كما اتفق له في حديث الأعمال في الجمعة ، والبيوع ، والهبة ، والجهاد ، واللباس ، والأدب في موضعين منه .
(الثانية) الحلة بضم الحاء المهملة وتشديد اللام اسم لثوبين أحدهما إزار ، والآخر رداء ، وقال في المشارق ثوبان غير لفيقين رداء وإزار سميا بذلك لأن كل واحد منهما يحل على الآخر ، وقال في النهاية تبعا للهروي الحلة واحدة الحلل ، وهي برود اليمن ، ولا تسمى حلة إلا أن تكون ثوبين من جنس واحد انتهى فقيدها بقيدين أن تكون من برود اليمن ، وأن يكون الثوبان من جنس واحد ، والقيد الأول غير معتبر فيطلق اسم الحلة على الثوبين ، وإن لم يكونا من برود اليمن ، ولذلك قال في المحكم بردا وغيره ، وقال في الصحاح قال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد الحلل برود اليمن ، والحلة إزار ورداء ا هـ . وذلك يقتضي أن اللفظ مشترك [ ص: 224 ] بين برود اليمن وبين إزار ورداء من أي جنس كانا ، وحكى المنذري في حواشي السنن قولا أن أصل تسميتها بذلك إذا كان الثوبان جديدين كما حل طيهما فقيل لهما حلة لهذا ثم استقر عليهما الاسم .
(الثالثة) السيراء بكسر السين المهملة ، وفتح التاء المثناة من تحت ممدود قال في الصحاح برد فيه خطوط صفر ، وقال في المحكم ضرب من البرود ، وقيل ثوب مسير فيه خطوط تعمل من القز وقيل ثياب من ثياب اليمن انتهى .
ولا تنافي بين هذه العبارات فهو برد فيه خطوط يعمل باليمن ثم قال في المحكم ، والسيراء الذهب ، والسيراء ضرب من النبت ، وهي أيضا القرفة اللازقة بالنواة ، والسيراء الجريدة من جرائد النخل انتهى .
وقال في المشارق السيراء الحرير الصافي ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك الوشي من الحرير وقال nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري السيراء أيضا الذهب ، وقيل هو نبت ذو ألوان وتخطيط شبهت به بعض الثياب قال الطوسي .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل هو ثوب مضلع بالحرير ، وقيل هو مختلف الألوان ، وفي كتاب nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود السيراء المضلع بالقز ، وقيل هو ثوب ذو ألوان وخطوط ممتدة كأنها السيور يخالطها حرير ، وفي رواية أخرى حلة سندس ، وهو الحرير وهذا يدل على أنها واحدة انتهى .
وقال في النهاية نوع من البرود يخالطه حرير كالسيور فهو فعلاء من السير القد ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر أهل العلم يقولون إنها كانت حلة من حرير ، وأهل اللغة يقولون هي التي يخالطها الحرير قال nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل بن أحمد السيراء هي التي يخالطها الحرير ، وقال غيره هي ضرب من الوشي والبرود انتهى .
(الرابعة) قوله حلة سيراء بتنوين حلة على أن قوله " سيراء " تابع له بدل أو عطف بيان أو نعت كذا حكاه القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض عن المحدثين ، والنووي عن أكثر المحدثين وقال أبو العباس القرطبي إنه الرواية وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي قالوا حلة سيراء كما قالوا ناقة عشراء انتهى وآخرون يتركون التنوين في ذلك ويجعلون حلة مضافا إلى سيراء حكاه القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض عن ابن سراج ، ومتقني الحديث ، وحكاه النووي عن المحققين ومتقني العربية ، وله توجيهان : أحدهما أنه من إضافة الشيء إلى صفته كقولهم ثوب خز ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي ، والثاني أن nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه قال لم يأت فعلاء صفة لكن اسما ، وهو الحرير الصافي فمعناه حلة حرير ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض ، وغيره ، وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل بن أحمد [ ص: 225 ] أنه قال ليس في الكلام فعلاء بالكسر ممدود الآخر إلا حولاء أي ، وهو الماء الذي يخرج على رأس الولد ، وعنباء أي لغة في العنب ، وسيراء .
