(الثانية) المبايعة مأخوذة من البيع فإن المبايع للإمام يلتزم له أمورا كأنه باعه إياها وأخذ عوضها ثوابها كما قال تعالى إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم الآية والامتحان الاختبار والمراد اختبار صحة إيمانهم بإقرارهن بهذه الأمور والتزامهن إياها وقول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها فمن أقر بهذا من المؤمنات فقد أقر بالمحنة فقد بايع البيعة المعتبرة في الشرع .
(الثالثة) قولها رضي الله عنها كان يبايع النساء بالكلام أي فقط من غير أخذ كف ولا مصافحة وهو دال على أن بيعة الرجال بأخذ الكف والمصافحة مع الكلام وهو كذلك ، وما ذكرته nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها من ذلك هو المعروف وذكر بعض المفسرين أنه عليه الصلاة والسلام دعى بقدح من ماء فغمس فيه يده ثم غمس فيه أيديهن وقال بعضهم ما صافحهن بحائل وكان على يده ثوب قطري ، وقيل : كان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه يصافحهن عنه ولا يصح شيء من ذلك لا سيما الأخير وكيف يفعل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أمرا لا يفعله صاحب العصمة الواجبة .
(الرابعة) وفيه أنه عليه الصلاة والسلام لم تمس يده قط يد امرأة غير زوجاته وما ملكت يمينه لا في مبايعة ولا في غيرها وإذا لم يفعل هو ذلك مع [ ص: 45 ] عصمته وانتفاء الريبة في حقه فغيره أولى بذلك والظاهر أنه كان يمتنع من ذلك لتحريمه عليه فإنه لم يعد جوازه من خصائصه ، وقد قال الفقهاء من أصحابنا وغيرهم : إنه يحرم مس الأجنبية ولو في غير عورتها كالوجه وإن اختلفوا في جواز النظر حيث لا شهوة ولا خوف فتنة فتحريم المس آكد من تحريم النظر ، ومحل التحريم ما إذا لم تدع لذلك ضرورة فإن كان ضرورة كتطبيب وفصد وحجامة وقلع ضرس وكحل عين ونحوها مما لا يوجد امرأة تفعله جاز للرجل الأجنبي فعله للضرورة .
(الخامسة) دخل فيما لا يملكه المحارم فظاهره أنه لم تمس يده يد أحد من محارمه وذلك على سبيل التورع وليس ذلك ممتنعا ، وإن اقتضت عبارة النووي في الروضة امتناعه حيث قال : ويحرم مس كل ما جاز النظر إليه من المحارم لكنها عبارة مؤولة وغير مأخوذ بظاهرها ، وقد حكى شيخنا الإمام عبد الرحيم الإسنوي الإجماع على الجواز ، والذي ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي وغيره أنه لا يجوز للرجل مس بطن أمه ولا ظهرها ولا أن يغمز ساقها ولا رجلها ولا أن يقبل وجهها وقد يكون لفظ الحديث من العموم المخصوص أو يدعي دخول المحارم فيما يملكه أي يملك مسه لا أن المراد يملك الاستمتاع به وهو بعيد .
(السابعة) قوله في الرواية التي حكيناها في آخر الفائدة الأولى عن nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبي داود ما مس بيده امرأة قط إلا أن يأخذ عليها هو استثناء منقطع وتقديره ما مس امرأة قط لكن يأخذ عليها البيعة بالكلام .
قال النووي وهذا التقدير مصرح به في الرواية الأولى ولا بد منه .
(الثامنة) قوله ما كان يمتحن المؤمنات إلا بالآية أي يتلو الآية المذكورة عليهن ولا يزيد شيئا من قبله فإن قيل : قد أخذ عليهن ترك النياحة قيل : هي داخلة في المعروف المذكور في قوله .
(التاسعة) قوله (ولا ولا) [ ص: 46 ] إشارة إلى بقية الآية وهو ولا يسرقن ولا يزنين إلى آخرها .
(العاشرة) قط تأكيد النفي في الزمن الماضي وجمع فيها nindex.php?page=showalam&ids=14042الجوهري في الصحاح أربع لغات وهي فتح القاف وضمها مع تشديد الطاء وتخفيفها وهي مضمومة بكل حال ، وزاد النووي في شرح مسلم لغة خامسة وهي فتح القاف وتشديد الطاء وكسرها وسادسة وسابعة وهما فتح القاف مع تخفيف الطاء ساكنة ومكسورة ولم يذكر بعض ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14042الجوهري فإنه لم يذكر سوى خمس لغات ولم ينقل فيها nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده في المحكم سوى ثلاث لغات ثم حكى عن بعض النحويين أن أصل قولهم : قط بالتشديد قطط فلما سكن الحرف الثاني جعل الآخر متحركا إلى إعرابه ولو قيل فيه بالخفض والنصب لكان وجها في العربية . انتهى .
فأما الكسر فقد عرفت أن النووي حكاه واستفدنا من هذا البحث لغة ثامنة وهي فتح القاف وتشديد الطاء وفتحها وأشهر هذه اللغات فتح القاف وتشديد الطاء وضمها .