كتاب الطهارة أخبرنا محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي وأخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم قال أخبرنا عبد الوهاب بن علي وعبد الرحمن بن أحمد العمري ، والمبارك بن المعطوش قالوا أخبرنا هبة الله بن محمد قال أخبرنا محمد بن محمد بن إبراهيم البزاز قال أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي قال حدثنا عبد الله بن روح المدائني ومحمد بن ربح البزاز قالا : حدثنا زيد بن هارون حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=16590علقمة بن وقاص يقول : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب على المنبر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله فهجرته إلى الله وإلى رسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه
[ ص: 2 ] كتاب الطهارة أخبرنا محمد بن إبراهيم الميدومي قال أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم قال أخبرنا عبد الوهاب بن علي وعبد الرحمن بن أحمد العمري ، والمبارك بن المعطوش قالوا أخبرنا هبة الله بن محمد قال أخبرنا محمد بن محمد بن إبراهيم البزاز قال أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي قال حدثنا عبد الله بن روح المدائني ومحمد بن ربح البزاز قالا حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون قال حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=16590علقمة بن وقاص يقول سمعت nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب على المنبر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله فهجرته إلى الله وإلى رسوله ومن كانت [ ص: 3 ] هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه
فيه فوائد :
(الأولى) حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أخرجه الأئمة الستة فأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه عن أبي بكر بن شيبة كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون فوقع بدلا لهما عاليا بدرجتين واتفق عليه الشيخان من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15743وحماد بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=16008وابن عيينة nindex.php?page=showalam&ids=16503وعبد الوهاب الثقفي وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك وأبي خلد الأحمر وحفص بن غياث nindex.php?page=showalam&ids=13948، والترمذي من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16503عبد الوهاب الثقفي nindex.php?page=showalam&ids=15397، والنسائي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15743وحماد بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك وأبي خلد الأحمر . nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه أيضا من رواية nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث عشرتهم عن nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري أورده nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في سبعة مواضع من صحيحه في بدء الوحي ، والإيمان ، والنكاح ، والهجرة وترك الحيل ، والعتق ، والنذور ، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم في الجهاد . nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود في الطلاق nindex.php?page=showalam&ids=13948، والترمذي في الجهاد nindex.php?page=showalam&ids=15397، والنسائي في الإيمان . nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه في الزهد .
(الثانية) هذا الحديث من أفراد الصحيح لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ولا عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إلا من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة ولا عن nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة إلا من رواية محمد بن إبراهيم التيمي ولا عن التيمي إلا من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري قال nindex.php?page=showalam&ids=13863أبو بكر البزار في مسنده : لا نعلم يروى هذا الكلام إلا عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الإسناد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : لا أعلم خلافا بين أهل الحديث في أنه لم يصح مسندا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من رواية nindex.php?page=showalam&ids=2عمر . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي بعد تخريجه : هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد . وقال حمزة بن محمد الكناني : لا أعلم رواه غير nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ولا عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر غير nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة ولا عن nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة غير محمد بن إبراهيم ولا عن محمد بن إبراهيم غير nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد . وقال محمد بن عتاب : لم يروه غير nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ولا عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر غير nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة إلى آخره .
(الثالثة) ما ذكره هؤلاء الأئمة من كون حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فردا هو المشهور ، وقد روي من [ ص: 4 ] طرق أخرى رأيت ذكرها للفائدة فوقفت عليه مسندا من غير طريق nindex.php?page=showalam&ids=2عمر من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=9، وأنس nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي . فحديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد رواه nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي في معالم السنن nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني في غرائب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وابن عساكر في غرائب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك من رواية عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي داود عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ، وهو غلط من ابن أبي داود .
وقول nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : إنه يقال : إن الغلط إنما جاء من قبل نوح بن حبيب الذي رواه عن ابن أبي داود فليس بجيد من قائله ، فإنه لم ينفرد به نوح عنه بل رواه غيره عنه ، وإنما الذي تفرد به ابن أبي داود كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وغيره (وحديث) nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رواه الرشيد العطار في بعض تخاريجه ، وهو وهم أيضا .
(وحديث) nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رواه ابن عساكر من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك وقال هذا حديث غريب جدا ، والمحفوظ حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر انتهى . والمعروف من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من رواية عبد الله بن المثنى الأنصاري قال حدثني بعض أهل بيتي عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس فذكر حديثا فيه أنه لا عمل لمن لا نية له الحديث . (وحديث) nindex.php?page=showalam&ids=8علي رواه محمد بن ياسر الجياني في نسخة من طريق أهل البيت إسنادها ضعيف . وأما من تابع nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة عليه فذكر nindex.php?page=showalam&ids=11797أبو أحمد الحاكم أن nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع nindex.php?page=showalam&ids=16588وعلقمة . وأما من تابع nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد عليه فقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في تاريخ نيسابور من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16506عبد ربه بن سعيد عن محمد بن إبراهيم أورده في ترجمة أحمد بن نصر بن زياد وقال : إنه غلط فيه قال ، وإنما هو عن nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد لا nindex.php?page=showalam&ids=16506عبد ربه بن سعيد .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني أنه رواه nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج بن أرطاة عن محمد بن إبراهيم ، وأنه رواه سهل بن صقير عن الدراوردي nindex.php?page=showalam&ids=16008وابن عيينة ، وأنس بن عياض عن محمد بن عمرو بن علقمة عن محمد بن إبراهيم ووهم سهل على هؤلاء الثلاثة ، وإنما رواه هؤلاء الثلاثة وغيرهم عن nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد .
ورأيت في كتاب المستخرج من أحاديث الناس للفائدة لعبد الرحمن بن منده أنه رواه سبعة عشر من الصحابة غير nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، وأنه رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر غير nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة وعن nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة غير التيمي وعن التميمي غير nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد . وبلغني أن الحافظ أبا الحجاج المزي سئل [ ص: 5 ] عن كلام nindex.php?page=showalam&ids=13564ابن منده هذا فاستبعده ، وقد تتبعت كلام nindex.php?page=showalam&ids=13564ابن منده فوجدت أكثر الصحابة الذين ذكر حديثهم في الباب إنما لهم أحاديث أخرى في مطلق النية لا هذا الحديث بعينه . كحديث يبعثون على نياتهم وحديث ليس له من غزاته إلا ما نوى ونحو ذلك .
وهكذا يفعل nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي حيث يقول : وفي الباب عن فلان وفلان فكثيرا ما يريد بذلك أحاديث غير الحديث الذي يسنده في أول الباب ولكن بشرط كونها تصلح أن تورد في ذلك الباب ، وهو عمل صحيح إلا أن أكثر الناس إنما يفهمون إرادة ذلك الحديث المعين والله أعلم .
(الرابعة) أطلق بعضهم على هذا الحديث اسم التواتر وبعضهم اسم الشهرة وليس كذلك ، وإنما هو فرد ومن أطلق ذلك فمحمول على أنه أراد الاشتهار أو التواتر في آخر السند من عند nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد . قال النووي : هو حديث مشهور بالنسبة إلى آخره غريب بالنسبة إلى أوله قال : وليس متواترا لفقد شرط التواتر في أوله رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد أكثر من مائتي إنسان أكثرهم أئمة قلت روينا عن الحافظ أبي موسى محمد بن عمر المديني أنه رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد سبعمائة رجل .
(الخامسة) في إسناد هذا الحديث لطيفة حديثية ، وهو أنه اجتمع فيه ثلاثة من التابعين بعضهم عن بعض nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة ، والتيمي ويحيى ، وهو كثير وأكثر ما اجتمع التابعون في حديث واحد ستة أنفس أفرده nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب بالتصنيف في جزء له ، وهو حديث أبي أيوب في فضل قراءة قل هو الله أحد .
