(الثانية) البطحاء التي بذي الحليفة تسمى المعرس أيضا وهي بضم الميم وفتح العين والراء المهملتين مع تشديد الراء وآخره سين مهملة وأصل المعرس موضع النزول مطلقا أو في آخر الليل قال أبو زيد عرس القوم في المنزل إذا نزلوا به أي وقت كان من ليل أو نهار.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل nindex.php?page=showalam&ids=13721والأصمعي التعريس النزول آخر الليل، وصار هذا اللفظ علما بالغلبة على موضع معين وهو على ستة أميال من المدينة كما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في سننه عن محمد بن إسحاق المديني وجزم به في المشارق وفي الصحيحين من حديث nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عن nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم عن أبيه nindex.php?page=hadith&LINKID=982458أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى وهو في معرسه من ذي الحليفة في بطن الوادي فقيل له إنك ببطحاء مباركة .
قال موسى وقد أناخ بنا nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بالمناخ من المسجد الذي كان nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله ينيخ به يتحرى معرس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أسفل من المسجد الذي ببطن الوادي بينه وبين القبلة وسط من ذلك وفي عزو الشيخ رحمه الله في النسخة الكبرى هذه الزيادة nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم فقط نظر فقد عرفت أنها عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا ذكرها [ ص: 181 ] في أوائل الحج.
(الثالثة) اختلف في نزوله عليه الصلاة والسلام ببطحاء ذي الحليفة على أقوال:
(أحدها) أن ذلك جرى اتفاقا لا عن قصد فهو كبقية منازل الحج وهو ظاهر ما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن أنه قال إنما هو مثل المنازل التي نزل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم من منازل طريق مكة وبلغنا أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر كان يتبع آثاره تلك فينزل بها فكذلك قيل مثل ذلك بالمعرس وذكر محمد هذا توجيها لقول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة من مر بالمعرس من ذي الحليفة راجعا من مكة فإن أحب أن يعرس به حتى يصلي فعل وليس ذلك عليه.
(ثانيها) أنه قصد النزول به لكن لا لمعنى فيه حكى nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض عن بعضهم أنه عليه الصلاة والسلام إنما نزل به في رجوعه حتى يصبح لئلا يفجأ الناس أهاليهم ليلا كما نهى عنه صريحا في الأحاديث المشهورة .
(ثالثها) أنه نزل به قصدا لمعنى فيه وهو التبرك به ويدل له أنه عليه الصلاة والسلام أتى به فقيل له إنك ببطحاء مباركة وهو في الصحيحين كما تقدم ويدل له أيضا صلاته عليه الصلاة والسلام به وما فهم من لفظ الحديث من مواظبته على النزول به لكنه ليس من مناسك الحج بل هو سنة مستقلة وبهذا قال الجمهور قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الموطإ لا ينبغي لأحد أن يجاوز المعرس إذا قفل حتى يصلي فيه وأنه من مر به في غير وقت صلاة فليقم حتى تحل الصلاة ثم يصلي ما بدا له لأنه بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرس به وأن nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر أناخ به قال nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر واستحبه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ولم يأمر به وقال إسماعيل بن إسحاق القاضي ليس نزوله عليه الصلاة والسلام بالمعرس كسائر منازل طريق مكة لأنه كان يصلي الفريضة حيث أمكنه والمعرس إنما كان يصلي فيه نافلة.
