(الأولى) أخرجه الأئمة الخمسة من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني nindex.php?page=showalam&ids=17177وموسى بن عقبة nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي في سننه الكبرى من طريق عبد الكريم الجزري كلهم عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
(الثانية) فيه وجوب حد الزنا على الكافر وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة والجمهور ؛ وذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إلى أنه لا حد عليه في الزنا ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي .
وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب وربيعة الرأي قال nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وإنما رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهوديين ؛ لأنه لم تكن لليهود يومئذ ذمة وتحاكموا إليه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي لما ذكر كلام nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك هذا لو لم يكن واجبا عليهم لما أقامه النبي صلى الله عليه وسلم قال وإذا كان من لا ذمة له قد حده النبي صلى الله عليه وسلم في الزنا فمن له ذمة أحرى بذلك وقال nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري بعد ذكره حمل nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك هذا على أنه لم تكن له ذمة فكان دمه مباحا لكنه يعترض على هذا عندي برجمه للمرأة ولعله يقول كان ذلك قبل النهي عن قتل النساء وذكر أبو العباس القرطبي أنه روى nindex.php?page=showalam&ids=14689الطبري وغيره أن الزانيين كانا من أهل فدك وخيبر وكانوا حربا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا بعثوا إلى يهود المدينة ليسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا لهم سلوا محمدا عن هذا فإن أفتاكم بغير الرجم فحدوا به وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا قال nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي وهذا الاعتذار يحتاج إلى اعتذار بعد صحة الحديث فإن مجيئهم سائلين يوجب عهدا لهم كما إذا دخلوا بلادنا لغرض مقصود من تجارة أو رسالة أو نحوهما فإنهم في أمان إلى أن يردوا إلى مأمنهم ولا يحل قتلهم ولا أخذ مالهم قاله nindex.php?page=showalam&ids=12815القاضي أبو بكر بن العربي .
وقال النووي في شرح مسلم بعد نقله عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه إنما رجمهما ؛ لأنهما لم يكونا أهل ذمة وهذا تأويل باطل ؛ لأنهما كانا من أهل العهد ؛ ولأنه رجم المرأة ، والنساء لا يجوز قتلهن مطلقا انتهى .
فهذا الجواب عن كونهما حربيين وأما الجواب .
[ ص: 4 ] عن التحاكم إليه فإن مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن الحاكم بعد ترافع أهل الذمة إليه مخير بين أن يحكم فيهم بحكم الله وبين أن يعرض عنهم فاختار عليه الصلاة والسلام الحكم بينهم فهو أن ذلك لا يستقيم على مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ؛ لأن شرط الإحصان عنده الإسلام وليس موجودا في هذين الزانيين فليس حكم الشرع عنده رجمهما فكيف يقال حكم فيهم بحكم الله وكيف المخلص عندهم عن هذا الحديث بهذا الكلام ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12815القاضي أبو بكر بن العربي جاءوا محكمين له في الظاهر ومختبرين في الباطن هل هو نبي حق أو مسامح في الحق فقبل النبي صلى الله عليه وسلم إفتاءهم وتأمل سؤالهم وهذا يدل على أن التحكيم جائز في الشرع انتهى .
(قلت) التحكيم إنما يكون لغير الحكام فأما الحكام فحكمهم بالولاية لا بطريق التحكيم والله أعلم .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر إن قال قائل ليس في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن الزانيين حكما رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا رضيا بحكمه قيل له حد الزاني حق من حقوق الله على الحاكم إقامته وقد كان لليهود حاكم فهو الذي حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا اعتبار بتحكيم الزانيين انتهى بمعناه وهو مردود لما قلناه من أن حكم النبي صلى الله عليه وسلم بطريق النبوة لا بالتحكيم والله أعلم .
ثم اعلم أن ما حكيناه عن مذهبنا وغيره من إقامة حد الزنا على الكافر محله في الذمي دون الحربي .