(السادسة) هذا الحديث قاعدة من قواعد الإسلام حتى قيل فيه : إنه ثلث العلم وقيل ربعه وقيل خمسه وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد إنه ثلث العلم . قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : لأن كسب العبد بقلبه ولسانه وجوارحه فالنية أحد الأقسام ، وهي أرجحها ؛ لأنها تكون عبادة بانفرادها ولذلك كانت نية المؤمن خيرا من عمله وهكذا أوله nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي . وكلام الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد يشعر بأنه أراد بكونه ثلث العلم معنى آخر ، فإنه قال : أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث : حديث الأعمال بالنية وحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=hadith&LINKID=848512من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وحديث nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير الحلال بين ، والحرام بين .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود اجتهدت في [ ص: 6 ] المسند ، فإذا هو أربعة آلاف حديث ، ثم نظرت ، فإذا مدارها على أربعة أحاديث : الحلال بين ، والأعمال بالنية وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، وحديثه nindex.php?page=hadith&LINKID=907330من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه . هكذا روى nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي عنه وروى nindex.php?page=showalam&ids=13136ابن داسة عنه نحوه إلا أنه أبدل حديث إن الله طيب بحديث لا يكون المرء مؤمنا حتى لا يرضى لأخيه إلا ما يرضى لنفسه .
(السابعة) كلمة " إنما " للحصر على ما تقرر في الأصول ومعنى الحصر فيها إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه كقوله تعالى إنما إلهكم الله ولكن دلالتها على النفي فيما عداه هل هو بمقتضى موضوع اللفظ أو بطريق المفهوم ؟ فيه كلام لبعض المتأخرين واستدل على وفاقهم أنها للحصر أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فهمه من قوله صلى الله عليه وسلم : إنما الربا في النسيئة فاعترضه المخالفون له بدليل آخر يقتضي تحريم ربا الفضل ولم يعارضوه فيما فهمه من الحصر لاتفاقهم عليه .
واتفق الأئمة الستة على إثبات هذه اللفظة في الحديث ، وقد رواه القضاعي في مسند الشهاب دون لفظ إنما ، وهي من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون أيضا ، وإسنادها جيد إلا أن أبا موسى المديني قال : لا يصح إسناده يعني بدون إنما .
(الثامنة) إذا تقرر أنها للحصر فتارة تقتضي الحصر المطلق ، وهو الأغلب الأكثر وتارة تقتضي حصرا مخصوصا كقوله تعالى إنما أنت منذر وقوله إنما الحياة الدنيا لعب ولهو فالمراد حصره في النذارة لمن لا يؤمن ونفي قدرته على ما طلبوا من الآيات وأراد بالآية الثانية الحصر بالنسبة إلى من آثرها أو هو من باب تغليب الغالب على النادر . وكذا قوله في الحديث إنما أنا بشر أراد بالنسبة إلى الاطلاع على بواطن الخصوم وبالنسبة إلى جواز النسيان عليه قال ابن دقيق العيد ويفهم ذلك بالقرائن ، والسياق .
(التاسعة) المراد بالأعمال هنا [ ص: 7 ] أعمال الجوارح كلها حتى تدخل في ذلك الأقوال ، فإنها عمل اللسان ، وهو من الجوارح قال ابن دقيق العيد : ورأيت بعض المتأخرين من أهل الخلاف خصص الأعمال بما لا يكون قولا وأخرج الأقوال من ذلك . قال : وفي هذا عندي بعد ولا تردد عندي في أن الحديث يتناول الأقوال أيضا والله أعلم .
(العاشرة) النيات جمع نية ، والمشهور في الرواية تشديد الياء في الجمع وحكى فيه النووي التخفيف ، وقد ورد الحديث بلفظ الإفراد أيضا في النية وفي العمل أيضا وكله في الصحيح واختلف في حقيقة النية فقيل هي الطلب وقيل الجد في الطلب ومنه قول nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : من ينو الدنيا تعجزه أي من يجد في طلبها وقيل القصد للشيء بالقلب وقيل عزيمة القلب ، وقيل هي من النوى بمعنى البعد فكأن الناوي للشيء يطلب بقصده وعزمه ما لم يصل إليه بجوارحه وحركاته الظاهرة لبعده عنه فجعلت النية وسيلة إلى بلوغه والله أعلم .
(الحادية عشرة) قال ابن دقيق العيد : لا بد فيه من حذف المضاف واختلف الفقهاء في تقديره فالذين اشترطوا النية قدروا صحة الأعمال بالنيات أو ما يقاربه والذين لم يشترطوها قدروا كمال الأعمال بالنيات أو ما يقاربه ، وقد رجح الأول بأن الصحة أكثر لزوما للحقيقة من الكمال فالحمل عليها أولى ، قال : وقد يقدرونه إنما اعتبار الأعمال بالنيات وذكر بعض المتأخرين من الحنفية ، وهو قاضي القضاة شمس الدين السروجي أن التقدير ثوابها لا صحتها ؛ لأنه الذي يطرد ، فإن كثيرا من الأعمال يوجد ويعتبر شرعا بدونها ، ولأن إضمار الثواب منفق على إرادته ولأنه يلزم من انتفاء الصحة انتفاء الثواب دون العكس فكان ما ذهبنا إليه أقل إضمارا فهو أولى ولأن إضمار الجواز ، والصحة يؤدي إلى نسخ الكتاب بخبر الواحد ، وهو ممتنع ولأن العامل في قوله بالنية مقدر بإجماع النحاة ولا يجوز أن يتعلق بالأعمال ؛ لأنها رفع بالابتداء فيبقى بلا خبر فلا يجوز فالمقدر إما مجزئة أو صحيحة أو مثيبة (فمثيبة) أولى بالتقدير لوجهين :
(أحدهما) أن عند عدم النية لا يبطل أصل العمل وعلى إضمار الصحة ، والإجزاء يبطل فلا يبطل بالشك .
(الثاني) أن قوله ولكل امرئ ما نوى يدل على الثواب ، والأجر ؛ لأن الذي له إنما هو الثواب ، وأما العمل فعليه انتهى .
وفيه [ ص: 8 ] نظر من وجوه :
(أحدها) أنه لا حاجة إلى إضمار محذوف من الصحة أو الكمال أو الثواب إذ الإضمار خلاف الأصل ، وإنما المراد حقيقة العمل الشرعي فلا يحتاج حينئذ إلى إضمار وأيضا فلا بد من إضمار شيء يتعلق به الجار ، والمجرور فلا حاجة لإضمار مضاف ؛ لأن تقليل الإضمار أولى فيكون التقدير إنما الأعمال وجودها بالنية ويكون المراد الأعمال الشرعية .
(والثاني) أن قوله : إن تقدير الثواب أقل إضمارا لكونه يلزم من انتفاء الصحة انتفاء الثواب دون العكس فلا نسلم أن فيه تقليل الإضمار ؛ لأن المحذوف واحد ولا يلزم من تقدير الصحة تقدير ما يترتب على نفيها من نفي الثواب ووجوب الإعادة وغير ذلك فلا نحتاج إلى أن نقدر إنما صحة الأعمال ، والثواب وسقوط القضاء مثلا بالنية بل المقدر واحد ، وإن ترتب على ذلك الواحد شيء آخر فلا يلزم تقديره .
(والثالث) أن قوله : إن تقدير الصحة يؤدي إلى نسخ الكتاب بخبر الواحد ، فإن أراد به أن الكتاب دال على صحة العمل بغير نية لكون النية لم تذكر في الكتاب فهذا ليس بنسخ وأيضا فالثواب مذكور في الكتاب على العمل ولم تذكر النية على أن الكتاب ذكرت فيه نية العمل في قوله تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين فهذا هو القصد ، والنية ، ولو سلم له أن فيه نسخ الكتاب بخبر الواحد فلا مانع من ذلك عند أكثر أهل الأصول .
(والرابع) أن قوله : إن تقدير الصحة يبطل العمل ولا يبطل بالشك ليس بجيد بل إذا تيقنا شغل الذمة بوجوب العمل لم نسقطه بالشك ولا تبرأ الذمة إلا بيقين فحمله على الصحة أولى لتيقن البراءة به .
