[ ص: 196 ] (الحديث الخامس) وعن nindex.php?page=showalam&ids=17257همام عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العين حق ونهى عن الوشم (فيه) فوائد :
(الأولى) أخرجه الشيخان nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود من هذا الوجه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن nindex.php?page=showalam&ids=17257همام ولم يذكر فيه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود والجملة الثانية وهي قوله ونهى عن الوشم وروى nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي في الكبرى من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16446عبد الله بن طاوس عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=hadith&LINKID=661066العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين ، وإذا استغسلتم فاغسلوا وليس في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي العين حق .
(الثانية) قوله العين حق أي الإصابة بالعين حق أي ثابت موجود قال nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري أخذ الجمهور من علماء الأمة بظاهر هذا الحديث ، وأنكره طوائف من المبتدعة ، والدليل على فساد قولهم أن كل معنى ليس بمحال في نفسه ولا يؤدي إلى قلب حقيقة ولا إفساد دليل فإنه من مجوزات العقول ، فإذا أخبر الشرع بوقوعه فلا معنى لتكذيبه .
وهل من فرق بين تكذيبهم بهذا وتكذيبهم بما يخبر به من أمور الآخرة ؟
قال : وزعم بعض الطبائعيين المثبتين للعين أن العائن تنبعث من عينه قوة سمية تتصل بالمعين فيهلك أو يفسد ، قالوا : ولا يستنكر هذا كما لا يستنكر انبعاث قوة سمية من الأفعى والعقرب تتصل باللديغ فيهلك ، وإن كان غير محسوس لنا فكذلك العين قال وهذا عندنا غير مسلم ؛ لأنا بينا في كتب علم الكلام أنه لا فاعل إلا الله تعالى وبينا فساد القول بالطبائع ، وبينا أن المحدث لا يفعل في غيره شيئا ، وإذا تقرر هذا بطل ما قالوه ثم نقول هذا المنبعث من العين إما جوهر أو عرض فباطل أن يكون عرضا ؛ لأنه لا يقبل الانتقال [ ص: 197 ] وأن يكون جوهرا ؛ لأن الجواهر متجانسة فليس بعضها بأن يكون مفسدا لبعض أولى من أن يكون الآخر مفسدا له فبطل ما قالوه وأقرب طريقة سلكها من ينتحل الإسلام منهم أن قالوا : لا يبعد أن تنبعث جواهر لطيفة غير مرئية من العائن فتتصل بالمعين وتتخلل مسام جسمه فيخلق البارئ عز وجل الهلاك عندها كما يخلق الهلاك عند شرب السموم عادة أجراها الله تعالى ليست ضرورة ولا طبيعة ألجأ العقل إليها .
ومذهب أكثر أهل السنة أن المعين إنما يفسد ويهلك عند نظر العائن بعادة أجراها الله سبحانه أن يخلق الضرر عند مقابلة هذا الشخص لشخص آخر ، وهل ثم جواهر خفية أولا هذا من مجوزات العقول لا نقطع فيها بواحد من الأمرين ، وإنما نقطع بنفي الفعل عنها وبإضافته إلى الله تعالى فمن قطع من أطباء الإسلام بانبعاث الجواهر فقد أخطأ في قطعه ، وإنما التحقيق ما قلناه من تفصيل موضع القطع والتجويز انتهى .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي قوله العين حق أي الإصابة بالعين حق ، وأن لها تأثيرا في النفوس والطبائع ، وفيه إبطال لقول من زعم من أصحاب الطبائع أنه لا شيء إلا ما تدركه الحواس والمشاعر الخمسة ، وما عداها فلا حقيقة له (قلت) ويجوز في لفظ التأثير ومراده به ما أجرى الله به العادة من حصول الضرر في النفوس والطبائع فهذا هو اللائق بمذهبه وعقيدته .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12815القاضي أبو بكر بن العربي ذهبت الفلاسفة إلى أن ما يصيب المعين من جهة العائن إنما هو صادر عن تأثير النفس بقوتها فيه فأول ما تؤثر في نفسها ، ثم تقوى فتؤثر في غيرها وقيل إنما هو سم في عين العائن يصيب لفحه العين عند التحديق إليه كما يصيب لفح سم الأفعى من يتصل به ، وهذا يرده ثلاثة أمور .
(الأول) ما ثبت من أنه لا خالق إلا الله .
