صفحة جزء
القصاص بين العبيد والأحرار

قال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه لا قود بين العبيد والأحرار إلا في النفس فإن العبد إذا قتل حرا متعمدا أو قتله الحر متعمدا قتل به وقال أهل المدينة ليس بين العبيد والأحرار قود إلا أن يقتل العبد الحر فيقتل العبد بالحر وقال محمد بن الحسن كيف يكون نفسان تقتل بصاحبتها إن قتلتها الأخرى ولا تقتل بها الأخرى إن قتلتها ؟ قالوا لنقصان العبد عن نفس الحر فهذا الرجل يقتل المرأة عمدا وديتها نصف دية الرجل فيقتل بها ، وكذلك الوجه الأول وقد بلغنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : إذا قتل الحر العبد متعمدا قتل به .

أخبرنا محمد بن أبان بن صالح القرشي عن حماد عن إبراهيم أنه قال : ليس بين الرجال والنساء ولا بين الأحرار والمملوكين فيما بينهم قصاص فيما دون النفس ( قال الشافعي ) إذا كان الحر القاتل للعبد فلا قود بينهما في نفس ولا غيرها وإذا قتل العبد الحر أو جرحه فلأولياء الحر أن يستقيدوا منه في النفس وللحر أن يستقيد منه في الجراح إن شاء أو يأخذ الأرش في عنقه إن شاء ويدع القود قال محمد بن الحسن إن المدنيين زعموا أنهم إنما تركوا إقادة العبد من الحر لنقص نفس العبد عن نفس الحر وقد يقيدون المرأة من الرجل وهي أنقص نفسا منه ( قال الشافعي ) رحمه الله : ولا أعرف من قال هذا له ولا احتج به عليه من المدنيين إلا أن يقوله له من ينسبونه إلى علم فيتعلق به وإنما منعنا من قود العبد من الحر ما لا اختلاف بيننا فيه والسبب الذي قلناه له مع الاتباع أن الحر كامل الأمر في أحكام الإسلام والعبد ناقص الأمر في عام أحكام الإسلام وفي الحدود فيما يتصف منها بأن حده نصف حد الحر ويقذف فلا يحد له قاذفه ولا يرث ولا يورث ولا تجوز شهادته ولا يأخذ سهما إن حضر القتال وأما المرأة فكاملة الأمر في الحرية والإسلام وحدها وحد الرجل في كل شيء سوى وميراثها ثابت بما جعل الله لها وشهادتها جائزة حيث أجيزت وليست ممن عليه فرض الجهاد فلذلك لا تأخذ سهما ولو كان المعنى الذي روى محمد عمن روى عنه من المدنيين أنه لنقص الدية كان المدنيون قد يجعلون في نفس العبد قيمته وإن كانت عدد ديات أحرار فكان ينبغي لهم أن لا يقتلوا العبد الذي قيمته ألفا دينار بحر إنما قيمته ألف دينار ولكن الدية ليست عندهم من معنى القصاص بسبيل وقول محمد بن الحسن ينقض بعضه بعضا أرأيت إذا قتله به وأقاد النفس التي هي جماع البدن كله من الحر بنفس العبد فكيف لا [ ص: 327 ] يقصه منه في موضحة إذا كان الكل بالكل فالبعض بالبعض أولى ، فإن جاز لأحد أن يفرق بينهم جاز لغيره أن يقصه منه في الجراح ولا يقصه منه في النفس

، ثم جاز لغيره أن يبعض الجراح فيقصه في بعضها ولا يقصه في بعض في الموضع الذي ذكر الله عز وجل فيه القصاص فقال { النفس بالنفس } الآية إلى قوله { والجروح قصاص } وأصل ما يذهب إليه محمد بن الحسن في الفقه أنه لا يجوز أن يقال بشيء من الفقه إلا بخبر لازم أو قياس وهذا من قوله ليس بخبر لازم فيما علمت وضد القياس فأما قول محمد بن الحسن رحمه الله تعالى كيف يكون نفسان تقتل إحداهما بالأخرى ولا تقتل الأخرى بها فلنقص القاتل فإذا كان القاتل ناقص الحرمة لم يكن النقص يمنعه من أن يقتل إذا قتل من هو أعظم حرمة منه والنقص لا يمنع القود وإنما يمنع الزيادة .

، فإن قال قائل : فأوجدنيه يقول مثل هذا قيل نعم وأعظم منه يزعم أن رجلا لو قتل أباه قتل له ولو قتله أبوه لم يقتل به لفضل الأبوة على الولد وحرمتهما واحدة ويزعم أن رجلا لو قتل عبده لم يقتله به ولو قتله عبده قتله به ولو قتل مستأمنا لم يقتل به ولو قتله المستأمن يقتل به .

التالي السابق


الخدمات العلمية