(والخامس) أن قوله : إن الذي له إنما هو الثواب ، وأما العمل فعليه ، والأحسن في التقدير أن لا يقدر حذف مضاف ، فإنه لا حاجة إليه ولكن يقدر شيء يتعلق به الجار ، والمجرور ، فإنه لا بد من تقديره كما تقدم إنما الأعمال وجودها بالنية ، ونفي الحقيقة أولى ، والمراد نفي العمل الشرعي ، وإن وجد صورة الفعل في الظاهر فليس بشرعي عند عدم النية والله أعلم .
(الثانية عشر) يحتمل أن يكون معنى إنما الأعمال بالنيات ، أن من لم ينو الشيء لم يحصل له ويحتمل أن يكون المراد من نوى شيئا لم يحصل له غيره قال ابن دقيق العيد : وبينهما فرق وإلى هذا يشير [ ص: 9 ] قوله : ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه انتهى .
(ومنها) لو نوى الوضوء ، والتبرد لم يضره على الأصح لحصول التبرد بدون النية ، وهذا إذا نواهما معا ، فإن طرأت نية التبرد ، فإن كان ذلك مع ذكر النية لم يضره ، وإن لم يكن ذاكرا لها لم يصح ما بعد نية التبرد .
(ومنها) لو نوى الجنب غسل الجنابة ، والجمعة معا فقد نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في nindex.php?page=showalam&ids=13920البويطي على حصولهما ، وهذا يقتضي حصول غسل الجمعة ، ولو لم ينوه ، وهو ما صححه nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي في الشرحين وخالفه في المحرر فقال يحصل المنوي فقط وتبعه النووي على هذا في سائر كتبه ونقله عن الأكثرين وقال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي : إنه إذا نواهما وقلنا : إنه لو اقتصر على الجنابة لم تحصل الجمعة فقضيته أن لا يصح الغسل أصلا ورد كلامه لمخالفته للنص .
(الثالثة عشر) إن قيل ما فائدة قوله : وإنما لكل امرئ ما نوى بعد قوله : إنما الأعمال بالنيات هل أتى به للتأكيد أو للتأسيس ؟ قال صاحب المفهم : فيه تحقيق لاشتراط النية ، والإخلاص في الأعمال انتهى فجعله للتأكيد ولا شك أن التأسيس أولى من التأكيد ، وذكر في فائدة ذلك وجوه :
(أحدها) ما قاله النووي : إن فائدته اشتراط تعيين المنوي ، فإذا كان على الإنسان صلاة مقضية لا يكفيه أن ينوي الصلاة الفائتة بل يشترط أن ينوي كونها ظهرا أو عصرا أو غيرهما ، ولولا اللفظ الثاني لاقتضى الأول صحة النية بلا تعيين .
(والوجه الثاني) ما ذكره ابن السمعاني في أماليه أن فيه دلالة على أن الأعمال الخارجة عن العبادة قد تقيد الثواب إذا نوى بها فاعلها القربة كالأكل ، والشرب إذا نوى بهما القوة على الطاعة ، والنوم إذا قصد به ترويح البدن للعبادة ، والوطء إذا أراد به التعفف عن الفاحشة كما قال عليه الصلاة والسلام وفي بضع أحدكم صدقة الحديث .
(والوجه الثالث) أن الأفعال التي ظاهرها القربة ، وإن كان موضوع فعلها للعبادة إذا فعلها المكلف عادة لم يترتب الثواب على مجرد الفعل ، وإن كان الفعل صحيحا حتى يقصد به العبادة . وقد ذكر ابن دقيق العيد في الاقتراح أن من أحسن ما يقصد بسماع الحديث كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بقصد القربة لا على سبيل العادة فجعل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن كانت قربة أن فائدتها فيما إذا قصد بها القربة والله أعلم .
(الرابعة عشر) المعروف في الرواية كسر الراء من قوله لامرئ وعلى هذا فإعرابه في حرفين من آخره الراء ، والهمزة تقول هو امرؤ جيد برفع الراء ورأيت امرأ بنصبها ، وهذه هي اللغة الفصحى ، وفيه لغتان أخريان فتح الراء مطلقا حكاها nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء وضمها مطلقا وتكون حركات الإعراب في [ ص: 11 ] الهمزة فقط ، وهو مفرد لا جمع له من لفظه .
(الخامسة عشر) فيه اشتراط النية لصحة العبادة ، وقد اتفق العلماء على ذلك في العبادة المقصودة لعينها التي ليست وسيلة إلى غيرها ، وحكى أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد المالكي في كتابه بداية المجتهد اتفاق العلماء على اشتراط النية في العبادات وحكى الاختلاف في الوضوء لاختلافهم في أنه وسيلة أو مقصد وحكى ابن التين السفاقسي أنهم لا يختلفون في أن العبادة المحضة مفتقرة إلى النية ، والعبادة المفهومة المعنى غير مفتقرة إلى النية .
وذكر النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أن الأعمال ضربان :
ضرب تشترط النية لصحته وحصول الثواب فيه كالأركان الأربعة وغير ذلك مما أجمع العلماء أنه لا يصح إلا بنية وكالوضوء ، والغسل ، والتيمم وطواف الحج ، والعمرة ، والوقوف مما اشترط النية فيه بعض العلماء ، وضرب لا تشترط النية لصحته لكن تشترط لحصول الثواب كستر العورة ، والأذان ، والإقامة وابتداء السلام ورده وتشميت العاطس ورده وعيادة المريض واتباع الجنائز وإماطة الأذى وبناء المدارس ، والربط ، والأوقاف ، والهبات ، والوصايا ، والصدقات ورد الأمانات ونحوها .
(السادسة عشر) احتج به من أوجب النية في الوضوء ، والغسل ، وهو قول الأئمة الثلاثة nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود وغيرهم وخالف في ذلك nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، وهي رواية شاذة عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك واحتج المخالف بأنه ليس مقصودا ، وأن المقصود به النظافة فأشبه إزالة النجاسة واعترض على الحنفية بأنهم أوجبوها في التيمم ، وليس مقصودا وأجابوا بأنه طهارة ضعيفة فافتقر إلى النية تقوية له وبأن الله ذكر النية في التيمم فتيمموا صعيدا طيبا أي اقصدوا ، وهو النية ولم يذكر ذلك في الوضوء ، والغسل واحتج أيضا القائلون بأنه لا تشترط النية في الوضوء بتعليم النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء للأعرابي ولم يذكر له النية مع جهل الأعرابي بأحكام الوضوء ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ونقض عليهم بتعليمه الصلاة للأعرابي المسيء صلاته ولم يذكر له النية ، وقد قلتم بوجوبها في الصلاة فما الفرق ؟ وإنما بين النبي صلى الله عليه وسلم لمن علمه الأفعال الظاهرة التي يقف الناظر على تركها لو تركوها فأما القصد [ ص: 12 ] للعبادة فكان معلوما عندهم والله أعلم .
(السابعة عشر) فيه حجة على nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي في ذهابه إلى أن التيمم لا تجب له النية أيضا كبقية الطهارات واحتج له بأنها وسائل وليست بمقاصد ورد عليه بالإجماع على أن الجنب لو سقط في الماء غافلا عن كونه جنبا أنه لا ترتفع جنابته قطعا فلولا وجوب النية لما توقف صحة غسله عليها ، وهو واضح .
(الثامنة عشر) احتج به لمن أوجب النية في غسل النجاسة ؛ لأنه عمل واجب قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي ويحكى عن nindex.php?page=showalam&ids=13216ابن سريج وبه قال أبو سهل الصعلوكي فيما حكاه صاحب التتمة انتهى .
وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح في فوائد الرحلة وجها ثالثا أنها تجب لإزالة النجاسة التي على البدن دون الثوب لإمكان صلاته في غيره ، وقد رد ذلك بحكاية الإجماع فقد حكى nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي في الحاوي nindex.php?page=showalam&ids=13890والبغوي في التهذيب أن النية لا تشترط في إزالة النجاسة قال nindex.php?page=showalam&ids=14395الروياني في البحر عندي لا يصح النقل عنهما أي عن nindex.php?page=showalam&ids=13216ابن سريج والصعلوكي ، وإنما لم يشترطوا النية في إزالة النجاسة ؛ لأنها من باب التروك فصار كترك المعاصي ، وقد يعترض على هذا التعليل بأن الصوم من باب التروك أيضا ؛ ولهذا لا يبطل بالعزم على قطعه ، وقد أجمعوا على وجوب النية فيه .
