صفحة جزء
باب الأنفال .

( قال الشافعي ) : رحمه الله ولا يخرج من رأس الغنيمة قبل الخمس شيء غير السلب للقاتل . { قال أبو قتادة رضي الله عنه خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين قال فلما التقينا كانت للمسلمين جولة فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين قال فاستدرت له حتى أتيته من ورائه فضربته على حبل عاتقه ضربة فأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ثم أدركه الموت فأرسلني فلحقت عمر فقال ما بال الناس ؟ قلت أمر الله ثم إن الناس رجعوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 249 ] من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه فقمت فقلت من يشهد لي ؟ ثم جلست يقول وأقول ثلاث مرات فقال صلى الله عليه وسلم مالك يا أبا قتادة ؟ فاقتصصت عليه القصة فقال رجل من القوم صدق يا رسول الله وسلب ذلك القتيل عندي فأرضه منه . فقال أبو بكر رضي الله عنه لاها الله إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله - تعالى - يقاتل عن الله وعن رسوله فيعطيك سلبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق فأعطه إياه فأعطانيه فبعت الدرع وابتعت به مخرقا في بني سلمة فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام } وروي أن شبر بن علقمة قال بارزت رجلا يوم القادسية فبلغ سلبه اثني عشر ألفا فنفلنيه سعد .

( قال الشافعي ) : رحمه الله الذي لا أشك فيه أن يعطى السلب من قتل مشركا مقبلا مقاتلا من أي جهة قتله مبارزا أو غير مبارز ، وقد { أعطى النبي صلى الله عليه وسلم سلب مرحب من قتله مبارزا } وأبو قتادة غير مبارز ولكن المقتولين مقبلان ولقتلهما مقبلين والحرب قائمة مؤنة ليست له إذا انهزموا أو انهزم المقتول وفي حديث أبي قتادة رضي الله عنه ما دل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من قتل قتيلا له عليه بينة } يوم حنين بعد ما قتل أبو قتادة الرجل فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك حكم عندنا .

( قال الشافعي ) : ولو ضربه ضربة فقد يديه أو رجليه ثم قتله آخر فإن سلبه للأول ، وإن ضربه ضربة وهو ممتنع فقتله آخر كان سلبه للآخر ولو قتله اثنان كان سلبه بينهما نصفين والسلب الذي يكون للقاتل كل ثوب يكون عليه وسلاحه ، ومنطقته وفرسه إن كان راكبه أو ممسكه وكل ما أخذ من يده .

( قال الشافعي ) : رحمه الله والنفل من وجه آخر { نفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غنيمة قبل نجد بعيرا بعيرا } وقال سعيد بن المسيب كانوا يعطون النفل من الخمس .

( قال الشافعي ) : رحمه الله نفلهم النبي صلى الله عليه وسلم من خمسه كما كان يصنع بسائر ماله فيما فيه صلاح المسلمين ، وما سوى سهم النبي صلى الله عليه وسلم من جميع الخمس لمن سماه الله - تعالى - فينبغي للإمام أن يجتهد إذا كثر العدو واشتدت شوكته وقل من بإزائه من المسلمين فينفل منه اتباعا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلا لم يفعل . وقد روي في النفل في البداءة والرجعة الثلث في واحدة والربع في الأخرى وروى ابن عمر { أنه نفل نصف السدس } وهذا يدل على أنه ليس للنفل حد لا يجاوزه الإمام ولكن على الاجتهاد .

التالي السابق


الخدمات العلمية