(الخامسة) إن فسرنا السيراء بأنها الحرير المحض ، وهو الذي تقدم أن nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر حكاه عن أهل العلم ، واحتج له بما رواه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر لهذا الحديث ، وفيه حلة من حرير .
وقال النووي إنه الصحيح الذي يتعين القول به جمعا بين الروايات لما في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في هذا الحديث حلة من إستبرق وفي رواية أخرى له من ديباج أو حرير ، وفي أخرى حلة سندس قال فهذه الألفاظ تبين أن هذه الحلة كانت حريرا محضا
ففيه دليل على تحريم لبس الحرير على الرجال ، وإباحته للنساء لقوله في بعض طرقه في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم لأسامة بن زيد ، ولكني بعثت بها تشققها خمرا بين نسائك ، وهو مجمع عليه اليوم كما تقدم تقريره في الحديث الذي قبله .
(السادسة) وإن قلنا إنها الثوب الذي يخالطه حرير كالسيور فاستدل به من ذهب إلى تحريم الخز ، وغيره من المحررات المشتملة على الحرير وغيره ، وقد اختلف العلماء في هذه المسألة فتقدم في الحديث الماضي أن المرجح عند الشافعية الجواز فيما إذا كان غير الحرير أكثر وزنا أو استويا ، وكذا قال الحنابلة إن الحكم للأغلب منهما ، وعندهم فيما إذا استويا ، وجهان .
قال ابن عقيل ، والأشبه التحريم انتهى .
ولا يستدل بهذا الحديث على التحريم في حالتي الاستواء أو نقص الحرير لاحتمال كون حريرها كان أكثر ، وهذه واقعة عين محتملة فسقط بها الاستدلال هذا إن لم نفسر السيراء بالحرير المحض ، والله أعلم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة ، ولا بأس بلبس الخز نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وقد روي عن عمران بن الحصين nindex.php?page=showalam&ids=35والحسن بن علي nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وأبي قتادة وقيس nindex.php?page=showalam&ids=38وعبد الرحمن بن عوف nindex.php?page=showalam&ids=12691ومحمد بن الحنفية وعبد الله بن الحارث بن أبي ربيعة وغيلان بن جرير وشبل بن عوف nindex.php?page=showalam&ids=16097وشريح أنهم لبسوا الخز ، وقال عمار بن أبي عمار أتت مروان مطارف من خز فكساها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكسا nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة مطرفا من خز أغبر فكان يثنيه من سعته ، وكست nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة [ ص: 226 ] nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير مطرفا من خز كانت تلبسه رواه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الموطإ وعن عبد الله بن سعد عن أبيه nindex.php?page=showalam&ids=37سعد قال nindex.php?page=hadith&LINKID=675443رأيت رجلا ببخارى على بغلة بيضاء عليه عمامة خز سوداء فقال كسانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود انتهى .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أكره لبس الخز لأن سداه حرير رواه عنه nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، وابن القاسم ، وقال في رواية ابن القاسم أيضا كان nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة يلبس القلنسوة بطانتها وظهارتها خز ، وكان إماما قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض ، ويذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك جوازه قال القاضي عبد الوهاب يجوز لبسه ، وكرهه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك لأجل السرف .
وقال الحنفية لا بأس بلبس ما سداه حرير ، ولحمته غير حرير ، ومنه الخز ، وأما العكس ، وهو ما لحمته حرير ، وسداه غير حرير فهو مكروه ، والكراهة إلى الحرام أقرب كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن كل مكروه حرام ، وإنما لم يطلق عليه حرام لعدم وجود النص القاطع فيه .
وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن أنه قال لا بأس بلبس الخز ما لم تكن فيه شهرة فإن كانت فيه شهرة فلا خير فيه ، واعلم أن النووي من أصحابنا قال إن السدى هو المستتر ، واللحمة هي التي تشاهد ، وقال ابن الرفعة الذي نعرفه العكس .
(السابعة) فيه جواز بيع الحرير ، وإن كان محرما على الرجال لوجود المنفعة فيه ، وهو استعمال النساء له ، وقد بيع في زمنه عليه الصلاة والسلام عند باب المسجد ، وعرض عليه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه شراءه ، وأقره ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر رضي الله عنه في جبة ديباج تبيعها ، وتصيب بها بعض حاجتك ، وهذا مجمع عليه .