(أحدهما) : أن فيه ثلاثة أقوال كالخلاف في قطعه بالسرقة (أظهرهما) لا حد عليه و (الثاني) نعم و (الثالث) إن شرط عليه في العهد حد وإلا فلا و (الطريقة الثانية) القطع بأنه لا حد ؛ لأنه محض حق الله تعالى لا يتعلق بطلب آدمي وخصومته وهذا موافق لنقل العراقيين nindex.php?page=showalam&ids=13890والبغوي وعند الحنفية في ذلك خلاف قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن لا يحد الداخل بأمان في الزنا وقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف يحد إذا زنا بذمية .
(الثالثة) وفيه أنه ليس من شروط الإحصان المقتضي للرجم (الإسلام) فإذا وطئ الذمي في نكاح صحيح وهو بالغ عاقل حر صار محصنا يجب رجمه إذا زنا وبهذا قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وهو رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة لا يرجم الذمي ؛ لأن من شروط الإحصان الإسلام قالوا : وكان الرجم بحكم التوراة لا بهذه الشريعة ثم نسخ ذلك بالحد المعروف فإن هذا [ ص: 5 ] كان قبل مشروعيته وهذا مردود ، فلا دليل على أن الإسلام من شروط الإحصان والأصل عدم النسخ ومع ذلك فلا يصار إليه إلا عند معرفة التاريخ وكيف يصح أن يحكم عليه الصلاة والسلام بحكم التوراة مع قوله تعالى وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط وهو العدل المنزل عليه بدليل قوله تعالى وأن احكم بينهم بما أنزل الله وكيف نجعل الحدود ناسخة لهذا الحكم وهي موافقة له ولا بد من مضادة حكم الناسخ والمنسوخ .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وهذا تأويل غير صحيح ؛ لأن الله يقول وأن احكم بينهم بما أنزل الله وإنما جاءه القوم مستفتين طمعا في أن يرخص لهم في ترك الرجم ليعطلوا به حكم التوراة فأشار إليهم صلى الله عليه وسلم بما كتموه من حكم التوراة ثم حكم عليهم بحكم الإسلام لشرائطه الواجبة فيه وليس يخلو الأمر فيما صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك عن أن يكون موافقا لحكم الإسلام أو مخالفا له فإن كان مخالفا فلا يجوز أن يحكم بالمنسوخ ويترك الناسخ وإن كان موافقا له فهو شريعته والحكم الموافق لشريعته لا يجوز أن يكون مضافا إلى غيره ولا يكون فيه تابعا لما سواه ثم أجاب عن قوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فإني أحكم بما في التوراة بأن فيه رجلا لا يعرف قال وقد يحتمل أن يكون معناه احكم بما في التوراة احتجاجا به عليهم وإنما حكم بما في دينه وشريعته وذكره التوراة لا يكون علة للحكم انتهى .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر على هذا عندنا كان حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجم على اليهوديين أي بشريعتنا ؛ لأنه قد رجم ماعزا وغيره من المسلمين ومعلوم أنه إنما رجم من رجم من المسلمين بأمر الله وحكمه ؛ لأنه لا ينطق عن الهوى ولا يتقدم بين يدي الله ، وإنما يحكم بما أراه الله فوافق ذلك ما في التوراة وقد كان عنده بذلك علم ولذلك سألهم عنه ثم قال بعد ذلك وكلهم أي الفقهاء يشترط في الإحصان الموجب للرجم الإسلام هذا من شروطه عند جميعهم ومن رأى رجم أهل الذمة منهم إذا أحصنوا إنما رآه من أجل أنهم إذا تحاكموا إلينا لزمنا أن نحكم بينهم بحكم الله فينا وكذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم باليهوديين المذكورين انتهى .
