم عاد ثمامة بن أثال فأسلم وحسن إسلامه } أخبرنا
الثقفي عن
أيوب عن
nindex.php?page=showalam&ids=12134أبي قلابة عن
أبي المهلب عن
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين {
nindex.php?page=hadith&LINKID=77659أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فدى رجلا من المسلمين برجلين من المشركين } .
( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ) رحمه الله تعالى ولا يجوز لأحد من المسلمين أن يعمد
قتل النساء والولدان لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتلهم . أخبرنا
سفيان عن
الزهري عن
ابن كعب بن مالك عن عمه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=77660أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى الذين بعث إلى ابن أبي الحقيق عن قتل النساء والولدان } .
( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ) لا يعمدون بقتل وللمسلمين أن يشنوا عليهم
الغارة ليلا ونهارا فإن أصابوا من النساء
[ ص: 253 ] والولدان أحدا لم يكن فيه عقل ولا قود ولا كفارة ، فإن قال قائل ما دل على هذا ؟ قيل أخبرنا
سفيان عن
الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن
الصعب بن جثامة الليثي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=77661أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وأبنائهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هم منهم } وربما قال
سفيان في الحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38981هم من آبائهم } .
( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ) رحمه الله تعالى : فإن قال قول النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38981هم من آبائهم } قيل لا عقل ولا قود ولا كفارة ، فإن قال فلم لا يعمدون بالقتل ؟ قيل لنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يعمدوا به فإن قال فلعل الحديثين مختلفان ؟ قيل : لا ولكن معناهما ما وصفت فإن قال ما دل على ما قلت ؟ قيل له إن شاء الله تعالى إذا لم ينه عن الإغارة ليلا فالعلم يحيط أن القتل قد يقع على الولدان وعلى النساء . فإن قال فهل أغار على قوم ببلد غارين ليلا أو نهارا ؟ قيل نعم أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16664عمر بن حبيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16453عبد الله بن عون أن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافعا مولى ابن عمر كتب إليه يخبره أن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله تعالى عنهما . أخبره {
nindex.php?page=hadith&LINKID=77662أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارون في نعمهم بالمريسيع فقتل المقاتلة وسبى الذرية } .
( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ) رحمه الله تعالى وفي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=77663أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بقتل ابن أبي الحقيق غارا دلالة على أن الغار يقتل وكذلك أمر بقتل كعب بن الأشرف فقتل غارا } فإن قال قائل فقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس {
nindex.php?page=hadith&LINKID=77664كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل بقوم ليلا لم يغر حتى يصبح } قيل له إذا كان موجودا في سنته أنه أمر بما وصفنا من قتل الغارين وأغار على الغارين ولم ينه في حديث
