(الأولى) استدل به العلماء على اشتراط الطهارة في صحة الصلاة وهو مجمع عليه حكى الإجماع في ذلك جماعة من الأئمة قال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة ولا يتم ذلك إلا بأن يكون انتفاء القبول دليلا على انتفاء الصحة فإن فسرناه بأنه ترتب الغرض المطلوب من الشيء على الشيء فيقال : الغرض من الصلاة وقوعها مجزئة بمطابقتها للأمر فإذا حصل هذا [ ص: 214 ] الفرض ثبت القبول على هذا التفسير .
وإذا ثبت القبول على هذا التفسير ثبتت الصحة وإذا انتفى القبول انتفت الصحة وقد حرر المتأخرون في هذا بحثا ؛ لأن انتفاء القبول قد ورد في مواضع مع ثبوت الصحة كالعبد الآبق ، وأنه لا يقبل الله له صلاة وكما ورد فيمن أتى عرافا وفي شارب الخمر وإن فسرناه بأنه كون العبادة بحيث يترتب الثواب عليها فهو أخص من الصحة فلا يلزم من نفيه نفيها ؛ لأنه لا يلزم من نفي الأخص نفي الأعم قال : وهذا إن نفع في تلك الأحاديث التي نفي فيها القبول مع بقاء الصحة فإنه يضر في الاستدلال بنفي القبول على نفي الصحة اللهم إلا أن يقال دل الدليل على كون القبول من لوازم الصحة فإذا انتفى انتفت فيصح الاستدلال بنفي القبول على نفي الصحة حينئذ .
ويحتاج في تلك الأحاديث التي نفي عنها القبول مع بقاء الصحة إلى جواب على أنه يرد على من فسر القبول بكون العبادة مثابا عليها أو مرضية أو ما أشبه ذلك إذا كان مقصوده بذلك أن لا يلزم من نفي القبول نفي الصحة أن يقال القواعد الشرعية تقتضي أن العبادة إذا أتي بها مطابقة الأمر كانت سببا للثواب والدرجات والظواهر في ذلك لا تحصى انتهى .
وقد تضمن كلامه للقبول تفسيرين : أحدهما : أنه ترتب الغرض المطلوب من الشيء على الشيء والثاني : أنه كون العبادة بحيث يترتب الثواب عليها وإنه يلزم من نفي القبول نفي الصحة بالتفسير الأول ولا يلزم بالتفسير الثاني إلا على البحث الذي ذكره في آخر كلامه .
وقال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر بن العربي : القبول في ألسنة السلف الرضا قبلت الشيء رضيته وأردته والتزمت العوض عنه فقبول الله للعمل هو رضاه به وثوابه عليه ، وكذا فسر صاحبا المشارق والنهاية القبول بأنه المحبة والرضا ، وفي الصحاح يقال على فلان قبول إذا قبلته النفس والذي ينبغي أن يقال في اختلاف الأحاديث التي ذكرها وكونها مستوية في نفي القبول فانتفت الصحة معه في بعضها دون بعض أنه لا يلزم من نفي القبول نفي الصحة لكنا ننظر في المواضع التي نفي فيها القبول فإن كان ذلك العمل قد اقترنت به معصية علمنا أن عدم قبول ذلك العمل إنما هو لوجود تلك المعصية فمن هذا الوجه كان ذلك العمل غير مرضي [ ص: 215 ] لكنه صحيح في نفسه لاجتماع الشروط والأركان فيه ، وهذا كصلاة العبد الآبق وشارب الخمر وآتي العراف فهؤلاء إنما لم تقبل صلاتهم للمعصية التي ارتكبوها مع صحة صلاتهم ، وإن لم يقترن بذلك العمل معصية فعدم قبوله إنما هو لفقد شرط من شروطه فهو حينئذ غير صحيح ؛ لأن الشرط ما يلزم من عدمه العدم ، وهذا كصلاة المحدث والمرأة مكشوفة الرأس فإن الحدث وكشف المرأة رأسها حيث لا يراها الرجال الأجانب ليس معصية فعدم قبول هذه العبادة إنما هو لأن ضد الحدث الذي هو الطهارة شرط في صحة الصلاة وكذلك ضد الكشف وهو الستر شرط في صحة الصلاة ففقدت الصحة لفقد شرطها فاعتبر ما ذكرته تجد جميع الأحاديث ماشية عليه من غير خلل ولا اضطراب والله أعلم .