وهو مردود نقلا ومعنى فنقله عن جميع الفقهاء اشتراط الإسلام في الإحصان مخالف لمذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وغيرهما وقوله إذا ترافعوا إلينا لزمنا [ ص: 6 ] أن نحكم فيهم بحكم الإسلام يقال له حكم الإسلام عندك أن لا رجم على الكافر لعدم إحصانه فكيف تقول إن رجمهم بحكم الإسلام مع اشتراطه الإسلام في الإحصان ثم قال بعد ذلك حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما في التوراة مخصوص له والله أعلم بدليل قوله عز وجل يحكم بها النبيون ؛ ولأنا لا نعلم ما عمله رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى .
وهو مردود في نفسه ومخالف لما قدمه وقال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي بعد حكايته في ذلك ثلاثة أقوال : (أحدها) : أنه حكم بينهم بحكم المسلمين ، وليس الإسلام شرطا في الإحصان .
(الثاني) : حكم بينهم بشريعة موسى وشهادة اليهود .
(الثالث) : قال في كتاب محمد إنما حكم بينهم ؛ لأن الحدود لم تكن نزلت ولا نحكم اليوم إلا بحكم الإسلام فقال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي ما حكم النبي صلى الله عليه وسلم إلا بحكم الإسلام وذلك ؛ لأن سياق الحديث لا يقتضي إلا الحكم بحكم الإسلام وكذلك دليل القرآن وهو قوله فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط أي العدل وإذا جاءنا اليهود واعترفوا عندنا بالزنا وأردنا أن نحكم بينهم بالحق رجمناهم وإلا لم نتعرض لهم انتهى .
(الرابعة) : إن قلت كيف ثبت زناهما أبإقرارهما أم ببينة ؟ (قلت) في سنن nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر في هذه القصة nindex.php?page=hadith&LINKID=675785فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهود فجاء أربعة فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمهما قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر بن العربي قوله (فدعا بالشهود) يعني شهود الإسلام على اعترافهما ، وقوله في بعض طرق الحديث فرجمهما النبي صلى الله عليه وسلم بشهادة اليهود يعني بحضورهم وقال nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر كان الحكم فيهم بشهادة لا باعتراف ، وذلك محفوظ من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر وقال أبو العباس القرطبي الجمهور على أن الكافر لا تقبل شهادته لا على مسلم ولا على كافر ولا فرق بين الحدود وغيرها ولا بين السفر والحضر وقبل شهادتهم جماعة من التابعين وأهل الظاهر إذا لم يوجد مسلم وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل تجوز شهادة [ ص: 7 ] أهل الذمة على المسلمين في السفر عند عدم المسلمين قال ويعتذر للجمهور عن رجم النبي صلى الله عليه وسلم الزانيين عند شهادة اليهود بأنه عليه الصلاة والسلام نفذ عليهم ما علم أنه حكم التوراة وألزمهم العمل به على نحو ما عملت به بنو إسرائيل إلزاما للحجة عليهم وإظهارا لتحريفهم وتغييرهم فكان منفذا لا حاكما قال وهذا يمشي على تأويل nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي المتقدم وأما على ما قررناه من أنه عليه الصلاة والسلام كان حاكما في القضية بحكم الله فيكون العذر عن سماع شهادة اليهود أن ذلك كان خاصا بتلك الواقعة إذ لم يسمع في الصدر الأول من قبل شهادتهم في مثل ذلك انتهى .
وهو مردود ولا يجوز أن يقال إنه عليه الصلاة والسلام قبل غير المسلمين بمجرد الاحتمال من غير تصريح بذلك ولو نقل مثل هذا عن أحد الحكام من غير دليل لكان ذلك في غاية القبح فكيف بسيد الحكام أو مشرع الأحكام والله أعلم .
وقال النووي الظاهر أن رجمهما بالإقرار ثم ذكر حديث nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود المتقدم ثم قال : فإن صح هذا فإن كان الشهود مسلمين فظاهر وإن كانوا كفارا فلا اعتبار بشهادتهم ويتعين أنهما أقرا بالزنا .