ولا وجه لتزهيد الناس في الخير ولو كان المعرس كسائر المنازل ما أنكر nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر على nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع تأخره عنه وذكر حديث nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر سبقه إلى المعرس فأبطأ عليه فقال: ما حبسك ؟ فذكر عذرا فقال ظننت أنك أخذت الطريق ولو فعلت لأوجعتك ضربا
(رابعها) أنه من مناسك الحج وهذا شيء اقتضت عبارة nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر في التمهيد حكايته عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فإنه قال: وليس ذلك من سنن الحج ومناسكه التي يجب على تاركها فدية أو دم عند أهل العلم [ ص: 182 ] ولكنه حسن عند جميعهم إلا nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فإنه جعله سنة: انتهى فإن كانت هذه العبارة ليست صريحة في إيجاب nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فدية بتركه فهي صريحة في أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر زاد على غيره من أهل العلم في استحبابه زيادة لم يقولوا بها فيعد حينئذ مذهبا غير ما تقدم
(الرابعة) فيه استحباب الصلاة في الموضع المذكور وقد تقدم عن nindex.php?page=showalam&ids=12425إسماعيل القاضي أنه عليه الصلاة والسلام إنما كان يصلي فيه نافلة لكن من ضرورة المبيت به أنه يصلي فيه فريضة وتقدم قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك لا ينبغي لأحد مجاوزته حتى يصلي فيه واستحباب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي له وقول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة إن أحب أن يعرس به حتى يصلي فعل.
(الخامسة) لو مر به في وقت كراهة الصلاة لم أر لأصحابنا تعرضا له ومقتضى كلامهم أنه يستمر استحباب الصلاة فيه لأنها صلاة ذات سبب إلا أن يقصد المجيء في وقت الكراهة ليصلي فيه كما قالوه في داخل المسجد يستحب له فعل التحية ولو كان في وقت الكراهة إلا أن يدخل بقصد فعل التحية فلا يفعلها على أقيس الوجهين وقد يقال ليس هذا كتحية المسجد لأن السنة في تلك فعلها قبل الجلوس فلأجل المبادرة إليها اغتفر فعلها وقت الكراهة وأما هذه الصلاة فليس من سنتها المبادرة إليها بل القصد أن يصلي في ذلك الموضع قبل ارتحاله ولو بعد زمن طويل وتقدم قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك من مر به في غير وقت صلاة فليقم حتى تحل الصلاة ثم يصلي ما بدا له وهذا على قاعدته في طرد الكراهة ولو في ذات السبب ويحتمل أنه أراد في غير وقت صلاة مفروضة وأن قوله حتى تحل الصلاة أي المفروضة ومراده دخول وقتها لكن يرده قوله ما بدا له فالظاهر من هذه الصيغة النافلة وتقدم قول nindex.php?page=showalam&ids=12425إسماعيل القاضي أنه عليه الصلاة والسلام إنما كان يصلي فيه نافلة.
(السادسة) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع زيادة المبيت بها إلى الصباح والأخذ بالزيادة لازم ومقتضى ما قالوه في مبيت المزدلفة حصول القصد بالمبيت بها نصف الليل لكن إن كان المعنى أن لا يطرق أهله ليلا اقتضى ذلك الاستمرار إلى الصباح لئلا يقع في هذا المحذور ويدل لذلك قوله وبات حتى يصبح.
(السابعة) قد يقال مقتضى قوله في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة إذا صدر عن الحج أو العمرة التقييد بذلك [ ص: 183 ] ومقتضى المعنى عدم التقييد واستحباب الصلاة بها والمبيت لكل مار بها وإن لم يكن صادرا من حج ولا عمرة وعدم التقييد هو الصواب وبه جزم النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في تبويبه ويدل له ما صح من شرف البقعة وأنها مباركة وأما التقييد في تلك الرواية فإنما هو لفعل nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ولم يكن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يمر عليها إلا في حج أو عمرة ولم يبق بعد الفتح غزو من تلك الجهة لأنها صارت كلها دار سلام.
(فإن قلت) فلم خص ذلك بصدوره ورجوعه من الحج أو العمرة ولم لا كان يفعل ذلك في المضي إليهما قلت لأنه في المضي إليهما يمر من تلك الطريق وإنما كان يخرج من طريق الشجرة للاتباع كما تقدم وينبغي أن يقال لو مر بالمعرس في ذهابه إلى مكة استحب له الصلاة به والله أعلم.