(التاسعة عشر) احتج به على nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في ذهابه إلى أن الكافر إذا أجنب أو أحدث فاغتسل أو توضأ ، ثم أسلم أنه لا يجب إعادة الغسل ، والوضوء عليه ، وهو وجه لبعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وخالف الجمهور في ذلك فقالوا : تجب إعادة الغسل ، والوضوء ؛ لأن الكافر ليس من أهل العبادة وبعضهم يعلله بأنه ليس من أهل النية .
وأما الذمية الممتنعة فقال في شرح المهذب الظاهر أنه على الوجهين في المجنونة بل قد جزم ابن الرفعة في الكفاية في غسل الذمية لزوجها المسلم أن المسلم هو الذي ينوي ولكن الذي صححه النووي في التحقيق في الذمية غير الممتنعة اشتراط النية عليها نفسها والله أعلم .
(الحادية والعشرون) استدل به على أنه لا يصح وضوء المرتد ولا غسله ولا تيممه ، وهو كذلك ؛ لأنه ليس أهلا للعبادة ، والنية ، وقد ادعى النووي في الروضة نفي الخلاف فيه تبعا nindex.php?page=showalam&ids=14345للرافعي [ ص: 13 ] وليس كذلك فقد حكى nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي في الحاوي وجها في صحة غسله وفي شرح المهذب حكاية وجه عن النهاية في صحة غسله ووضوئه أيضا وفي الجواهر للقمولي حكاية وجه في صحتهما وصحة تيممه أيضا .
(الثانية والعشرون) فيه اشتراط النية لسجود التلاوة ؛ لأنه عبادة ، وهو قول الجمهور وخالف فيه بعضهم فلم يوجب النية فيه .
(الثالثة والعشرون) استدل به على وجوب النية على الغاسل في غسل الميت ؛ لأنه عبادة وغسل واجب ، وهو أحد الوجهين لأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ويدل عليه نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي على وجوب غسل الغريق ، وأنه لا يكفي إصابة الماء له ولكن أصح الوجهين كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي في المحرر أنه لا تجب النية على الغاسل ونسب في الشرح تصحيحه للقاضي الروياني وغيره ؛ لأن النية إنما هي على المغتسل ، والميت لا يتصور منه ولأن مقصوده النظافة ويشكل بوجوب غسل الغريق وأجيب عنه بأنا مأمورون بغسله فلا يسقط الفرض إلا بغسلنا .
(الرابعة والعشرون) استدل به على أن المتوضئ إذا لم ينو الوضوء إلا عند غسل الوجه لم يحصل له ثواب ما فعله قبل ذلك من سنن الوضوء من المضمضة ، والاستنشاق وغسل الكفين ، والتسمية ، والسواك لخلو ذلك عن النية ، وهو كذلك وبه جزم nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي .
وذهب بعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلى حصول ثواب السنن لانعطاف النية على بقية العبادة كصيام التطوع على ما سيأتي واستثنى القمولي في الجواهر مما يحصل ثوابه من السنن التسمية ولك أن تقول إن أراد حصول ثواب الذكر لا بقيد ثوابه على فعلها في الوضوء فهو كذلك ولا يرد ذلك على nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي ؛ لأنه إنما نفى حصول ثواب سنن الوضوء ، وعلى هذا فينبغي أن يستثنى السواك أيضا ؛ لأنه سنة مطلقا لكن لا يحصل له ثواب السواك في الوضوء ، وإن أراد القمولي حصول ثواب التسمية بقيد كونها من سنن الوضوء فممنوع لقوله ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، وهو لم ينو الوضوء قبل ما فعله من السنن والله أعلم .
(الخامسة والعشرون) استدل به على أن من نوى صلاة فرض ، ثم بطل فرضه لإتيانه بما ينافي الفرضية دون النفلية أنها لا تصح نفلا ؛ لأنه لم ينو بصلاته النافلة فلا يحصل له ما لم ينوه ، وهو أحد الوجهين لأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أما إذا نوى في أثناء صلاته انقلابها نفلا فلا يخلو إما أن تكون لغرض صحيح أو لغير [ ص: 14 ] عذر ، فإن كان لغرض صحيح كأن أحرم بالفرض منفردا فجاء الإمام وتقدم ليصلي فنوى قلبها نفلا وسلم من ركعتين ، ثم صلى مع الإمام صحت الأولى نفلا كما نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وفيه قول مخرج أنها لا تصح نفلا ؛ لأنه لم ينوه ووقت النية عند الإحرام لا في أثنائها .
وهذا هو القياس ولكن اغتفر لخروجه لعذر ، والأول أصح كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي ؛ لأنه قصد النفل بعد الإعراض عن الفرض ، وإنما فعل ذلك لأمر محبوب ، وهو استئناف الصلاة بالجماعة ، وإن قلبها نفلا لغير سبب فالأظهر كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي البطلان ونص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أيضا ومثله ما لو أحرم بالظهر قبل الزوال ، فإن كان عالما لم يصح فرضا ولا نفلا لتلاعبه ، وإن فعله لظن دخول الوقت بالاجتهاد فالأصح كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي أنها تكون نفلا ومثله ما لو كبر المسبوق للإحرام في حالة هويه إلى الركوع ، فإن كان عالما بامتناع إيقاع تكبيرة الإحرام بعد مجاوزة حد القيام فالأظهر كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي البطلان ، وإن كان جاهلا فالأظهر انعقادها نفلا كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي ومثله ما لو وجد العاجز عن القيام في صلاة الفرض خفة فلم يقم والأظهر فيه البطلان كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي . ومثله ما لو أحرم بالفرض قاعدا مع القدرة على القيام ، والأظهر البطلان أيضا لتلاعبه كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي بل هو أولى بالبطلان من التي قبلها . والحديث حجة لمن قال لا يحصل له ثواب النفل مطلقا سواء فيه المعذور وغيره ؛ لأنه لم ينوه ونيته الحادثة في أثناء الصلاة واقعة في غير موضوع النية إلا أن أصحابنا جعلوا للمتطوع بالنفل المطلق الزيادة ، والنقصان بالنية على ما نواه أولا ، وإن كان في أثناء الصلاة والله أعلم .
(السادسة والعشرون) فيه حجة لمن ذهب إلى أنه إذا نوى الجماعة صلاة الجمعة فخرج وقتها أنهم لا يكملونها ظهرا ؛ لأنهم لم ينووا الظهر ، وإنما نووا الجمعة ويجب عليهم ابتداء الظهر ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وهو أحد الطريقين لأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وبنوه على الخلاف في أن الجمعة صلاة على حيالها أو هي ظهر مقصور ؟ وفيه قولان اقتضاهما كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قال النووي أظهرهما أنها صلاة بحيالها والمذهب كما صححه nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي والنووي جواز إتمامها ظهرا ، وهو مخالف لقضية بنائهم له على هذين القولين ومخالف لظاهر الحديث أيضا لكنهم شبهوه بالمسافر ينوي القصر فيفوت شرطه فيتم وليس [ ص: 15 ] كالقصر من حيث إن الصلاة واحدة ، وقد نواها ونية القصر أو الإتمام لا يخرجها عن كونها ظهرا مثلا بخلاف الجمعة ، فإنها صلاة على حيالها كما صححه النووي لكن nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي لم يصحح من هذين القولين شيئا .
وأشكل من ذلك ترجيحهم انقلابها بنفسها ظهرا من غير تجديد نية الظهر كما صححه nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي نقلا عن صاحب العدة وصححه النووي أيضا ، وقال : إنه مقتضى كلام الجمهور والله أعلم .