(الخامسة) : فيه رجم الزاني المحصن في الجملة ، وهو مجمع عليه وقال nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر هو أمر أجمع أهل الحق عليه وهم الجماعة أهل الفقه والأثر ولا يخالف فيه من بعده أهل العلم خلافا ، وقال النووي لم يخالف في هذا أحد من أهل القبلة إلا ما حكاه القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض وغيره عن الخوارج وبعض المعتزلة كالنظام وأصحابه ، فإنهم لم يقولوا بالرجم .
(السادسة) : وفيه الاقتصار على رجم الزاني المحصن وأنه لا يضم إلى ذلك الجلد وبه قال الجمهور وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رواية أنه يجلد ثم يرجم وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود وبعض الشافعية وعن طائفة من أهل الحديث أنه يجب الجمع بينهما وجوبا إذا كان الزاني شيخا ثيبا فإذا كان شابا ثيبا اقتصر على الرجم .
(السابعة) : وفيه أن أنكحة الكفار صحيحة ولولا صحة أنكحتهم لما ثبت إحصانهم وبه قال الجمهور وقال أكثر الشافعية هي محكوم بصحتها ، وقال بعضهم هي فاسدة وقال آخرون : لا يحكم بصحتها ولا بفسادها بل يتوقف إلى الإسلام فما قرر عليه بانت صحته وإلا بان فساده .
(الثامنة) : وفيه أن الكفار مخاطبون بفروع . [ ص: 8 ] الشريعة وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد والجمهور وقال الحنفية : إنهم غير مخاطبين بها وقال بعضهم : هم مخاطبون بالنواهي دون الأوامر .
(التاسعة) : قوله عليه الصلاة والسلام ما تجدون في التوراة في شأن الرجم : قال النووي قال العلماء هذا السؤال ليس لتقليدهم ولا لمعرفة الحكم منهم وإنما هو لإلزامهم بما يعتقدونه في كتابهم ولعله صلى الله عليه وسلم قد أوحى إليهم أن الرجم في التوراة الموجودة في أيديهم لم يغيروه كما غيروا أشياء أو أنه أخبره بذلك من أسلم منهم ولهذا لم يخف ذلك عليه حين كتموه وقال أبو العباس القرطبي : لا يلزم أن يكون طريق حصول العلم بذلك له قول ابني صوريا بل الوحي أو ما ألقى الله في روعه من يقين صدقهما فيما قالاه من ذلك .
(العاشرة) : قوله (نفضحهم) : بفتح النون أوله والضاد المعجمة ثالثة ولعل الفضيحة هنا ما أوضحه في رواية nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بقوله نسود وجوههما ونحممهما ونخالف بين وجوههما ويطاف بهما .
(الحادية عشرة) : قد يقال إن في جوابهم حودا عن سؤاله عليه الصلاة والسلام ؛ لأنه سألهم عما يجدون في التوراة في شأن الرجم فأعرضوا عن جواب هذا وذكروا ما يفعلونه بالزناة من الفضيحة والجلد ولكن الظاهر أنهم إنما ذكروا ذلك حاكين له عن التوراة ويدل لذلك قول nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام رضي الله عنه لهم كذبتم إن فيها لآية الرجم فلولا حكايته لذلك عن التوراة لم يتوجه لابن سلام عليهم هذا الكلام ، وفي ذلك بيان كذبهم على التوراة وتغييرهم أحكامها ونسبتهم إليها ما ليس فيها وكتمانهم الحق الذي فيها .
(الثانية عشرة) : استدل به بعضهم على أن أهل الكتاب لم يسقطوا شيئا من التوراة ولا غيروا شيئا من ألفاظها وإنما كان تحريفهم لمعانيها وكذبهم في أن يضعوا من عند أنفسهم أشياء وينسبونها إلى أنها من التوراة من غير أن يضعوها فيها كما قال تعالى فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا والذاهبون إلى تحريفهم لألفاظها قالوا لم يكن هذا مما حرفوه وقد حرفوا غيره وقد سمعت أن في التوراة الموجودة بأيديهم الآن شيئا يدل على نبوة نبينا عليه الصلاة والسلام ونسخ شريعتهم لم يغيروه فهم .