(الثانية) قوله صلاة أحدكم مفرد مضاف فيعم كل صلاة سواء في ذلك الفريضة والنافلة وصلاة الجنازة ، وهذا أمر مجمع عليه إلا ما حكي عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16935ومحمد بن جرير الطبري أنهما قالا تجوز صلاة الجنازة بغير طهارة قال النووي وهذا مذهب باطل وأجمع العلماء على خلافه .
ونقل القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض عن بعضهم أن حكم الوضوء حكم ما توضأ له من نافلة أو سنة وأما سجود التلاوة والشكر فإن أدخلناهما في مسمى الصلاة فقد تناولها لفظ الحديث وإن لم ندخلهما في مسمى الصلاة فقد جعل العلماء حكمهما كحكم الصلاة في اشتراط الطهارة ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=15021القفال في محاسن الشريعة أن المعنى في ذلك أنهما شعبة من الصلاة وركن من أركانها حتى إن الصلاة تسمى سجودا ، فقد روي في الخبر nindex.php?page=hadith&LINKID=651097إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يسجد سجدتين أي يصلي ركعتين .
وحكى النووي وغيره الإجماع على اشتراط الطهارة فيهما وروى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في مصنفه بإسناد فيه جهالة أن nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان ينزل عن راحلته فيهريق الماء ثم يركب فيقرأ السجدة ويسجد وما توضأ وعن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي أنه قال في الرجل يقرأ السجدة وهو على غير وضوء قال يسجد حيت كان وجهه .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر وروينا عن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان في الحائض تسمع السجدة أنها تومئ برأسها وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال وتقول اللهم لك سجدت (الثالثة) قال nindex.php?page=showalam&ids=12815القاضي أبو بكر بن العربي وهي من شرائط الأداء لا من شرط الوجوب بإجماع الأمة وفيما نقله من الإجماع نظر .
[ ص: 216 ] فعند المالكية في ذلك خلاف سنوضحه في الفائدة التي بعدها والذي دل عليه هذا الحديث كونها من شرائط الأداء بالتقدير المتقدم في الفائدة الأولى أما كون الوجوب متوقفا عليها فليس في الحديث تعرض له .
(الرابعة) استدل به nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض وغيره على أن فاقد الطهورين لا تجب عليه الصلاة وزاد صاحب المفهم على ذلك أن فيه دليلا على أنه لا يجب القضاء أيضا قال : لأن عدم قبولها لعدم شرطها يدل على أنه ليس مخاطبا بها حالة عدم شرطها فلا يترتب شيء في الذمة فلا تقضى وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وابن نافع قال :
وعلى هذا فتكون الطهارة من شروط الوجوب واختلف أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في هذه المسألة لاختلافهم في هذا الأصل انتهى .
وسبقه إلى هذا البناء أبو الطاهر بن بشير فقال : سبب هذا الخلاف يعني في فاقد الطهورين الخلاف في كون الطهارة شرطا في الوجوب فتسقط الصلاة عمن تعذرت عليه ، أو شرطا في الأداء فيقف الفعل على الوجود انتهى .
ونقل nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر عن ابن خويز منداد أنه قال إنه الصحيح من مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أعني أنه لا يجب الأداء ولا القضاء ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر ما أعرف كيف أقدم على أن أجعل هذا الصحيح من المذهب مع خلافه جمهور السلف وعامة الفقهاء وجماعة المالكيين قال : وهو قول ضعيف مهجور شاذ مرغوب عنه انتهى .
وفي المسألة أربعة أقوال أخر nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي وهي مذاهب لعلماء :
(أحدها) : أنه يجب عليه أن يصلي على حاله لحرمة الوقت ويجب أن يعيد إذا تمكن من أخذ الطهورين ، وبه قال ابن القاسم nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف ومحمد وهو الأصح من مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ورواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد .
(الثاني) يحرم عليه أن يصلي لفقد شرط الصلاة وهو الطهارة ويجب القضاء إذا تمكن .