(التاسعة) وفيه أن المستحب التجمل يوم الجمعة بالملابس الحسنة لكونه عليه الصلاة والسلام أقر nindex.php?page=showalam&ids=2عمر على ذلك ، وإنما أنكر استعمال السيراء ، وما في معناه ، وفي سنن nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=13478، وابن ماجه عن nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=884886ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته ؟ ، وتقدم أن في الصحيحين من حديث nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم عن أبيه للعيد بدل الجمعة ، والقصة واحدة ، وذلك يقتضي أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ذكر الأمرين .
وقال العلماء يستحب التجمل في سائر مجامع الخير إلا ما ينبغي فيه إظهار التمسكن والتواضع والخوف كالاستسقاء والكسوف .
(العاشرة) [ ص: 227 ] وفيه استحباب التجمل لورود الوفود لما في ذلك من تعظيم أمر الإسلام ، وإرهاب العدو .
(الحادية عشرة) قوله لا خلاق له بفتح الخاء المعجمة أي لا نصيب له ، وقيل لا حرمة له ، وقيل لا دين له قال النووي فعلى الأول يكون محمولا على الكفار ، وعلى القولين الآخرين يتناول المسلم ، والكافر .
(الثانية عشرة) عطارد هو ابن حاجب بن زرارة بن عدس التميمي كان سيد قومه وزعيمهم وفد على النبي صلى الله عليه وسلم مع الزبرقان بن بدر ، والأقرع بن حابس ، وغيرهما سنة تسع ، وقيل سنة عشر ، والأول أصح .
(الرابعة عشرة) قوله فكساها nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أخا له مشركا بمكة هو أخوه لأمه كما هو مصرح به في مسند أبي عوانة الإسفراييني ، واسمه عثمان بن حكيم بن أمية السلمي كما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12996ابن بشكوال في المبهمات عن ابن الحذاء في التعريف .
وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري أرسل بها nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم قال النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم فهذا يدل على أنه أسلم بعد ذلك قلت لم أر أحدا ممن صنف في الصحابة ذكره فيهم ، وذلك على أنه لم يسلم .
(الخامسة عشرة) فيه صلة الأقارب الكفار ، والإحسان إليهم ، وجواز الإهداء للكافر ، ولو كان حربيا فإن مكة لم يبق فيها بعد الفتح مشرك ، وكانت قبل ذلك حربا ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر .
وفيه نظر فإن وفود عطارد إنما كان بعد الفتح في التاسعة أو العاشرة كما تقدم ، وكان إرسال هذه الهدية بعد وفوده .
(السادسة عشرة) استدل به على أنه كان من المقرر عند nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أن الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة ، وإلا لم يكن بينه ، وبين ذلك المشرك فرق في تحريم لبس الحرير على كل منهما قال النووي ، وهذا وهم باطل لأن الحديث إنما فيه الهدية إلى كافر ، وليس فيه الإذن له في لبسها .
وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم ذلك إلى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8، وعلي nindex.php?page=showalam&ids=111، وأسامة بن زيد رضي الله عنهم ، ولم يلزم منه إباحة لبسها لهم بل صرح صلى الله عليه وسلم بأنه إنما أعطاه لينتفع بها بغير اللبس ، والمذهب الصحيح الذي عليه المحققون ، والأكثرون أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة فيحرم عليهم الحرير كما يحرم على المسلمين قلت قد يقال إهداء الحرير للمسلم لا يلزم منه لبسه له لما عنده من " [ ص: 228 ] الوازع الشرعي بخلاف الكافر فإن كفره يحمله على لبسه فليس عنده من اعتقاد تحريمه ما يكفه عن ذلك فلولا إباحة لبسه له لما أعين على تلك المعصية بإهدائه له ، وينبغي أن يقال فيما إذا كان المسلم فاسقا متهاونا بأمر الدين يعتاد لبس الحرير بحيث يلزم من إهدائه له لبسه بحسب العادة يحرم إهداؤه له لما في ذلك من إعانته على المعصية كما رجح النووي من أصحابنا في بيع العصير ممن يتخذه خمرا إذا تحقق ذلك أنه يحرم ، وإن كان الأكثرون على خلافه أما إذا لم يتحقق ذلك ، ولكن غلب كره فقط .