الصعب عن البيات دل ذلك على أن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس غير مخالف لهذه الأحاديث ولكنه قد يترك الغارة ليلا لأن يعرف الرجل من يقاتل أو أن لا يقتل الناس بعضهم بعضا وهم يظنون أنهم من المشركين فلا يقتلون بين الحصن ولا في الآكام حيث لا يبصرون من قبلهم لا على معنى أنه حرم ذلك وفيما وصفنا من هذا كله ما يدل على أن الدعاء للمشركين إلى الإسلام أو إلى الجزية إنما هو واجب لمن تبلغه الدعوة فأما من بلغته الدعوة فللمسلمين قتله قبل أن يدعى وإن دعوه فذلك لهم من قبل أنهم إذا كان لهم ترك قتاله بمدة تطول فترك قتاله إلى أن يدعى أقرب فأما من لم تبلغه دعوة المسلمين فلا يجوز أن يقاتلوا حتى يدعوا إلى الإيمان إن كانوا من غير
أهل الكتاب أو إلى الإيمان أو إعطاء الجزية إن كانوا من
أهل الكتاب ولا أعلم أحدا لم تبلغه الدعوة اليوم إلا أن يكون من وراء عدونا الذين يقاتلونا أمة من المشركين فلعل أولئك أن لا تكون الدعوة بلغتهم وذلك مثل أن يكونوا خلف
الروم أو
الترك أو الخزر أمة لا نعرفهم فإن قتل أحد من المسلمين أحدا من المشركين لم تبلغه الدعوة وداه إن كان نصرانيا أو يهوديا دية نصراني أو يهودي وإن كان وثنيا أو مجوسيا دية المجوسي وإنما تركنا قتل النساء والولدان بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهم ليسوا ممن يقاتل فإن قاتل النساء أو من لم يبلغ الحلم لم يتوق ضربهم بالسلاح وذلك أن ذلك إذا لم يتوق من المسلم إذا أراد دم المسلم كان ذلك من نساء المشركين ومن لم يبلغ الحلم منهم أولى أن لا يتوقى وكانوا قد زايلوا الحال التي نهى عن قتلهم فيها وإذا أسروا أو هربوا أو جرحوا وكانوا ممن لا يقاتل فلا يقتلون لأنهم قد زايلوا الحال التي أبيحت فيها دماؤهم وعادوا إلى أصل حكمهم بأنهم ممنوعين بأن يقصد قصدهم بالقتل
ويترك قتل الرهبان وسواء رهبان الصوامع ورهبان الديارات والصحاري وكل من يحبس نفسه بالترهب تركنا قتله اتباعا
nindex.php?page=showalam&ids=1لأبي بكر رضي الله تعالى عنه وذلك أنه إذا
[ ص: 254 ] كان لنا أن ندع قتل الرجال المقاتلين بعد المقدرة وقتل الرجال في بعض الحالات لم نكن آثمين بترك الرهبان إن شاء الله تعالى وإنما قلنا هذا تبعا لا قياسا ولو أنا زعمنا أنا تركنا قتل الرهبان لأنهم في معنى من لا يقاتل تركنا قتل المرضى حين نغير عليهم والرهبان وأهل الجبن والأحرار والعبيد وأهل الصناعات الذين لا يقاتلون فإن قال قائل ما دل على أنه يقتل من لا قتال منه من المشركين ؟ قيل قتل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
حنين دريد بن الصمة وهو في شجار مطروح لا يستطيع أن يثبت جالسا وكان قد بلغ نحوا من خمسين ومائة سنة فلم يعب رسول الله صلى الله عليه وسلم قتله ولم أعلم أحدا من المسلمين عاب أن نقتل من رجال المشركين من عدا الرهبان ولو جاز أن يعاب قتل من عدا الرهبان بمعنى أنهم لا يقاتلون لم يقتل الأسير ولا الجريح المثبت وقد ذفف على الجرحى بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم
أبو جهل بن هشام ذفف عليه ابن
مسعود وغيره وإذا لم يكن في ترك قتل الراهب حجة إلا ما وصفنا غنمنا كل مال له في صومعته وغير صومعته ولم ندع له منه شيئا لأنه لا خير في أن يترك ذلك له فيتبع ، وتسبى أولاد الرهبان ونساؤهم إن كانوا غير مترهبين . والأصل في ذلك أن الله عز وجل أباح أموال المشركين فإن قيل فلم لا تمنع ماله ؟ قيل كما لا أمنع مال المولود والمرأة وأمنع دماءهما وأحب لو ترهب النساء تركهن كما أترك الرجال فإن ترهب عبد من المشركين أو أمة سبيتهما من قبل أن السيد لو أسلم قضيت له أن يسترقهما ويمنعهما الترهب لأن المماليك لا يملكون من أنفسهم ما يملك الأحرار فإن قال قائل وما الفرق بين المماليك والأحرار . قيل لا يمنع حر من غزو ولا حج ولا تشاغل ببر عن صنعته بل يحمد على ذلك ويكون الحج والغزو لازمين له في بعض الحالات ولمالك العبد منعه من ذلك وليس يلزم العبد من هذا شيء .