(الثاني) إبطال التولد ويقولون إنه يتولد من كذا كذا وليس يتولد شيء من شيء بل المولد والمتولد عنه كل ذلك صادر عن القدرة دون واسطة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض ذهب شيوخ متكلمي أهل الباطن أن معنى قوله العين حق يحتمل أن يريد به القدر والعين الذي يجري منه الأحكام والقضاء السابق ، وأن ما أصاب بالعادة من ضرر عند نظر الناظر إنما هو بقدر الله السابق لا بشيء يحدثه الناظر في المنظور . إذ لا يحدث المحدث في غيره شيئا لكنه لما كان منهيا عن تحديد النظر وإدامته لا سيما مع جري عادته بذلك ، ولم يمتثل ما أمر به الشرع من التبرك والدعاء كان مذموما مؤاخذا بنظره انتهى .
(الثالثة) قد يؤخذ من قوله العين حق أنه إذا أتلف [ ص: 199 ] شيئا بإصابة عينه ضمنه وإذا قتل قتيلا ضمنه بالقصاص أو الدية ، وبذلك صرح أبو العباس القرطبي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم فقال لو انتهت إصابة العائن إلى أن يعرف بذلك ويعلم من حاله أنه كلما تكلم بشيء معظما له أو متعجبا منه أصيب ذلك الشيء ، وتكرر ذلك منه بحيث يصير عادة فما أتلفه بعينه غرمه وإن قتل أحدا بعينه عامدا لقتله قتل به كالساحر القاتل بسحره عند من لا يقتله كفرا وأما عندنا فيقتل على كل حال قتل بسحره أم لا ؛ لأنه كالزنديق انتهى .
وظاهر جزمه بذلك أنه مذهبه فليحقق ذلك . والذي ذكره أصحابنا الشافعية أنه إذا أصاب غيره بالعين واعترف أنه قتله بالعين فلا قصاص وإن كانت العين حقا ؛ لأنه لا يفضي إلى القتل غالبا ، ولا يعد مهلكا قال النووي في الروضة ولا دية فيه أيضا ولا كفارة انتهى .
وقد ينازع في قولهم إنه لا يفضي إلى القتل غالبا ولا يعد مهلكا ، ويقال التصوير في شخص انتهى أمره إلى أن نظره المذكور يفضي إلى القتل غالبا ، ويعد مهلكا وقد يقال إنما يرتب الحكم على منضبط عام دون ما يختص ببعض الناس في بعض أحوالهم ، ولا انضباط له كيف ولم يقع منه فعل أصلا ، وإنما غايته حسد وتمن لزوال النعمة ، وأيضا فالذي ينشأ عن الإصابة بالعين حصول مكروه لذلك الشخص ، ولا يتعين ذلك المكروه في زوال الحياة فقد يحصل له مكروه بغير ذلك من أثر العين والله أعلم .
ونقل nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض عن بعض العلماء أنه ينبغي للإمام منع من عرف بالإصابة بالعين من مداخلة الناس ، وأمره بلزوم بيته وإن كان فقيرا رزقه ما يقوم به ويكف أذاه عن الناس ، فضرره أشد من ضرر آكل الثوم والبصل الذي منعه النبي صلى الله عليه وسلم من دخول المسجد لئلا يؤذي المسلمين ومن ضرر المجذوم الذي منع nindex.php?page=showalam&ids=2عمر والعلماء اختلاطه بالناس ومن ضرر العوادي التي أمر بتغريبها حيث لا يتأذى منها قال النووي وهذا الذي قاله هذا القائل صحيح متعين ولا يعرف من غير تصريح بخلافه والله أعلم .
(الرابعة) قوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين يجوز في قوله سابق القدر النصب على أنه خبر كان والرفع على أنه صفة لاسمها وهي تامة وقال أبو العباس القرطبي هذا إغباء في تحقيق إصابة العين ومبالغة تجري مجرى التمثيل [ ص: 200 ] لا أنه يمكن أن يرد القدر شيء ، فإن القدر عبارة عن سابق علم الله ونفوذ مشيئته ، ولا راد لأمره ولا معقب لحكمه ، وإنما هذا خرج مخرج قولهم لأطلبنك ولو تحت الثرى ولو صعدت إلى السماء ، ونحوه مما يجري هذا المجرى وقال النووي فيه إثبات القدر وهو حق بالنصوص وإجماع أهل السنة وفيه صحة أمر العين وأنها قوية الضرر .
(الخامسة) قوله وإذا استغسلتم فاغسلوا خطاب للعائن وأمر له بأن يغتسل عند طلب المعين منه ذلك ، وظاهره أنه على سبيل الوجوب وحكى nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري فيه خلافا ، وقال الصحيح عندي الوجوب ويبعد الخلاف فيه إذا خشى على المعين الهلاك ، وكان وضوء العائن مما جرت العادة بالبرء به أو كان الشرع أخبر به خبرا عاما ولم يمكن زوال الهلاك إلا بوضوء العائن ، فإنه يصير من باب من تعين عليه إحياء نفس مشرفة على الهلاك وقد تقرر أنه يجبر على بذل الطعام للمضطر ، فهذا أولى وبهذا التقرير يرتفع الخلاف فيه انتهى .