(الثالث) يستحب أن يصلي ويجب القضاء سواء أصلى أم لم يصل .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ : يصلي إذا قدر وهو محتمل لإرادة هذا القول والذي قبله ونقل nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي أنه لا يصلي حتى يجد أحدهما وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة لا يصلي فإذا وجد ذلك صلى (الرابع) تجب الصلاة في الوقت ولا تجب إعادتها فإنها إنما تجب بأمر جديد وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=12321وأشهب وهو اختيار nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني قال nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور : وهو القياس وحكي عنه أيضا أن القياس أنه لا يصلي حتى يجد أحد الطهورين ، ولهذا نقل عنه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر [ ص: 217 ] قولين وهذا القول الرابع قال به nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم وصححه nindex.php?page=showalam&ids=12815القاضي أبو بكر بن العربي وقال النووي : إنه أقوى الأقوال دليلا .
قال : وكذا يقول nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني كل صلاة أمر بفعلها في الوقت على نوع من الخلل لا يجب قضاؤها وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي قولا سادسا أنه يومئ إلى التيمم قال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي :
والذي أقول أنه إنما يومئ إلى الماء لا إلى التيمم ، واعلم أن هذه المسألة لا يمكن الخروج من الخلاف فيها فإن أحد الأقوال وجوب الصلاة في الوقت ، والآخر تحريمها ، وقياس السهو في الصلاة ترجح فعلها وحمل القائلون بوجوب الصلاة في هذه الصورة هذا الحديث على المتمكن من الطهارة وأخرجوا العاجز عن دلالة الحديث ، واستدلوا لوجوبها بقوله عليه الصلاة والسلام إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم والمكلف مأمور بالصلاة والطهارة فإذا عجز عن الطهارة لا تسقط عنه الصلاة والله أعلم .
(الخامسة) استدل به nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي على اشتراط الطهارة في صحة الطواف ؛ لأنه صلاة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=14566الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله - تعالى - أحل فيه الكلام وقال الشيخ فتح الدين العمري في شرح nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي المشبه لا يقوى قوة المشبه به من كل وجه ومعلوم أن قوله عليه السلام الطواف صلاة أي يشبه الصلاة ، وقد نبه على الفرق بينهما بجواز الكلام فيه ، وكما أنه يجوز فيه ما لا يجوز في الصلاة فكذلك لا يشترط فيه كل ما يشترط في الصلاة ويرد على nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي إباحة الكلام فيه والمشي ، وليسا مما يباح في الصلاة انتهى كلامه ، وفيه نظر في مواضع :
(أحدها) في قوله : إن قوله صلى الله عليه وسلم الطواف صلاة أي يشبه الصلاة فلقائل أن يقول إنه صلاة حقيقة فإن الأصل في الإطلاق الحقيقة وهي حقيقة شرعية ، ويكون لفظ الصلاة مشتركا بين الصلاة المعهودة والطواف اشتراكا لفظيا .
(ثانيها) في قوله : وقد نبه على الفرق بينهما بجواز الكلام فيه فيقول قد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلاة فثبت له جميع أحكام الصلاة إلا ما استثنى ، والاستثناء معيار العموم .
(ثالثها) في قوله وكما أنه يجوز فيه ما لا يجوز في الصلاة فكذلك لا يشترط فيه كل ما يشترط في الصلاة فنقول : هذا قياس معارض لظاهر الحديث ، وأيضا فلا ملازمة بينهما تصحح القياس ثم لو سلمنا صحته فذلك لا يمنع من الاستدلال بهذا الحديث على شيء يخالف القياس [ ص: 218 ]
(رابعها) في قوله ويرد على nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي إباحة الكلام فيه والمشي وليسا مما يباح في الصلاة فنقول هذا مما تقدم أن جميع ما يشترط في الصلاة يشترط في الطواف إلا ما يستثنى، وإباحة الكلام مستثناة بقوله وفعله والمشي مستثنى بفعله ولأنه لا يصدق اسم الطواف شرعا إلا بالمشي والله أعلم .
(السادسة) قد تقرر دلالة الحديث على بطلان الصلاة عند فقد الطهارة وهو دال على تحريم الصلاة في تلك الحالة لما فيه من التلاعب بتعاطي العبادة الفاسدة وهو كذلك إذا فعله متعمدا بلا عذر بل حكي عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه يكفر .
وقال الجمهور : لا يكفر لأن الكفر بالاعتقاد وهذا المصلي اعتقاده صحيح .
