باب
العقل على الرجل خاصة قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رضي الله عنه تعقل العاقلة من الجنايات الموضحة والسن فما فوق ذلك وما كان دون ذلك فهو في مال الجاني لا تعقله العاقلة وقال أهل
المدينة لا تعقل العاقلة شيئا من ذلك حتى يبلغ الثلث فإذا بلغ الثلث عقلته العاقلة وكذلك ما زاد على الثلث فهو على العاقلة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن قد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأصبع عشرا من الإبل وفي السن خمسا من الإبل وفي الموضحة خمسا فجعل ذلك في مال الرجل أو على عاقلته وذلك في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم
لعمرو بن حزم مجتمع في العينين والأنف والمأمومة والجائفة واليد والرجل فلم يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ذلك من بعض فكيف افترق ذلك عند أهل
المدينة لو كان في هذا افتراق لأوجب على العاقلة ما وجب عليها وأوجب في مال الرجل ما وجب عليه ليس الأمر هكذا ولكن أدنى شيء فرض فيه النبي صلى الله عليه وسلم الموضحة والسن فجعل ذلك على العاقلة وما كان دون ذلك فهو على الجاني في ماله وقد بلغنا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=78284عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرأتين اللتين ضربت إحداهما بطن الأخرى فألقت جنينا ميتا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في ذلك بغرة على العاقلة فقال أولياء المرأة القاتلة من العاقلة كيف ندي من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل ومثل ذلك يطل ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هذا من إخوان الكهان } فالجنين قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم على أولياء المرأة ولم يقض به في مالها وإنما حكم في الجنين بغرة فعدل ذلك بخمسين دينارا ليس فيه اختلاف بين أهل
العراق وبين أهل
الحجاز فهذا أقل من ثلث الدية وقد جعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم على العاقلة فهذا يبين لك ما قبله مما اختلف القوم فيه ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رضي الله عنه عن
حماد عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي قال تعقل العاقلة الخطأ كله إلا ما كان دون الموضحة والسن مما ليس فيه أرش معلوم ، أخبرنا
محمد بن أبان بن صالح القرشي عن
حماد عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم قال لا تعقل العاقلة شيئا دون الموضحة وكل شيء كان دون الموضحة ففيه حكومة عدل ، أخبرنا
محمد بن أبان عن
حماد عن
إبراهيم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=78285أن امرأة ضربت بطن ضرتها بعمود فسطاط فألقت جنينا ميتا وماتت فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بديتها على العاقلة وقضى في الجنين بغرة عبد أو أمة على العاقلة فقالت العاقلة أتكون الدية فيمن لا شرب ولا أكل ولا استهل فدم مثله يطل ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سجع كسجع الجاهلية أو شعر كشعرهم كما قلت لكم فيه غرة عبد أو أمة } فهذا قد قضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم على العاقلة بغرة عبد أو أمة وهو أقل من ثلث الدية وهذا حديث مشهور معروف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ) العقل عقلان فعقل العمد في مال الجاني دون عاقلته قل أو كثر وعقل الخطأ على عاقلة الجاني قل ذلك العقل أو كثر لأن من غرم الأكثر غرم الأقل فإن قال قائل فهل من شيء يدل على ما وصفت ؟ قيل له نعم ما وصفت أولا كاف منه إذا كان أصل حكم العمد في مال الجاني فلم يختلف أحد في أنه فيه قل أو كثر ثم كان أصل حكم الخطأ في الأكثر في مال العاقلة فهكذا ينبغي أن يكون في الأقل فإن قال فهل من خبر نص عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قيل نعم قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على العاقلة بالدية ولا يجوز لو لم يكن عنه خبر غير هذا إذ سن
