(باب ما يحرم من الأجنبية وتحريم المؤمنة على الكافر)
الحديث الأول .
عن nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=hadith&LINKID=661045إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت (فيه) فوائد [ ص: 40 ] الأولى) أخرجه الشيخان nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من هذا الوجه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث وحيوة بن شريح وغيرهما كلهم عن nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب عن nindex.php?page=showalam&ids=11853أبي الخير عنه .
(الثانية) قوله : إياكم والدخول هو بالنصب على التحذير وهو تنبيه المخاطب على محذور يجب الاحتراز عنه فقوله : إياكم مفعول بفعل واجب الإضمار تقديره : اتقوا ونحوه ، قيل : كان أصله : اتقوا أنفسكم ، فلما حذف الفعل استغنى عن النفس وانفصل الضمير واختلف في إعراب قوله : والدخول ؛ فقيل هو معطوف على إياكم والتقدير هنا اتقوا أنفسكم والدخول على النساء فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه واستعمال مثل هذا اللفظ هنا يدل على تحذير شديد ونهي أكيد وهو كقول العرب : إياك والأسد وإياك والشر .
على أن هذا مشكل على المشهور عند أصحابنا أنه تحرم خلوة الرجل بامرأتين فما فوقهما ، قال النووي فيتأول الحديث على جماعة يبعد وقوع المواطأة منهم على الفاحشة لصلاحهم أو مروءتهم أو غير ذلك ، وقد أشار nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض إلى هذا التأويل . انتهى .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=31512لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما وقد حكى النووي وغيره الإجماع على تحريم الخلوة بالأجنبية وإباحتها بالمحارم والمحرم هي كل من حرم عليه نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها فقولنا على التأبيد احتراز من أخت امرأته وعمتها وخالتها ونحوهن ومن بنتها قبل الدخول بالأم ، وقولنا بسبب مباح احتراز من أم الموطوءة بشبهة وبنتها فإنهما حرام على التأبيد لكن لا بسبب مباح فإن وطء الشبهة لا يوصف بحل ولا حرمة ولا غيرهما ؛ لأنه ليس فعل مكلف وقولنا لحرمتها احتراز عن الملاعنة فهي حرام على التأبيد لا لحرمتها بل للتغليظ .
(الرابعة) قال النووي اتفق أهل اللغة على أن الأحماء أقارب زوج المرأة كابنه وعمه وأخيه وابن أخيه وابن عمه ونحوهم والأختان أقارب زوجة الرجل ، والأصهار تقع على النوعين قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض وفي الحم أربع لغات إحداها هذا حموك بضم الميم في الرفع ورأيت حماك ومررت بحميك ، والثانية هذا حمؤك بإسكان الميم وهمزة مرفوعة ورأيت حمأك ومررت بحمئك ، والثالثة حما كقفا هذا حماك ورأيت حماك ومررت بحماك ، والرابعة حم كأب وأصله حمو بفتح الحاء والميم ، وحماة المرأة أم زوجها لا يقال فيها غير هذا ، ومقتضى هذا الكلام أن لفظ هذا الحديث بالهمز ؛ لأنه لم يحك فيها مع إسكان الميم إلا الهمز وبه صرح أبو العباس القرطبي فقال وقد جاء الحمو في هذا الحديث مهموزا والهمز أحد لغاته لكن لم أر صاحب النهاية تبعا للهروي ذكر فيه الهمز وكذا ضبطناه بلا همز ويوافقه قول nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي حمو كدلو . والله أعلم .
(الخامسة) اختلف في المراد به [ ص: 42 ] هنا فحمله الأكثرون على أنه من ليس محرما للزوجة من أقارب الزوج وفي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد الحمو أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج كابن العم ونحوه وكذا قال النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم المراد بالحمو هنا أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه فأما الآباء والأبناء فمحارم لزوجته تجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابنه ونحوهم ممن ليس بمحرم وعادة الناس المساهلة فيه ويخلو بامرأة أخيه فهذا هو الموت وهو أولى بالمنع من الأجنبي لما ذكرناه . انتهى .
وذهب آخرون إلى حمله على المحرم كالأب وغيره وجعلوا منع غيره من طريق الأولى ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في جامعه يقال : الحمو أبو الزوج كأنه كره له أن يخلو بها ، وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري إن الحمو هنا أبو الزوج وقال : إذا نهى عن أبي الزوج وهو محرم فكيف بالغريب ومشى على ذلك ابن الأثير في النهاية وقال النووي بعد ذكره القول الأول هذا هو صواب معنى الحديث ، وقال بعد ذكره الثاني : هذا كلام مردود لا يجوز حمل الحديث عليه .
(السادسة) اختلف أيضا في معنى قوله الحمو الموت فقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : احذر الحمو كما تحذر الموت ، وقال النووي معناه أن الخوف منه أكثر من غيره والشر يتوقع منه والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه بخلاف الأجنبي ، قال ونقل nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض عن nindex.php?page=showalam&ids=12074أبي عبيد أن معنى الحمو الموت فليمت ولا يفعل هذا ، قال النووي : وهذا كلام فاسد بل الصواب ما قدمناه قال : وقال nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي هي كلمة تقولها العرب كما يقول : الأسد الموت أي لقاؤه مثل الموت ، وقال القاضي معناه الخلوة بالأحماء مؤدية إلى الفتنة والهلاك في الدين فجعله كهلاك الموت فورد الكلام مورد التغليظ . انتهى .
وقال أبو العباس القرطبي : أي دخوله على زوجة أخيه يشبه الموت في الاستقباح والمفسدة أي فهو محرم معلوم التحريم وإنما بالغ في الحذر عن ذلك وشبهه بالموت لتسامح الناس في ذلك من جهة الزوج والزوجة لا لفهم ذلك حتى كأنه ليس بأجنبي من المرأة عادة ، وخرج هذا مخرج قول العرب : الأسد الموت والحرب الموت ، أي لقاؤه يفضي إلى الموت ، وكذلك دخول الحم على المرأة يفضي إلى موت الدين أو إلى موتها بطلاقها [ ص: 43 ] عند غيرة الزوج أو برجمها إن زنت معه . انتهى .
وهذا كله بتقدير تفسيره بغير المحرم فإن فسر بالمحرم فقال صاحب النهاية : يعني أن خلوة الحم معها أشد من خلوة غيره من الغرباء ؛ لأنه ربما حسن لها أشياء وحملها على أمور تثقل على الزوج من التماس ما ليس في وسعه أو سوء عشرته أو غير ذلك ؛ ولأن الزوج لا يؤثر أن يطلع الحم على باطن أحواله بدخول بيته . انتهى .
وهذا الذي ذكره إنما يتوقع من أقارب الزوجة لا من أقارب الزوج ، وقال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة يحتمل أن يكون بمعنى أنه لا بد من إباحة دخوله كما أنه لا بد من الموت .