( قال ) : وإذا
شهد شهود على رجل بحد ما كان ، أو حق ما كان فقال المشهود عليه هم عبيد ، أو لم يقله فحق على الحاكم أن لا يقبل شهادة أحد منهم حتى يثبت عنده بخبرة منه بهم ، أو ببينة تقوم عنده أنهم أحرار بالغون مسلمون عدول فإذا ثبت هذا عنده أخبر المشهود عليه ، ثم أطرده جرحتهم فإن جاء بها قبلها منه ، وإن لم يأت بها أنفذ عليه ما شهدوا به ( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ) رحمه الله تعالى : وليس من الناس أحد نعلمه إلا أن يكون قليلا يمحض الطاعة ، والمروءة حتى لا يخلطهما بشيء من معصية ولا ترك مروءة ولا يمحض المعصية ويترك المروءة حتى لا يخلطه بشيء من الطاعة والمروءة . فإذا كان الأغلب على الرجل الأظهر من أمره الطاعة ، والمروءة قبلت شهادته ، وإذا كان الأغلب الأظهر من أمره المعصية وخلاف المروءة رددت شهادته وكل من كان مقيما على معصية فيها حد وأخذ فلا نجيز شهادته وكل من كان منكشف الكذب مظهره غير مستتر به لم تجز شهادته ، وكذلك كل من جرب بشهادة زور وإن كان غير كذاب في الشهادات ومن كان إنما يظن به الكذب وله مخرج منه لم يلزمه اسم كذاب وكل من تأول ، فأتى شيئا مستحلا كان فيه حد ، أو لم يكن لم ترد شهادته بذلك ألا ترى أن ممن حمل عنه الدين ونصب علما في البلدان من قد يستحل المتعة فيفتي بأن ينكح الرجل المرأة أياما بدراهم مسماة ، وذلك عندنا وعند غيرنا من أهل الفقه محرم وأن منهم من يستحل الدينار بعشرة دنانير يدا بيد ، وذلك عندنا وعند غيرنا من أهل الفقه محرم وأن منهم من قد تأول فاستحل سفك الدماء ولا نعلم شيئا أعظم من سفك الدماء بعد الشرك ومنهم من تأول فشرب كل مسكر غير الخمر وعاب على من حرمه وغيره يحرمه .
ومنهم من أحل إتيان النساء في أدبارهن وغيره يحرمه ، ومنهم من أحل بيوعا محرمة عند غيره فإذا كان هؤلاء مع ما وصفت وما أشبهه أهل ثقة في دينهم وقناعة عند من عرفهم ، وقد ترك عليهم ما تأولوا ، فأخطئوا فيه ولم يجرحوا بعظيم الخطإ إذا كان منهم على وجه الاستحلال كان جميع أهل الأهواء في هذه المنزلة فإذا كانوا هكذا فاللاعب بالشطرنج وإن كرهناها له وبالحمام وإن كرهناها له أخف حالا من هؤلاء بما لا يحصى ولا يقدر ، فأما إن قام رجل بالحمام ، أو بالشطرنج رددنا بذلك شهادته ، وكذلك لو قامر بغيره فقامر على أن يعادي إنسانا ، أو يسابقه ، أو يناضله ، وذلك أنا لا نعلم أحدا من الناس استحل القمار ولا تأوله ولكنه لو جعل فيها سبقا متأولا كالسبق في الرمي وفي الخيل قيل له قد أخطأت خطأ فاحشا ولا ترد شهادته بذلك حتى يقيم عليه بعدما يبين له ، وذلك أنه لا غفلة في هذا على أحد وأن العامة مجتمعة على أن هذا محرم قال وبائع الخمر مردود الشهادة لأنه لا فرق بين أحد من المسلمين
[ ص: 57 ] في أن بيعها محرم ، فأما من عصر عنبا فباعه عصيرا فهو في الحال التي باعه فيها حلال كالعنب يشتريه كما يأكل العنب وأحب إلي له أن يحسن التوقي فلا يبيعه ممن يراه يتخذه خمرا فإن فعل لم أفسخ البيع من قبل أنه باعه حلالا ونية صاحبه في إحداث المحرم فيه لا تحرم الحلال ولا ترد شهادته بذلك من قبل أنه قد يعقد ربا ويتخذ خلا فإذا كانت الحال التي باعه فيها حلالا يحل فيها بيعه ، وكان قد يتخذ حلالا وحراما فليس الحرام بأولى به من الحلال ، بل الحلال أولى به من الحرام وبكل مسلم ( قال ) :
، وإذا شهد الشهود بشيء فلم يحكم به الحاكم حتى يحدث للشهود حال ترد بها شهادتهم لم يحكم عليه ، ولا يحكم عليه حتى يكونوا عدولا يوم يحكم عليه ولكنه لو حكم بشهادتهم وهم عدول ، ثم تغيرت حالهم بعد الحكم لم يرد الحكم ; لأنه إنما ينظر إلى عدلهم يوم يقطع الحكم بهم