(السابعة والعشرون) فيه حجة لأحد الوجهين لأصحابنا أن المسبوق في الجمعة إذا أدرك الإمام بعد رفعه من الركعة الثانية أنه ينوي الظهر لا الجمعة لفواتها ولأنه إنما يصلي الظهر وليس له إلا ما نوى . ولكن الذي ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14395الروياني وصححه nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي والنووي أنه ينوي الجمعة موافقة للإمام ، وهو مشكل إذ كيف ينوي ما لا يفعله لا جرم قال المحب الطبري : لا وجه لإيجاب نية الجمعة انتهى وكتب النووي على حاشية الروضة هنا " إنما ينوي الجمعة ؛ لأنا لم نتيقن فواتها لاحتمال أن يكون الإمام قد نسي القراءة من إحدى الركعتين فيتذكر أنه بقي عليه ركعة فيقوم إليها " انتهى .
وإذا قلنا ينوي الجمعة كما هو المرجح فهل يصرف نيته إلى الظهر عند سلام الإمام أم لا يحتاج إلى ذلك وتنقلب بنفسها ظهرا ؟ الذي جزم به المحب الطبري في شرح التنبيه الأول ومقتضى ما تقدم في الفائدة قبلها من انقلابها بنفسها ظهرا في مسألة فوات شرط الجمعة أن يجيء مثله هنا ، وهذا كله على قول من يقول : إنما يدرك المأموم الجمعة بركعة وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يدرك بإدراكه قبل السلام بل لو أدرك معه سجدتي السهو بعد السلام كان مدركا للجمعة ، وهو بعيد .
(الثامنة والعشرون) فيه حجة على nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة حيث ذهب إلى أن المقيم إذا نوى في رمضان صوم قضاء أو كفارة أو تطوع وقع عن رمضان إذ ليس له إلا ما نواه ولم ينو صوم رمضان ، وتعيينه شرعا لا يغني عن نية المكلف لأداء ما كلف به وذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد أنه لا بد من تعيين رمضان لظاهر الحديث بخلاف الحج على ما سيأتي وذهب nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر إلى أن صيام رمضان لا تشترط فيه النية لتصحيح المقيم لتعين الزمان له .
[ ص: 16 ] التاسعة والعشرون) فيه حجة لمن ذهب إلى أن المتطوع بالصيام إذا نوى في أثناء النهار قبل الزوال أو بعده وقلنا بصحته أنه إنما يحسب له الصيام من حين النية لخلو أول النهار عن النية ، والنية لا تنعطف على ما قبلها ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11817أبي إسحاق المروزي من الشافعية وقال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي : إنه اختيار nindex.php?page=showalam&ids=15021القفال لكن الأظهر عند الأكثرين كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي إنه صائم من أول النهار ؛ لأن صوم اليوم الواحد لا يتبعض وشبهوه بالمسبوق يدرك ثواب جميع الركعة بإدراك الركوع .
(الفائدة الثلاثون) فيه حجة على nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في اكتفائه بنية واحدة في أول شهر رمضان لجميع الشهر ، وهي رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أيضا ، وذلك ؛ لأن كل يوم عمل بنفسه وعبادة مستقلة بدليل ما يتخلل بين الأيام في لياليها مما ينافي الصوم من المفطرات . وذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد في الرواية الأخرى إلى وجوب النية لكل يوم إذ هو عمل ولا عمل إلا بنية .
(الحادية والثلاثون) احتج به لمن ذهب إلى أنه إذا أحرم بالحج في غير أشهر الحج أنه لا ينعقد عمرة ؛ لأنه لم ينو العمرة ، وإنما له ما نواه ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وهو أحد قولي nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلا أن الأئمة الثلاثة قالوا : ينعقد إحرامه بالحج ولكن يكره عندهم الإحرام به قبل أشهره ولم يختلف قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إنه لا ينعقد بالحج .
وإنما اختلف قوله هل يتحلل بأفعال العمرة ، وهو قوله المتقدم نقله عنه أو ينعقد إحرامه عمرة ، وهو نصه في المختصر ، وهو الذي صححه nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي والنووي فعلى القول الأول لا تسقط عنه عمرة الإسلام وعلى القول الذي نص عليه في المختصر تسقط عنه عمرة الإسلام قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي : وشبهوا القولين بالقولين في التحرم بالصلاة قبل وقتها هل تنعقد نافلة ؟
وها هنا الأظهر انعقاده عمرة بكل حال لقوة الإحرام ولهذا ينعقد مع السبب المفسد له بأن أحرم مجامعا (قلت) أما على القول بأن العمرة ليست بواجبة فلا يبعد القول بانعقاده عمرة ، وإن كانوا في الصلاة قد جزموا بعدم انعقادها نفلا فيما إذا عرف أن الوقت لم يدخل لتلاعبه كما تقدم .
وأما على القول الراجح أن العمرة واجبة فليس يشبه ذلك القولين في الصلاة ، وإنما يشبهه أن لو كانت عليه فائتة فأحرم بالحاضرة بالاجتهاد فبان أنه كان قبل دخول الوقت، فإنه لا يجزيه عن الفائتة قطعا ، وإن كانت مثل الحاضرة [ ص: 17 ] بكونها ظهرا مثلا لكونه لم ينو الفائتة فينبغي أن لا ينعقد أيضا عمرة ولكن الحج خرج عن قياس بقية العبادات بدليل قصة الذي أحرم عن شبرمة كما سيأتي في الفائدة التي تليها .
(الثانية والثلاثون) احتج به nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك أن الصرورة يصح حجه عن غيره ولا يصح عن نفسه ؛ لأنه لم ينوه عن نفسه ، وإنما له ما نواه . وذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي إلى أنه لا ينعقد عن غيره ويقع ذلك عن نفسه لما روى nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة ، فقال أحججت قط ؟ قال لا قال فاجعل هذه عن نفسك ، ثم حج عن شبرمة وهذه رواية nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه بإسناد صحيح .
وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود حج عن نفسك ، ثم حج عن شبرمة ولك أن تقول ليس فيه تصحيح الإحرام عن نفسه ، وإنما أمره أن ينشئ الإحرام عن نفسه .
وقد يجاب بأن الظاهر أن هذا كان بعد مجاوزة الميقات فلو لم يقع الإحرام المتقدم عن فرض نفسه لأمره بالرجوع إلى الميقات أو بإخراج دم لمجاوزة الميقات بغير إحرام صحيح ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، وهذا كله على تقدير مجاوزته للميقات .
وأما الرواية التي ذكرها أصحابنا nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي وغيره هذه عن نفسك ، ثم حج عن شبرمة فقد رواها nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ولكنها ضعيفة فيها الحسن بن عمارة ، وهو ضعيف . واستدل nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة ومن وافقه بما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ، ثم nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريقه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=66020سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يلبي عن نبيشة فقال : أيها الملبي عن نبيشة ، احجج عن نفسك ، وهذا ضعيف فيه الحسن بن عمارة ، وهو متروك .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : يقال إن الحسن بن عمارة كان يرويه ، ثم رجع عنه إلى الصواب ، وقد ذهب nindex.php?page=showalam&ids=16935محمد بن جرير الطبري إلى أن الصرورة إذا نوى الحج عن غيره لم يقع عن نفسه ؛ لأنه لم ينوه عنه ، وإنما له ما نواه ويجب عليه أن ينوي ذلك عن نفسه والله أعلم .
(الثالثة والثلاثون) استدل به على أنه كما يشترط وجود النية أول العبادة يشترط استمرارها حكما إلى آخر العبادة حتى لو رفض النية ونوى قطع العبادة بطلت العبادة ، وقد فرق فيه أصحابنا بين العبادات فجزموا فيما إذا نوى الخروج من الصلاة بالبطلان ، وكذلك لو تردد هل يخرج أو يستمر [ ص: 18 ] فيها ؟
وكذا لو نوى الخروج إذا دخلت الركعة الثانية مثلا بطلت في الحال وقيل لا تبطل في الحال حتى لو رفض هذا العزم قبل دخول الركعة الثانية صحت ، وكذا لو علق الخروج بدخول شخص على الأصح وقيل : لا تبطل في الحال ، فإن دخل ، وهو ذاكر للتعليق بطلت ، وكذا إن كان ذاهلا عنه على ما قطع به الأكثرون .
