وقال الشيخان فأتوا منه ما استطعتم فيه فوائد : (الأولى) أخرج هذا الحديث الشيخان nindex.php?page=showalam&ids=13948، والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397، والنسائي فرواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17257همام nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب وأبي سلمة ومحمد بن زياد nindex.php?page=showalam&ids=12045وأبي صالح السمان كلهم عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة واتفق عليه الشيخان من رواية nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد عن nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من رواية nindex.php?page=showalam&ids=12045أبي صالح عنه وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من رواية محمد بن زياد عنه .
(الثانية) قوله : ذروني أي اتركوني ، وقد أميت من هذا الفعل الماضي ، والمصدر فلا يقال [ ص: 116 ] وذره ولا وذرا ؛ ولهذا قال ما تركتكم ولم يقل ما وذرتكم ، وهو كقوله في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : دعوني إلا أن دع قد استعمل فيه الماضي على قلة وقرئ به في الشاذ قوله تعالى ما ودعك ربك بالتخفيف (الثالثة) فيه نهيه صلى الله عليه وسلم أصحابه عن سؤاله عما سكت عنه .
وقيل : إن سبب نزول هذه الآية سؤالهم عن الحج أيجب في كل عام كما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=hadith&LINKID=663112قال : لما نزلت ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا قالوا : يا رسول الله أفي كل عام فسكت فقالوا : يا رسول الله في كل عام ؟ قال : لا ولو قلت نعم لوجبت فأنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي [ ص: 117 ] في التفسير : إنه حسن غريب وفي بعض النسخ في كتاب الحج نقلا عن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أنه حديث حسن إلا أنه مرسل وأبو البختري لم يدرك nindex.php?page=showalam&ids=8عليا (الرابعة) السبب في قوله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث سؤالهم عن الحج أيضا هل يجب كل سنة كما رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا فقال رجل أكل عام يا رسول الله فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ثم قال : ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه . nindex.php?page=showalam&ids=11998ولأبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15397، والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، والحاكم وصححه أن الذي سأل عن ذلك الأقرع بن حابس ولم يذكر نزول الآية ولا حديث الباب والله أعلم .
(الخامسة) المراد من قوله : ذروني ما تركتكم النهي عن السؤال أو كثرة السؤال ، والنهي عن الاختلاف عليه بدليل قوله : فإنما هلك الذين من قبلكم بكذا ، وكذا فذكر في التعليل الأمرين معا وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بكثرة سؤالهم وفي رواية له كثرة سؤالهم ، وقد يدل هذا على أن المنهي عنه كثرة السؤال لا مطلقه ، وكذلك في حديث nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة المتفق عليه أنه نهى عن كثرة السؤال الحديث .
(الثامنة) استدل أيضا من ذهب إلى أن الإكراه على ارتكاب المعصية لا يبيحها وأحال بعض أصحابنا الإكراه على الزنا ؛ لأن الشهوة إليه هي الداعية لا الإكراه فلو لم تحضر الشهوة الداعية لما تصور ، والصحيح أن الإكراه على المعصية مسقط للإثم عن المكره ومسقط للحد أيضا ، وقد ثبت في نص القرآن أن الإكراه على كلمة الكفر لا يضر في قوله تعالى إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان فإذا لم يضر ذلك في الكفر فأولى أن لا يضر في المعاصي والله أعلم .
(التاسعة) فيه أن العجز عن الواجب أو عن بعضه مسقط للمعجوز عنه وأن الله تعالى لم يكلف إلا ما دخل تحت الطاقة لقوله تعالى لا يكلف الله نفسا إلا وسعها إلا أن المعجوز عنه إن كان له بدل فأتى به كالعجز عن القيام في الصلاة مثلا إذا انتقل المكلف إلى الصلاة قاعدا أو على جنب فقد أتى بما عليه وإن عجز عن أصل العبادة فلم يأت بها كالمريض يعجز عن الصيام فإنه يجب القضاء ، وإنما سقط عنه المباشرة حالة العجز ، وقد يكون الواجب منوطا بالقدرة عليه حالة الوجوب فقط ، فإذا عجز عنه سقط رأسا كزكاة الفطر لمن عجز عن قوته وقوت عياله يومئذ بخلاف الكفارات ، والديون فإنها تثبت في الذمة إلى وقت القدرة عليها والله أعلم .
(العاشرة) استدل برواية الشيخين في هذا الحديث وهي قوله : فأتوا منه ما استطعتم أن المحدث إذا وجد بعض ما يكفيه من الماء لطهارته أنه يجب استعماله سواء الحدث الأكبر ، والأصغر ؛ لأنه قادر على بعض المأمور به ، وهو القول الجديد nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ، والأصح كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي كما لو قدر على ستر بعض العورة فإنه يجب قطعا وذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة إلى أنه لا يجب ؛ لأنه عاجز عن كمال الطهارة بالماء فانتقل إلى بدله ، وهو التراب ، وهو القول القديم nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي واختاره nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني .
وأما إذا وجد بعض ما يكفيه من الماء ولم يجد التراب فأظهر الطريقين كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي : إنه يجب استعمال البعض لا محالة ؛ لأنه لا بدل ينتقل إليه فصار كالعريان يجد بعض السترة ، والطريق الثاني طرد القولين .
(الحادية عشر) محل الخلاف في وجود بعض ما يكفيه من الماء للطهارة هو ما إذا كان الموجود يصلح للغسل فأما إذا كان يصلح للمسح فقط بأن كان ثلجا أو بردا لا يذوب فالأظهر كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي : إنه لا يجب على المحدث [ ص: 119 ] استعماله في مسح الرأس بل يكفيه التيمم ؛ لأنا حيث أوجبنا استعمال البعض أوجبنا تقديمه على التيمم لئلا يتيمم مع وجود الماء وهنا لا يمكن الابتداء بمسح الرأس مع بقاء فرض الوجه ، واليدين وفيه طريق آخر لأصحابنا أنه على القولين في وجوب استعماله فعلى هذا يبدأ بماذا ؟
حكى nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي عن أبي العباس الجرجاني أنه يتيمم على الوجه ، واليدين ثم يمسح رأسه ببلل الثلج ثم يتيمم للرجلين وذكر النووي في شرح المهذب أن الأقوى دليلا التسوية بين أن يقدم التيمم أو المسح والله تعالى أعلم .
(الثانية عشر) محل وجوب الإتيان بالمقدور عليه من الواجب هو ما إذا كان المأتي به من القرب يتجزأ ، فأما إذا كان لا يتجزأ كاليوم الواحد في الصوم ، فإنه لا يجب الإتيان بالمقدور عليه منه ؛ لأنه لا يتجزأ ، وإذا فسد بعضه فسد كله بخلاف الاعتكاف ونحوه .
وأما القدرة على عتق بعض الرقبة في الكفارة فصرح أصحابنا بأنه لا تجب ، وإن عجز عن الصوم ، والإطعام ، وإن كان عتق بعض الرقبة قربة وعلله nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي بأن الكفارة على التراخي ، وقد تطرأ القدرة بعد ذلك .