[ ص: 9 ] يتكاتمونه وكأن الله تعالى منع سلفهم من تغييره إقامة للحجة على خلفهم فلعنة الله على الضالين وقال nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر فيه دليل على أن التوراة صحيحة بأيديهم ولولا ذلك ما سألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها ولا دعا بها (قلت) : لا يدل سؤاله عنها ولا دعاؤه لها على صحة جميع ما فيها ، وإنما يدل على صحة المسئول عنه منها ، علم ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بوحي أو بإخبار من أسلم منهم فأراد بذلك تبكيتهم وإقامة الحجة عليهم في مخالفتهم كتابهم وكذبهم عليه واختلاقهم ما ليس فيه وإنكارهم ما هو فيه والله أعلم .
(الثالثة عشرة) : لم أقف على تسمية اليهودي الزاني وذكر أبو العباس القرطبي أن اسم المرأة الزانية بسرة وظاهر سياقه أن nindex.php?page=showalam&ids=14689الطبري روى ذلك والواضع يده على آية الرجم هو عبد الله بن صوريا كما هو في سيرة nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق وغيرها .
(الرابعة عشرة) : قوله ( يجنأ على المرأة ) : ضبطناه عن شيخنا والدي رحمه الله بفتح أوله وإسكان الجيم وفتح النون وآخره همزة وهو الذي قال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة إنه الجيد في الرواية وقال nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر : إنه الصواب عند أهل اللغة فإنه نقل أولا أن الذي عند أكثر شيوخهم عن يحيى بن يحيى (يحني) يعني بفتح أوله وإسكان الحاء المهملة وكسر النون بلا همز قال وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي وابن بكير بالحاء وقد قيل عن كل واحد منهم بالجيم (يجني) : قلت وظاهره أنه كالذي قبله إلا في الجيم فيكون بكسر النون وآخره ياء قال nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر وقال nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع يجانئ عنها بيده وقال nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فجافى بيده والصواب فيه عند أهل اللغة يجنأ بالهمز أي يميل عليها يقال من جنأ يجنأ جناء وجنوءا إذا مال ويجنئ ويجنأ بمعنى واحد انتهى كلام nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر .
وقال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض في المشارق قوله يجنأ يعني بفتح أوله وبالجيم وبالهمزة آخره كذا للأصيلي عن المروزي ولأحمد بن سعيد في الموطإ وقيده nindex.php?page=showalam&ids=13722الأصيلي بالحاء عن الجرجاني وبالجيم وفتح الياء هو عند nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي ووقع للمستملي في موضع كذلك وكذا قيد عن ابن الفخار لكن بغير همز وكذا قيدناه في الموطإ من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13722الأصيلي بالجيم مضموم الياء مهموزا ورأيت في أصل أبي الفضل (يجنأ) بفتح الياء ثم جيم ثم همزة ويجب ذلك يجبأ بجيم ثم باء معجمة موحدة ثم همزة أي يركع عليها . [ ص: 10 ] وبالجيم والحاء معا مهموز لكن بفتح الياء وقيدناه عن ابن القابسي عن ابن شميل وبالحاء وحدها قيدناه عن ابن عتاب وابن أحمد وابن عيسى مفتوح الأول قال : أبو عمر وهو أكثر روايات شيوخنا عن يحيى وكذا رواية ابن قعنب وابن بكير وبعضهم قيده بفتح الحاء وشد النون يحني ورواه بعضهم بفتح الياء وسكون الحاء وفتح النون وهمزة بعدها وجاء للأصيلي في باب آخر (فرأيته أجنأ) بالهمز والجيم وهو