ولو نوى الخروج من الصوم فالأظهر كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي أنه لا يبطل ؛ لأنه ترك وإمساك ، ولو تردد في الخروج منه أو علقه بدخول شخص فالذي ذكره المعظم وأشعر كلامهم بنفي الخلاف فيه أنه لا يبطل وطرد بعضهم الخلاف فيه والأظهر في الاعتكاف أنه لا يفسد بنية الخروج منه كالصوم كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي قال : وأفتى بعض المتأخرين ببطلانه كالصلاة وجزموا في الحج والعمرة أنه لا تفسدهما نية الخروج منه كما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي في أثناء تعليل ذكره وهكذا الوضوء ، والغسل لا يفسدهما نية قطعه ما لم يطل الفصل بحيث يعلم الإعراض عنه وسوى nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة في ذلك بين الحج ، والعمرة ، والصوم ، والاعتكاف ، والصلاة فلم ير قطع النية مفسدا لشيء من ذلك .
(الرابعة والثلاثون) استدل به من اشترط النية في أركان الحج من الطواف ، والسعي ، والوقوف ، والحلق ، وهو وجه حكاه صاحب التتمة في جميع الأركان المذكورة ، والخلاف في الطواف أشهر منه في بقية الأركان لكونه صلاة ، ولم يشترط الجمهور النية في شيء من ذلك مجيبين عن ذلك بأن نية الإحرام شاملة لهذه الأركان فلا يحتاج إلى نية أخرى كأركان الصلاة إلا أنهم قالوا يشترط أن لا تعرض في الطواف نية أخرى صارفة كطلب غريم مثلا ، فإنه لا يصح كنية التبريد العارضة بعد نية الطهارة ولم يشترطوا في الوقوف عدم النية الصارفة كطلب الغريم مثلا بل جزموا فيه بالإجزاء إلا ما حكيناه عن صاحب التتمة من جريان الخلاف فيه بل قالوا : لو مرت به الدابة بعرفة ، وهو نائم ولم يشعر صح وقوفه والله أعلم .
(السادسة والثلاثون) استدل به أصحابنا على تخصيص الألفاظ بالنية في الزمان ، والمكان ، وإن لم يكن في اللفظ ما يقتضي ذلك كمن حلف لا يدخل دار فلان مثلا وأراد في شهر كذا أو سنة كذا أو حلف لا يكلم فلانا مثلا وأراد كلامه بالقاهرة مثلا دون غيرها ونحو ذلك ، فإن له ما نواه ولا كفارة عليه لو خالف ظاهر اللفظ مع موافقة النية والله أعلم .
(السابعة والثلاثون) استدل به أصحابنا على اشتراط النية في الكنايات التي ينعقد بها البيع ، والكناية في الطلاق ، وذلك ؛ لأن اللفظ ليس صريحا في ذلك فتشترط النية لإرادة ذلك المعنى إذ الأعمال بالنيات فلو أراد غير ذلك المعنى أو لم يرد شيئا لم يصح البيع ولم يقع الطلاق والله أعلم .
(الثامنة والثلاثون) قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي فيه دليل على أن المطلق إذا طلق بصريح لفظ الطلاق ونوى عددا من أعداد الطلاق كمن قال لامرأته : أنت طالق ونوى ثلاثا كان ما نواه من العدد واقعا واحدة أو اثنتين أو ثلاثا وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق وأبو عبيد وقال أصحاب الرأي : هي واحدة ، وهو أحق بها ، وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل .
(التاسعة والثلاثون) فيه حجة على أهل الرأي في قولهم في الكناية في الطلاق كقوله أنت بائن أنه إن نوى اثنتين فهي واحدة بائنة لكونها كلمة واحدة ، وإن نوى الطلاق ولم ينو عددا فهي واحدة بائنة أيضا ، والحديث حجة عليهم وذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، والجمهور إلى أنه إن نوى اثنتين فهو كذلك ، وإن لم ينو عددا فهي واحدة رجعية ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ، وهذا أشبه بمعنى [ ص: 20 ] الحديث وأولى به والله أعلم .
(الفائدة الأربعون) استدل به أصحابنا على أنه لو أقر لزيد بشيء مجمل كقوله له على شيء أنه يرجع إلى نيته ما أراد بذلك ، وأنه يقبل منه تفسيره بأقل ما يتمول ؛ لأن اللفظ محتمل ، وهو أعلم بما نواه ، وكذا لو فسره بما ليس بمال مما يجوز اقتناؤه كالكلب المعلم على الأصح ، وكذا حق الشفعة وحد القذف على الصحيح أيضا بخلاف رد السلام ، والعيادة .
وأما إذا قال له على مال ، فإنه يقبل منه تفسيره بأقل متمول دون الكلب المعلم ونحوه ، ويقبل منه تفسيره بالمستولدة على الأصح على ما هو معروف في كتب الفقه ، وذلك ؛ لأن له ما نواه مما يحتمله اللفظ والله أعلم .
(الثانية والأربعون) استدل به nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على أنه لا يؤاخذ الناسي ، والمخطئ في الطلاق ، والعتاق ونحوهما ؛ لأنه لا نية لناس ولا مخطئ ، وهو كذلك .
والذي جرت به عادة الحكام الحذاق منهم اعتبار حال الواقع منه ذلك ، فإن تكرر منه ذلك وعرف منه وقوعه في المخالفات وقلة المبالات بأمر الدين لم يلتفتوا إلى دعواه ومن وقع منه ذلك فلتة وعرف بالصيانة ، والتحفظ قبلوا قوله في ذلك ، وهو توسط حسن والله أعلم .
وإنما يخادع بالنيات من لا يطلع عليها وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أن nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر كتب له فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=678304لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة .
وقال في الحديث الصحيح يبعثون على نياتهم والذي نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وقطع به جمهور أصحابه كراهة إزالة ملكه للفرار من الزكاة كراهة تنزيه وجعل بعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي الكراهة للتحريم كقول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وعليه يدل كلام nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في قوله إثم ، وكذلك عندهم البيع بالعينة ، والاستحلال إذا لم يشترط في العقد ، والتحيل لإسقاط الشفعة محمول على الكراهة لا على التحريم ، والحديث حجة لمن قال بالتحريم والله أعلم .
ورأيت في كلام بعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ممن صنف في الألغاز أن الحيل ليس فيها منافاة للشريعة بل قد ورد الشرع بتعاطي الحيل كقوله تعالى : وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث فما كان من الحيل هكذا ليس فيه إسقاط حق لمستحق له فهو حسن مشروع ، وما أدى من الحيل إلى إسقاط حق الغير فهو مذموم منهي عنه .
(الخامسة والأربعون) فيه أنه لا تصح العبادة من المجنون ؛ لأنه ليس من أهل النية كالصلاة ، والصوم ، والاعتكاف ، والحج ، والنذر وغيرها ولا عقوده كالبيع ، والهبة ، والنكاح ، وكذلك لا يصح منه الطلاق ، والظهار ، واللعان ، والإيلاء . ولا يجب عليه القود ولا الحدود ، وهو كذلك نعم إن كان زوال عقله بمحرم كالسكران وجب عليه القود ، والحد ووقع خلافه تغليظا عليه ، وذلك معروف في مواضعه من كتب الفقه .
(السادسة والأربعون) استدل به على أنه لا يجب القود في شبه العمد ؛ لأنه لم ينو قتله ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة وصاحبيه nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق إلا أنهم اختلفوا في الدية فجعلها nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن أثلاثا وجعلها الباقون أرباعا وجعلها nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور أخماسا ، وأنكر nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك شبه العمد وقال : ليس في كتاب الله إلا الخطأ ، والعمد .
(السابعة والأربعون) قوله (فمن كانت هجرته إلى آخره) الهجرة بكسر الهاء فعله من الهجر ، وهو ضد الوصل ، ثم غلب ذلك على الخروج من أرض إلى أرض وترك الأولى للثانية قاله صاحب النهاية وقال ابن دقيق العيد : الهجرة تقع على أمور :
(الهجرة الأولى) إلى أرض الحبشة (الثانية) من مكة إلى المدينة .
(الثالثة) هجرة القبائل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (الرابعة) هجرة من أسلم من أهل مكة .
(الخامسة) هجرة ما نهى الله عنه ، قال ومعنى الحديث وحكمه يتناول الجميع غير أن السبب يقتضي أن المراد بالحديث الهجرة من مكة إلى المدينة ؛ لأنهم نقلوا أن رجلا هاجر من مكة إلى المدينة ليتزوج امرأة تسمى أم قيس فسمي مهاجر أم قيس .
(قلت) : بقي عليه من أقسام الهجرة ثلاثة أقسام ، وهي (الهجرة الثانية) إلى أرض الحبشة ، فإنهم هاجروا إلى الحبشة مرتين كما هو معروف في السير ولا يقال : كلاهما هجرة إلى الحبشة فاكتفى بذكر الهجرة إليها مرة ، فإنه قد عدد الهجرة إلى المدينة في الأقسام لتعددها .
(والهجرة الثانية) هجرة من كان مقيما ببلاد الكفر ولا يقدر على إظهار الدين ، فإنه يجب عليه أن يهاجر إلى بلاد الإسلام كما صرح به أصحابنا .
(الثامنة والأربعون) اختلفت الأحاديث الواردة في الهجرة هل انقطعت بفتح مكة أم هي باقية ؟ ففي الصحيحين من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية ، وإذا استنفرتم فانفروا .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قوله nindex.php?page=hadith&LINKID=31101لا هجرة بعد الفتح وفي [ ص: 23 ] رواية له لا هجرة اليوم أو بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا أن nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير سأل nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عن الهجرة ؟ فقالت : " لا هجرة اليوم ، كان المؤمنون يفر أحدهم بدينه إلى الله وإلى رسوله مخافة أن يفتن عليه فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام ، والمؤمن يعبد ربه حيث شاء ولكن جهاد ونية " .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري nindex.php?page=showalam&ids=46ورافع بن خديج nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت أيضا لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية فهذه الأحاديث دالة على انقطاع الهجرة وروى nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397، والنسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=674043لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها .
وروى أيضا من حديث جنادة بن أبي أمية مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=696847أن الهجرة لا تنقطع ما كان الجهاد وجمع nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي في المعالم بين هذا الاختلاف بأن الهجرة كانت في أول الإسلام فرضا ، ثم صارت بعد فتح مكة مندوبا إليها غير مفروضة قال فالمنقطعة منهما هي الفرض ، والباقية منهما هي الندب قال : فهذا وجه الجمع بين الحديثين على أن بين الإسنادين ما بينهما ، حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس متصل صحيح وحديث nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية فيه مقال انتهى وقال صاحب النهاية : إن الجمع بينهما أن الهجرة هجرتان : إحداهما التي وعد الله عليها بالجنة كان الرجل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ويدع أهله ، وماله لا يرجع في شيء منه فلما فتحت مكة انقطعت هذه الهجرة .
والجواب أن التغاير في الحديث مقدر وتقديره فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله نية وقصدا فهجرته إلى الله ورسوله ثوابا وأجرا أو نحو ذلك من التقدير والله أعلم .
وظهر بهذا أن ترك جمعهما في ضمير واحد على وجه الأدب ، وأنه إنما أنكر على الخطيب ذلك تنبيها على دقائق الكلام ولأنه قد لا يكون عنده من المعرفة بتعظيم الله تعالى ما يعلمه صلى الله عليه وسلم من عظمته وجلاله والله أعلم .
(الحادية والخمسون) الدنيا فعلى من الدنو ، وهو القرب سميت بذلك لسبقها للآخرة ، وفي الدال لغتان ، الضم ، وهو الأشهر ، والكسر حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة وغيره ، وهي مقصورة ليس فيها تنوين بلا [ ص: 25 ] خلاف نعلمه بين أهل اللغة ، والعربية ، وحكى بعض المتأخرين من شراح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن فيها لغة غريبة بالتنوين وليس بجيد ، فإنه لا يعرف في اللغة .
وسبب الغلط أن بعض رواة nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رواه بالتنوين ، وهو أبو الهيثم الكشميهني ، وأنكر ذلك عليه ولم يكن ممن يرجع إليه في ذلك فأخذ بعضهم يحكي ذلك لغة كما وقع لهم نحو ذلك في خلوف فم الصائم فحكوا فيه لغتين ، وإنما يعرف أهل اللغة الضم ، وأما الفتح فرواية مردودة لا لغة والله أعلم .
(الثانية والخمسون) اختلف المتكلمون في حقيقة الدنيا على قولين : أحدهما أنها ما على الأرض من الهواء ، والجو ، والثاني أنها كل المخلوقات من الجواهر ، والأعراض .
أحدها أنه لا يلزم دخولها في هذه الصيغة ؛ لأن لفظة دنيا نكرة ، وهي لا تعم في الإثبات فلا يلزم دخول المرأة فيها .
والثاني أنه للتنبيه على زيادة التحذير .
والثالث أنه جاء أن سبب هذا الحديث مهاجر أم قيس وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال أيضا عن ابن سراج أنه إنما خص المرأة بالذكر من بين سائر الأشياء في هذا الحديث ؛ لأن العرب كانت في الجاهلية لا يتزوج المولى العربية ولا يزوجون بناتهم إلا من الأكفاء في النسب فلما جاء الإسلام سوى بين المسلمين في مناكحهم وصار كل واحد من المسلمين كفؤا لصاحبه فهاجر كثير من الناس إلى المدينة ليتزوج بها حتى سمي بعضهم مهاجر أم قيس .
(الرابعة والخمسون) قال ابن دقيق العيد : شرع بعض المتأخرين من أهل الحديث في تصنيف في أسباب الحديث كما صنف في أسباب النزول للكتاب العزيز فوقفت من ذلك على يسير له قال : فهذا الحديث على ما قدمناه من الحكاية عن مهاجر أم قيس يدخل في هذا القبيل .
(الخامسة والخمسون) ما اشتهر بين الشراح لهذا الحديث أن سبب قصة مهاجر أم قيس رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في المعجم الكبير بإسناد رجال ثقات . من رواية nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن أبي وائل عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها أم قيس فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر فهاجر فتزوجها فكنا نسميه مهاجر أم قيس .
(السادسة والخمسون) لم يسم أحد ممن صنف في الصحابة هذا الرجل الذي ذكروا أنه [ ص: 26 ] كان يسمى مهاجر أم قيس فيما رأيته من التصانيف .
وأما أم قيس المذكورة فقد ذكر أبو الخطاب بن دحية أن اسمها قيلة والله أعلم .
(السابعة والخمسون) إن قيل ما وجه ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر بن عبد البر في الاستيعاب في ترجمة nindex.php?page=showalam&ids=11088أم سليم أن nindex.php?page=showalam&ids=86أبا طلحة الأنصاري خطبها مشركا فلما علم أنه لا سبيل له إليها إلا بالإسلام أسلم وتزوجها وحسن إسلامه .
فدخل بهذا الحديث وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه من هذا الوجه فظاهر هذا أن إسلامه كان ليتزوج بها فكيف الجمع بينه وبين حديث الهجرة المذكورة مع كون الإسلام أشرف الأعمال ؟ والجواب عنه من وجوه :
(أحدها) أنه ليس في الحديث أنه أسلم ليتزوجها حتى يكون معارضا لحديث الهجرة ، وإنما امتنعت من تزوجه حتى هداه الله للإسلام رغبة في الإسلام لا ليتزوجها ولا يظن ذلك بأبي طلحة أنه إنما أسلم ليتزوج nindex.php?page=showalam&ids=11088أم سليم فقد كان من أجل الصحابة .