وفي سنن nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه عن nindex.php?page=showalam&ids=131أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال nindex.php?page=hadith&LINKID=680013مر nindex.php?page=showalam&ids=49عامر بن ربيعة بسهل بن حنيف وهو يغتسل ، فقال : لم أر كاليوم ولا جلد مخبأة فما لبث أن لبط به فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له أدرك سهلا صريعا قال من تتهمون به قالوا nindex.php?page=showalam&ids=49عامر بن ربيعة قال علي ماذا يقتل أحدكم أخاه إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ، ثم دعا بماء فأمر عامرا أن يتوضأ فغسل وجهه ويديه إلى المرفقين وركبتيه وداخلة إزاره وأمره أن يصب عليه قال nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان قال nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري وأمره أن يكفأ الإناء من خلفه وأصل الحديث في الموطإ وسنن nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي الكبرى ووقع الاختلاف في أنه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة كما ذكرته أو من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3753سهل بن حنيف أو من رواية nindex.php?page=showalam&ids=49عامر بن ربيعة ، وبين في هذه الرواية كيفية الوضوء المأمور به وقال nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري صفة وضوء العائن عند العلماء أن يؤتى بقدح من ماء ولا يوضع القدح في الأرض فيأخذ منه غرفة فيتمضمض بها ثم يمجها في القدح ، ثم يأخذ منه ما يغسل به وجهه ، ثم يأخذ بشماله ما يغسل به كفه اليمنى ثم بيمينه [ ص: 201 ] ما يغسل به كفه اليسرى ثم بشماله ما يغسل به مرفقه الأيمن ، ثم بيمينه ما يغسل به مرفقه الأيسر ، ولا يغسل ما بين المرفقين والكفين ، ثم قدمه اليمنى ثم اليسرى ثم ركبته اليمنى ثم اليسرى على الصفة المتقدمة وكل ذلك في القدح ثم داخلة إزاره ، وهو الطرف المتدلي الذي يلي حقوه الأيمن وقد ظن بعضهم أن داخلة إزاره كناية عن الفرج ، وجمهور العلماء على ما قلناه فإذا استكمل هذا صبه خلفه من على رأسه قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض بعد نقله هذا الكلام : بقي من تفسير هذا الغسل على قول الجمهور وما فسر به nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري وأخبر أنه أدرك العلماء يصفونه واستحسنه علماؤنا ، ومضى به العمل أن غسل العائن وجهه إنما هو صبة واحدة بيده اليمنى ، وكذلك سائر أعضائه إنما هو صبة صبة على ذلك العضو في القدح ليس على صفة غسل الأعضاء في الوضوء وغيره ، وكذلك غسل يديه وكذلك غسل داخلة الإزار إنما هو إدخاله وغمسه في القدح ، ثم يقوم الذي في يده القدح فيصبه على رأس المعين من ورائه على جميع جسده ثم يكفأ القدح وراءه على ظهر الأرض وقيل يعتقله بذلك حين صبه عليه هذه رواية nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب وقد جاء وصف nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب من رواية عقيل بمثل هذه إلا أن فيه البداءة بغسل الوجه قبل المضمضة ، وفيه صفة غسل كفه اليمنى بيد واحدة في القدح ، وهو ثان يده وذكر في غسل القدمين أنه لا يغسل جميعهما ، وإنما قال ثم يفعل مثل ذلك في طرف قدمه اليمنى من عند أصول أصابعه واليسرى كذلك وداخلة الإزار هو ما فسر به ، والإزار هنا المئزر وداخلته ما يلي جسده وقيل كناية عن موضعه من الجسد فقيل أراد مذاكيره ، كما يقال : فلان عفيف الإزار يراد به الفرج ، وقيل أراد وركه إذ هو مقعد الإزار وقد جاء في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3753سهل بن حنيف من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في صفته أنه قال للعائن اغتسل له فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره ، ومن رواية معبد فغسل وجهه وظاهر كفيه ومرفقيه ، وغسل صدره وداخلة إزاره وركبتيه وأطراف قدميه ظاهرهما في الإناء ، وقال وحسبته قال وأمره فحسا منه حسوات انتهى .
ونقل النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم هذا الكلام كله واقتصر في الأذكار على قوله قال العلماء الاستغسال أن يقال للعائن وهو الصائب بعينه الناظر بها بالاستحسان اغسل داخلة إزارك مما يلي الجلد بماء ، ثم [ ص: 202 ] يصب على المعين وهو المنظور إليه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12815القاضي أبو بكر بن العربي وصف الناس الغسل وأحصى الخلق له ملك ؛ لأن النازلة كانت في بلده ، ووقعت لجيرانه فتقولها وقد حصلها مشاهدة وخبرا ، وذلك بأن يغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره ، وهو ما يلي البدن من الإزار في قدح ثم يصب عليه ومن قال لا يجعل الإناء في الأرض ويغسل كذا بكذا فهو كله تحكم وزيادة .
(السابعة) قال nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري هذا المعنى مما لا يمكن تعليله ومعرفة وجهه ، وليس من قوة العقل الاطلاع على أسرار المعلومات كلها فلا يدفع هذا بأن لا يعقل معناه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر بن العربي .
فإن قيل : وأي فائدة في الاغتسال وصب مائه على المعين وأي مناسبة بينهما ؟ (قلنا) إن قال : هذا مستفسر ، قلنا له : الله ورسوله أعلم ، وإن قاله متفلسف قيل له انكص القهقرى أليس عندكم أن الأدوية قد تفعل بقواها وطباعها ، وقد تفعل بمعنى لا يعقل في الطبيعة ويدعونها الخواص ، وقد زعمتم أنها زكاء خمسة آلاف فما أنكرتم من هذا فيكون ذلك سببا فيها من طريق الخاصة لا سيما والتجربة قد عضدته ، والمشاهدة في العين والمعاينة قد صدقته ، وكذلك الرقية تصدقه .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12769ابن السني أيضا عن سعيد بن حكيم رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خاف أن يصيب شيئا بعينه قال : اللهم بارك فيه ولا تضره .
وحكى nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر في التمهيد عن أهل العلم أن التبريك أن يقول [ ص: 203 ] اللهم بارك فيه ، وعن بعضهم أن يقول تبارك الله أحسن الخالقين ، وقال النووي في الأذكار ذكر القاضي حسين من أصحابنا في كتابه التعليق في المذهب (أن بعض الأنبياء نظر إلى قومه يوما فاستكثرهم وأعجبوه فمات منهم في ساعة سبعون ألفا فأوحى الله تعالى إليه أنك عنتهم ولو أنك إذ عنتهم حصنتهم لم يهلكوا قال وبأي شيء أحصنهم ؟ فأوحى الله إليه تقول : حصنتكم بالحي القيوم الذي لا يموت أبدا ، ودفعت عنكم السوء بألف لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) .
قال المعلق عن القاضي حسين وكان عادة القاضي رحمه الله إذا نظر إلى أصحابه فأعجبه سمتهم وحسن حالهم حصنهم بهذا (قلت) لو نقلت لنا هذه القصة عن ذلك النبي بإسناد صحيح إلى نبينا عليهما الصلاة والسلام لتلقيناها بالقبول ، وتأولنا قوله عنتهم أو قوله في ذلك الحديث المتقدم إنه يحضرها حينئذ ابن آدم فإنه متى كانت الإصابة بالعين متضمنة لحسد لا يجوز صدورها من نبي لاستحالة المعاصي على الأنبياء ، ولكن لم يثبت لنا ذلك ، وهذه قضية مذكورة بغير إسناد والظاهر أنها متلقاة عن بني إسرائيل ، فلا يجوز قبولها إن لم يكن فيها غضاضة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وما كان ينبغي ذكرها للقاضي ولا للنووي ، وإنما ذكرتها للذكر الذي فيها فإنه حسن يقتضيه الشرع فينبغي العمل به والله أعلم .
(العاشرة) فيه النهي عن الوشم ، وهو بفتح الواو وإسكان الشين المعجمة أن تغرز إبرة أو مسلة أو نحوهما في موضع من البدن كالشفة أو المعصم أو غيرهما حتى يسيل الدم ثم يحشى ذلك الموضع بالكحل أو النورة فيحضر ، وقد يفعل ذلك بدارات ونقوش وقد يقلل وقد يكثر وهو حرام .
قال أصحابنا : ويصير الموضع الموشوم مجسا فإن أمكنت إزالته بالعلاج وجبت وإن لم يمكن إلا بالجرح فإن خاف منه التلف أو فوات عضو أو منفعة عضو أو شيئا فاحشا في عضو ظاهر لم تجب إزالته ، وإذا تاب لم يبق عليه إثم ، وإن لم يخف شيئا من ذلك لزمته إزالته ويعصى بتأخيره ، وسواء في هذا كله الرجل والمرأة فإن قلت مجرد النهي عنه لا يدل على تحريمه (قلت) هو محتمل لذلك وقد دل على تحريمه ، بل على أنه كبيرة لعن فاعله كما هو ثابت في الصحيحين والله أعلم .
(الحادية عشرة) الجمع بين هذين الجملتين من الراوي فإنه لا يظهر بينهما مناسبة ، ويدل على ذلك أنه لم يحك لفظ النبوة في الثانية منهما والله أعلم .