عند nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر أحنأ [ بالحاء ] وقد روي في غير هذه الكتب يحنو والصحيح من هذا كله ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد يجنأ ومعناه ينحني يقال من ذلك جنأ يجنأ قاله صاحب الأفعال وقال الزبيدي حني بكسر النون في الماضي يحنو ويحني أي يعطف عليها يقال حني يحني ويحنو ومنه قوله صلى الله عليه وسلم وأحناهن على ولد : ويكون أيضا يحني عليها ظهره فيكون بمعنى ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد وكذلك [ قول ] من قال يحنئ على معنى يجعل ظهره كذلك ، ويفعله به حتى يحني ، تعدية حنأ الرجل يحنأ إذا صار كذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي أجنأت الترس جعلته مجنأ أي محدودبا وهذا مثله ا هـ . وكلام nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض وقال صاحب النهاية قوله (يجنئ عليها) : أي بضم أوله وإسكان الجيم وكسر النون وآخره همزة أي يكب ويميل عليها ليقيها الحجارة أجنأ يجنئ إجناء وفي رواية أخرى يجانئ عليها مفاعلة من جانأ يجانئ ثم قال قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي الذي جاء في كتاب السنن يجنئ بالجيم والمحفوظ إنما هو يحني بالحاء أي يكب عليها يقال حنا يحنا حنوا (قلت) : والذي رأيته في كلام nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي في معالم السنن عكس هذا فقال هكذا قال يجنأ والمحفوظ إنما هو يحنأ أي يكب عليها يقال حنا الرجل يحنو حنوا إذا أكب على الشيء قال كثير :
ويدل على أن التحريف لكلام nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي حصل لصاحب النهاية لأن nindex.php?page=showalam&ids=14042الجوهري أنشد هذا البيت جنوء بالجيم وقد ذكر أن المحفوظ ما أنشد عليه . [ ص: 11 ] هذا البيت والله أعلم .
وقد صرح بذلك في أعلام الجامع الصحيح فقال قوله يحني عليها رواه بالحاء وأكثر الرواة يجعلونها بالجيم والهمز يجنأ عليها أي يميل عليها وأنشد الشيخ تقي الدين في شرح العمدة هذا الشعر بالحاء وهو خلاف المعروف وحصل مما حكيناه في ضبط هذه اللفظة ثمانية أوجه :
(السابع) : [ يحنأ ] كالخامس إلا أنه بفتح النون وآخره همزة .
(الثامن) : يحني بضم أوله وفتح الحاء المهملة وكسر النون وتشديدها فالأربعة الأول بالجيم والأربعة الأخيرة بالحاء المهملة وتقدم أنه روي يجانئ بالجيم والنون والهمز في آخره ويجافي بالجيم والفاء والياء في آخره فكملت بذلك عشرة والله أعلم .
وزعم أبو العباس القرطبي أن الوجه الخامس هو الصواب وأن الثالث ليس بصواب .
(الخامسة عشر) فيه أنه لم يحفر لهما لما رجما إذ لو حفر لهما لما تمكن أن يجنأ عليها وقد اختلف العلماء في هذه المسألة فذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد في المشهور عنهم إلى أنه لا يحفر للرجل ولا للمرأة وقال nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة في رواية يحفر لهما وقال بعض المالكية يحفر لمن يرجم بالبينة دون من يرجم بالإقرار وقال أصحابنا الشافعية لا يحفر للرجل سواء ثبت زناه بالبينة أو الإقرار وفي المرأة ثلاثة أوجه (أصحها) : أنه إن ثبت زناها بالبينة استحب أو بالإقرار فلا (والثاني) : يستحب الحفر لها إلى صدرها ليكون أستر (والثالث) : لا يستحب ولا يكره بل هو إلى خيرة الإمام .
(السادسة عشرة) : وفيه أيضا أنه لا تربط يداه ولا يشدان لقوله في رواية أخرى يجاني عنها بيده وهو واضح .