والوجه الثاني أنه لا يلزم من الرغبة في نكاحها أنه لا يصح منه الإسلام رغبة فيه فمتى كان الداعي إلى الإسلام الرغبة في الدين لم يضر معه كونه يعلم أنه يحل له بذلك نكاح المسلمات ولا ميراث مورثه المسلم ولا استحقاق الغنيمة ونحو ذلك إذا كان الباعث على الإسلام الرغبة في الدين .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال عند حديث الرجل يقاتل للمغنم من كان ابتداؤه نية الأعمال لله تعالى لم يضره بعد ذلك ما عرض في نفسه وخطر بقلبه من حديث النفس ووسواس الشيطان ولا يزيله عن حكمه إعجاب اطلاع العباد عليه بعد مضيه إلى ما ندبه الله إليه ولا سروره بذلك ، وإنما المكروه أن يبدأ بنية [ ص: 27 ] غير مخلصة وحكاه أيضا في موضع آخر عن nindex.php?page=showalam&ids=14689الطبري ، وأنه حكاه عن قول عامة السلف رضي الله عنهم .
والحق في اجتماع الباعثين أو البواعث على الفعل الواحد أنه لا يخلو إما أن يكون كل واحد منهما أو منها لو انفرد لكان كافيا في الإتيان بالفعل أو يكون الكافي لذلك أحدهما أو لعلة أحدهما ، فإن كان كل واحد كافيا بالإتيان به فهذا يضر فيه التشريك لقوة الداعي ، وإن غلب أحدهما بأن يكون حصوله أسرع إلى وقوع المنوي ، وإن كان الباعث على الفعل أحدهما بحيث لو عدم الآخر لم يتخلف عن المنوي فالحكم للقوي كمن يقوم للعبادة ، وهو يستحسن إطلاع الناس عليه مع أنه لو علم أنه لو لم يطلع عليه أحد لما صرفه ذلك عنها ولا عن الرغبة فيها فهذا لا يؤثر في صحة عبادته ، وإن كان الأكمل في حقه التسوية بين اطلاع الناس وعدم اطلاعهم ، والأسلم له عدم محبة اطلاعهم .
(والوجه الثالث) أنه لا يصح هذا عن أبي طلحة ، والحديث ، وإن كان صحيح الإسناد ، فإنه معلل بكون المعروف أنه لم يكن حينئذ نزل تحريم المسلمات على الكفار إنما نزل بين الحديبية وبين الفتح حين نزل قوله تعالى لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن كما ثبت في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فقول nindex.php?page=showalam&ids=11088أم سليم في هذا الحديث : ولا يحل لي أن أتزوجك شاذ مخالف للحديث الصحيح ، وما اجتمع عليه أهل السنن والله أعلم .
(الثامنة والخمسون) في قول nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب على المنبر يقول ردا على من يقول إن الواحد إذا ادعى شيئا كان في مجلس جماعة لا يمكن أن ينفرد بعلمه دون أهل المجلس لم يقبل حتى يبايعه غيره عليه كما قاله بعض المالكية مستدلين بقصة ذي اليدين ، وذلك ؛ لأنه لم يصح من رواية أحد عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إلا nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة مع كونه حدث به على المنبر كما ثبت في الصحيح بمحضر من الناس وانفرد nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة بنقله مع كونه من قواعد الدين بل قد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب به حين وصل إلى دار الهجرة وشهر الإسلام ، فإن ثبت ذلك فقد سمعه جمع من الصحابة ولم يروه عنه غير nindex.php?page=showalam&ids=2عمر من وجه يصح كما تقدم .
وقد أجمع المسلمون على صحته فلو اشترط متابعة الراوي لما حضره غيره ولم يقبل انفراده به لما قبلوه والله تعالى أعلم ، وإنما استفهم النبي صلى الله عليه وسلم في قصة ذي اليدين ؛ لأنه أخبره بخلاف ما كان في ظنه فاحتاج إلى أن يسأل [ ص: 28 ] عنه وليس في حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر هذا مخالفة لما رواه غيره من الصحابة فوجب المصير إليه .
(التاسعة والخمسون) فيه أنه لا بأس للخطيب أن يورد أحاديث في أثناء الخطبة ، وهو كذلك فقد فعله الخلفاء الراشدون nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي أيضا ، وهو مشهور معروف .
(الفائدة الستون) ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12815القاضي أبو بكر بن العربي حكاية عن علمائهم أن النية هي المرادة من قوله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=696899لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه قال : لأن الذكر مضاد للنسيان ، والنسيان ، والذكر إنما يتضادان بالمحل الواحد ومحل النسيان القلب فمحل الذكر إذا القلب وذكر القلب هو النية ، وذكر أن هذا الحديث ضعيف وحكى قول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد لا أعلم في هذا الباب حديثا صحيحا انتهى .
وما حكاه عن علمائهم قد رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في سننه عن nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة شيخ nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه الذي يتوضأ ويغتسل ولا ينوي وضوءا للصلاة ولا غسلا للجنابة وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي أيضا عن جماعة من العلماء ، وفيه نظر ، فإن في بعض طرقه عند nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=62781من توضأ وذكر اسم الله عليه تطهر جسده كله ومن توضأ ولم يذكر اسم الله عليه لم يتطهر إلا موضع الوضوء فلو كان المراد بذكر اسم الله النية لم يتطهر مع عدمها شيء لا مواضع الوضوء ولا غيرها .
وقد يقال ينبني على أن الحدث يحل جميع الجسد أو أعضاء الوضوء فقط ، فإن قلنا : يحل جميع الجسد لم تحصل الطهارة حيث لم يذكر اسم الله ، وإن قلنا : تحل أعضاء الوضوء فقط حصل ذلك لتطهر أعضاء الوضوء ، وقول nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : إن الذكر مضاد النسيان إلى آخره إنما ذلك في ذكر القلب ، فأما ذكر اللسان فلا يضاده النسيان بل يضاده ترك الذكر ، وإن كان ذاكرا بقلبه والله تعالى أعلم وقوله : إن الحديث ضعيف قد صححه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وفيه نظر .
(الحادية والستون) قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال ومما يجري بغير نية ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إن الخوارج أخذوا الزكاة من الناس بالقهر ، والغلبة وأجزأت عمن أخذت منه ومنها أن nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق وجماعة الصحابة أخذوا الزكاة من أهل الردة بالقهر ، والغلبة ، ولو لم تجزئ عنهم ما أخذت منهم قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : واحتج من خالفهم وجعل حديث النية على العموم أن أخذ الخوارج للزكاة غلبة لا ينفك المأخوذ منه من النية ؛ لأن معنى النية ذكرها [ ص: 29 ] وقت أخذها منه أنه عن الزكاة أخذها المتغلب عليه .
وأما nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر فلم يقتصر على أخذ الزكاة من أهل الردة بل قصد حربهم وغنيمة أموالهم وسبيهم لكفرهم ، ولو قصد أخذ الزكاة فقط لرد عليهم ما فضل عنها من أموالهم إلى آخر كلامه .
(الثانية والستون) فيه حجة على ابن القاسم في قوله : إن الرجل إذا أعتق عبده عن غيره في كفارة الظهار بغير علمه أنه يجزئه عن كفارته ، وإن كانت الكفارة فرضا عليه فأسقط كفارة الظهار بغير نية من هي عليه وذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وغيرهم إلى أنه لا يجزئه ذلك ، وكذلك خالفه من المالكية nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب وابن المواز والأبهري وقال : القياس أنه لا يجزئ ؛ لأن المعتق عنه بغير أمره لم ينو عتقه ، والعتق في الكفارات لا يجزئ بغير نية وليس كالميت يعتق عنه في الكفارة ، فإن نيته معدومة والله أعلم .
(الثالثة والستون) استثنى بعض العلماء من هذا الحديث مما لا تجب فيه النية من الواجبات ما إذا غاب عن المرأة زوجها مدة طويلة ، ومات ولم تعلم بموته أن عدتها من يوم موته لا من يوم بلغتها وفاته فالعدة واجبة عليها ، وقد سقطت عنها بغير نية كما اتفق عليه الحنفية ، والمالكية ، والشافعية فيما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال وأجابوا عن الحديث بأن العدة جعلت لبراءة الرحم ، وقد حصلت ، وإن لم تعلم المرأة بذلك ، وقد أجمعوا أن الحامل التي لم تعلم بوفاة الزوج أو طلاقه تنقضي عدتها بالوضع لبراءة الرحم والله أعلم .