[ ص: 345 ] أن دية الخطأ على العاقلة إلا أن يكون كل خطأ عليها أو يتوهم متوهم فيقول كان أصل الجنايات على جانيها فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدية على العاقلة في الخطأ قلنا ما بلغ أن يكون دية فعلى العاقلة وما نقص من الدية فعلى جانيه وأما أن يقول قائل تعقل العاقلة الثلث ولا تعقل دونه أفرأيت إن قال له إنسان تعقل التسعة الأعشار أو الثلثين أو النصف ولا تعقل دونه فما حجته عليه ؟ فإن قال قائل فهل من خبر يدل على ما وصفت ؟ قيل نعم قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين بغرة وقضى به على العاقلة وذلك نصف عشر الدية وحديثه في أنه قضى في الجنين على العاقلة أثبت إسنادا من أنه قضى بالدية على العاقلة ، وإذا قضى بالدية على العاقلة حين كانت دية ونصف عشر الدية لأنهما معا من الخطأ فكذلك يقضي بكل خطأ والله تعالى أعلم وإن كان درهما واحدا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رضي الله عنه يقضي عليهم بنصف عشر الدية ولا يقضي عليهم بما دونه ويلزمه في هذا مثل ما لزم من قال يقضي عليهم بثلث الدية ولا يقضي عليهم بما دونه . فإن قال قائل فإنه قد احتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بنصف عشر الدية على العاقلة وأنه لا يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى فيما دون نصف العشر بشيء قيل له فإن كنت إنما اتبعت الخبر فقلت اجعل الجنايات على جانيها إلا ما كان فيه خبر لزمك لأحد إن عارضك أن تقول وإذا جنى جان ما فيه دية أو ما فيه نصف عشر الدية فهي على عاقلته ، وإذا جنى ما هو أقل من دية وأكثر من نصف عشر دية ففي ماله حتى تكون امتنعت من القياس عليه ورددت ما ليس فيه خبر نص إلى الأصل من أن تكون الجناية على جانيها وإن رددت القياس عليه فلا بد من واحد من وجهين أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إذ لم يقض فيما دون الموضحة بشيء أن يكون ذلك هدرا لا عقل فيه ولا قود كما تكون اللطمة واللكزة أو يكون إذا جنى جناية اجتهدت فيها الرأي فقضيت فيها بالعقل قياسا على الذي قضى فيه النبي صلى الله عليه وسلم من الجنايات فإذا كان حق أن يقضي في الجنايات فيما دون الموضحة بعقل قياسا فالحق أن يقضي على العاقلة بالجناية الخطأ ما كانت قلت أو كثرت لا يجوز إلا ذلك والله تعالى أعلم .
ولقلما رأيت بعض الناس عاب شيئا إلا شرك في طرف منه إلا أنه قد يحسن أن يتخلص بأكثر مما يتخلص به غيره مما لعل فيه مؤنة على من جهل موضع الحجة فأما من علمها فليست عليها مؤنة فيها إن شاء الله تعالى . وقال بعض من ذهب إلى أن تعقل العاقلة الثلث كأنه إنما جعل عليهم الثلث فصاعدا لأن الثلث يفدح وما دونه لا يفدح قلنا فلم لم تجعل هذا في دم العمد وأنت تزعم أنه لو لزمه مائة دية عمدا لم يكن عليهم أن يعينوه فيها بفلس أو رأيت لو كانت العلة فيه ما وصفت فجنى جانيان أحدهما معسر بدرهم والآخر موسر بألف ألف أما يكون الدرهم للمعسر به أفدح من ألف ألف دينار للموسر بها الذي لا يكون جزءا من ألف من ماله فلو كان الأمر كما وصفت كان ينبغي أن ينظر في حال الجاني فإن كانت جنايته درهما ففدحه جعلته على العاقلة وإن كانت جنايته ألفين ولا تفدحه لم تجعل على العاقلة منها شيئا .
فإن قال لو قلت هذا خرجت من السنة قيل قد خرجت من السنة ولم تقل ذا ولا شيئا له وجه قال بعضهم فإن
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد قال من الأمر القديم أن تعقل العاقلة الثلث فصاعدا قلنا القديم قد يكون ممن يقتدى به ويلزم قوله ويكون من الولاة الذين لا يقتدى بهم ولا يلزم قولهم فمن أي هذا هو ؟ قال أظن أنه أعلاها وأرفعها قلت أفنترك اليقين أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بنصف عشر الدية على العاقلة لظن ليس مما أمرنا به لو لم يكن في هذا إلا القياس ما تركنا القياس للظن ولئن أدخلت التهمة على الرواية على الرجال المأمونين عن النبي صلى الله عليه وسلم فليس ذلك لكم لأنها تقوم مقام الشهادة للتهمة على
[ ص: 346 ] الذي ألقى كلمة ظن أولى أن تكون مدخلة ولقلما رأيت بعض من ذهب هذا المذهب يذهب إلا إلى ظن يمكن عليه مثل ما أمكن فيستوي هو وغيره في حجته ويكون اليقين أبدا من روايته ورواية أصحابه عليه وكذلك يكون عليه القياس فما حجة من كان عليه الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قطع الله به العذر والقياس والمعقول وقول عوام أهل البلدان من الفقهاء إلا ما وصفت من ظن هو وغيره فيه يستويان .
ولو كان الظن له دون غيره ما كان الظن وحده يقوم مقامها فكيف إذا كان يمكن غيره فيه مثل ما يمكنه وكان يخالف اليقين من الخبر والقياس ، فإن قال قائل ما الخبر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=78286بأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالجنين على العاقلة } ؟ قيل أخبرنا الثقة وهو
nindex.php?page=showalam&ids=17309يحيى بن حسان عن
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد عن
ابن شهاب عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .