(الأولى) لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة من حديث nindex.php?page=showalam&ids=134بريدة فلذلك عزاه المصنف للإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد على اصطلاحه ، واتفق الشيخان على إخراج هذا المتن من حديث أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في حديث جبريل عليه السلام عند السؤال عن الإيمان ولفظه أنه قال يا رسول الله متى الساعة قال ما المسئول عنها بأعلم من السائل ، ولكن سأحدثك عن أشراطها ، إذا ولدت الأمة ربتها فذلك من أشراطها ، وإذا كانت العراة الحفاة رءوس الناس فذلك من أشراطها ، وإذا تطاول رعاء البهم في البنيان فذلك من أشراطها في خمس لا يعلمهن إلا الله ، ثم تلا صلى الله عليه وسلم إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام إلى قوله عز وجل إن الله عليم خبير لفظ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .
(الثانية) أشراط الساعة علاماتها واحدها شرط بفتح الشين ، والراء قال nindex.php?page=showalam&ids=16935أبو جعفر الطبري ومنه سمي (الشرط) لجعلهم لأنفسهم علامة يعرفون بها ، وقيل أشراطها مقدماتها وأشراط الأشياء أوائلها وقيل الأشراط جمع شرط بالتحريك أيضا ، وهو الدون من كل شيء فأشراط الساعة صغار أمورها قبل قيامها وعلى المثل الشرط وهذا الحديث الذي بدأ به المصنف رحمه الله ليس فيه ذكر أشراط الساعة وإنما فيه ذكر أن الساعة لا يعلم وقت مجيئها إلا الله تعالى وذلك كالمقدمة لذكر أشراطها فإنه إنما بحث عن علاماتها لتعذر معرفة وقتها .
(الثالثة) ليس في الآية المستشهد بها صراحة على أن هذه الأمور لا يعلمها إلا الله وأنه لم يطلع عليها أحدا من خلقه ولكن بينت السنة ذلك كما قد عرفته وقال nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء في الآية الكريمة إن معناه النفي إذ [ ص: 255 ] ما يعلمه أحد إلا الله قال أبو جعفر النحاس وإنما صار فيه معنى النفي بتوقيف الرسول على ذلك لأنه قال في قول الله تعالى وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو إنها هذه .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس هذه الخمسة لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل فمن ادعى أنه يعلم شيئا من هذه فقد كفر بالقرآن لأنه خالفه .
(قلت) ومخالفته له باعتبار تفسير الرسول كما تقدم ، ثم إنه لو لم يكن معناه النفي لقلت فائدته لأنه تعالى عنده علم كل شيء فلا معنى لتخصيص هذه الأمور بالذكر إلا اختصاصه بعلمها وحكى القشيري nindex.php?page=showalam&ids=15151، والماوردي وغيرهما عن مقاتل أن هذه الآية نزلت في رجل من أهل البادية اسمه الوارث بن عمرو بن حارثة أتى النبي فقال إن امرأتي حبلى فأخبرني ماذا تلد وبلادنا جدبة فأخبرني متى ينزل الغيث ، وقد علمت متى ولدت فأخبرني متى أموت ، وقد علمت ما عملت اليوم فأخبرني ماذا أعمل غدا وأخبرني متى تقوم الساعة فأنزل الله تعالى هذه الآية .
(الرابعة) قوله وينزل يجوز فيه فتح النون وتشديد الزاي وإسكان النون وتخفيف الزاي ، وقد قرئ بهما في المشهور ، والغيث المطر .
ولكن ليس ذلك علما بالغيب وإنما هو للأنبياء علم بأمر مخصوص في قصة مخصوصة وللأولياء ظن بفراسة صحيحة فمن حصل له ذلك في جزئية أو جزئيات لا يقال فيه إنه يعلم الغيب ، وقد يحصل لغير الأولياء معرفة ذكورة الحمل وأنوثته بطول التجارب ، وقد يخطئ الظن وتنخرم العادة ، والعلم الحقيقي عند الله تعالى وقال بعضهم المراد بالآية إبطال قول الكهنة ، والمنجمين ومن يستسقي بالأنواء .
(السادسة) ظاهر الآية أن الغيب الذي لا يعلمه إلا الله مكان الوفاة لا وقتها ويوافق ذلك ما روي أن يهوديا كان يحسب حساب النجوم فقال nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس إن شئت أنبأتك نجم ابنك وأنه يموت بعد [ ص: 256 ] عشرة أيام وأنك لا تموت حتى تعمى وأنا لا يحول علي الحول حتى أموت قال فأين موتك يا يهودي قال لا أدري فقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس صدق الله وما تدري نفس بأي أرض تموت فرجع nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فوجد ابنه محموما ومات بعد عشرة أيام ومات اليهودي قبل الحول ومات nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أعمى ولكن الظاهر أن المراد علم الوفاة زمانا ومكانا ويدل له سبب الآية الذي تقدم ذكره عن مقاتل وعبر بالمكان تنبيها على ما عداه والله أعلم .