(أحدها) : الخارج المخصوص وما في معناه مما يذكره الفقهاء في نواقض الوضوء حيث يقولون : الأحداث كذا وكذا .
(الثاني) : نفس خروج ذلك الخارج .
(الثالث) المنع المترتب على ذلك الخروج وبهذا المعنى يصح قولنا رفعت الحدث ؛ لأن الأولين يستحيل رفعهما بمعنى أن لا يكون وقعا إذ هما وقعا بخلاف المعنى الثالث ، وهو المنع فإن الشارع جعل للمنع غاية وهو استعمال المكلف الطهور ، فإذا استعمله صح قوله نويت رفع الحدث أي رفع ذلك المنع الممتد من الأمور المخصوصة .
(الرابع) : وصف حكمي يقدر قيامه بالأعضاء ينزل في ذلك منزلة الحسي قال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة ذكره كثير من الفقهاء ، وهم مطالبون بدليل شرعي يدل على إثبات هذا المعنى الرابع وأقرب ما يذكر فيه أن الماء المستعمل قد انتقل إليه المانع القائم بالأعضاء .
ومن يرى أن التيمم رافع للحدث لا يثبت هذا المعنى ، ويقول : إذا زال المنع لم يبق حدث .
والظاهر : أن المراد بالحدث في هذا الحديث المعنى الأول أو الثاني ولا يمكن إرادة الثالث ؛ لأن هذا الحديث هو الدال على المنع فلو حملنا قوله إذا أحدث على المنع لم يكن فيه فائدة .
(فإن قلت) إنما يلزم ذلك أن لو قال يحرم على أحدكم الصلاة إذا أحدث فلا يمكن أن يكون معنى أحدث هنا : منع لاتحاد الشرط والجزاء ، والذي في الحديث إنما هو نفي القبول ولا امتناع في أن يقال لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا منع من الصلاة حتى يتوضأ .
(قلت) قد قررت دلالة نفي القبول على نفي الصحة في هذا الموضع ودلالة نفي الصحة على التحريم فالتحريم مدلول عليه بالحديث ، وإن لم يكن مصرحا به فيه والله أعلم .
(الثامنة) الظاهر أن المراد بالحدث هنا جميع نواقض الوضوء وهي مفصلة في مواضعها ، وقال صاحب المفهم : قوله أحدث كناية عما يخرج من السبيلين معتادا في جنسه وأوقاته عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وجل أصحابه وقال ابن عبد الحكم nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي المعتبر الخارج النجس وحده فمن أي شيء خرج نقض وأوجب انتهى .
وفيه أمران أحدهما أنه لا معنى لتخصيصه بالخارج المخصوص فسائر نواقض الوضوء أحداث وعلى ذلك مشى nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال في شرح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري كما سنحكي كلامه (ثانيهما) في نقله عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي نظر من وجهين :
(أحدهما) أنه لا يعتبر في الخارج كونه نجسا بل لو كان طاهرا كالدود والحصى نقض أيضا .
(الثاني) أنه لا يقول بالنقض من أي شيء خرج [ ص: 220 ] بل لا بد أن يكون من أحد السبيلين إلا فيما إذا انسد المخرج المعتاد وانفتح مخرج تحت المعدة فإنه ينتقض الوضوء بالخارج منه فإن انفتح فوقها أو انفتح تحتها مع انفتاح الأصلي أيضا ففيه قولان أصحهما عدم النقض وهذا الذي نقله عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه يحصل النقض بكل خارج نجس من البدن والله أعلم .
وفي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في هذا الحديث في كتاب الطهارة قال رجل من حضرموت : ما الحدث يا nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة قال فساء أو ضراط قال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة ولعله قامت له قرائن حالية اقتضت هذا التخصيص انتهى .
ولذلك أورد nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في باب الوضوء من الريح مع أن هذه الزيادة ليست في روايته وقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال إنما اقتصر على بعض الأحداث لأنه أجاب سائلا سأله عن المصلي يحدث في صلاته فخرج جوابه على ما يسبق المصلي من الأحداث في صلاته لأن البول والغائط والملامسة غير معهودة في الصلاة وهو نحو قوله عليه الصلاة والسلام للمصلي إذ أمره باستصحاب اليقين في الطهارة لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ، ولم يقصد به تعيين الأحداث وتعدادها قال : والأحداث التي أجمع العلماء أنها تنقض الوضوء سوى ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة البول والغائط والمذي والودي والمباشرة وزوال العقل بأي حال زال والنوم الكثير والأحداث التي اختلف في وجوب الوضوء منها القبلة والجسة ومس الذكر والرعاف ودم الفصد وما يخرج من السبيلين نادرا غير معتاد مثل سلس البول والمذي ودم الاستحاضة والدود يخرج من الدبر ، وليس عليه أذى ، وساق الكلام على ذلك ، ولا يخلو عن نظر .
(التاسعة) تكلم nindex.php?page=showalam&ids=15021القفال في محاسن الشريعة على حكمة ربط الطهارة بالأحداث بما ملخصه أن الطهارة بالماء مستحسنة عقلا وعادة ، ولو لزم فعلها كل وقت لتعذر أو شق فعلقت بحال مخصوصة وهي الصلاة [ ص: 221 ] لأنها أولى ما تعلق به لما فيها من مناجاة الله تعالى ولو وجبت لكل صلاة لشق ولا بد لها من نهاية ينقضي حكمها بوجودها ، ولا يصلح أن تكون تلك النهاية عددا مخصوصا من الصلوات فإن الطهارة قد تجب لغير الصلاة فجعلت نهايتها خروج أشياء من البدن مستقذرة جرت العادات الحسنة باجتنابها وإزالتها وسميت تلك الأشياء أحداثا ثم كان زوال العقل يزيل التكليف وهو مظنة خروج الرائحة ولا يخلو في كثير من الأحوال عن اقتران نداوة بها فحسم الباب وألحقت بالغائط ونحوه .
وأيضا فإن زوال العقل بغير النوم يزيل التكليف وهو أشنع الأشياء وأفظعها فألحق لذلك بالنجاسة الخارجة من السبيلين ثم ذكر معنى آخر ، وهو أن الطهارة إنما تقع بما يتنظف به ، والخارج من البدن إما مستخبث كالبول ونحوه أو غير مستخبث كالعرق والبزاق ونحوهما فاختصت بخروج المستخبث لأنه الذي يحتاج إلى التنظيف منه قال : ثم إن الله - تعالى - نبهنا بما أمرنا به من الطهارة من الحدث على الطهارة من الآثام ؛ لأن أفعال البدن مستخبث كالمعصية وغير مستخبث كالطاعة فانقسم ما يخرج من البدن قسمين كانقسام ما يخرج من أفعال البدن قسمين وكان التطهير لازما للمذموم منهما في الناس والله أعلم .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12815القاضي أبو بكر بن العربي أن ربط الطهارة بالأحداث عبادة لا يعقل معناها قال وقد أشار بعض من تكلم على حكم الشريعة إلى أن في تعليقها بالأحداث معنى معقولا فلم يتفق له صحيحا انتهى .
وكأنه أشار بذلك إلى nindex.php?page=showalam&ids=15021القفال وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14155الحكيم الترمذي في علله أن المعنى في ذلك أن مستقر الشيطان تحت المعدة في موضع الفضول فإذا خرج ريح الفضول أو بلته فهو من مستقره ولذلك نجس بنجاسة الشيطان وكفره فما خرج من السبيلين لزم منه التطهير ولذلك قال أهل المدينة لا يجب الوضوء من الخارج من غير السبيلين وأوجبه أهل الكوفة لنجاسته ، وإنما نجس لكونه من مستقر الشيطان ألا ترى أن ما خرج من النصف الأعلى من النخامة والبلغم والبصاق ليس نجسا والدم والعذرة والبول من مستقره ومجلسه فهو نجس بنجاسته من أي موضع خرج ولا ينظر من أي حد خرج وإنما ينظر من أين [ ص: 222 ] خرج قال : وقول أهل الكوفة أشبه بالحق انتهى .
(العاشرة) قال النووي قوله حتى يتوضأ معناه حتى يتطهر بماء أو تراب ، وإنما اقتصر على الوضوء لكونه الأصل أو الغالب .
(الحادية عشرة) فيه دليل على أنه لا يجب الوضوء لكل صلاة وإنما يجب على المحدث خاصة قال الشيخ تقي الدين : ووجه الاستدلال به أنه عليه الصلاة والسلام بقي عدم القبول ممتدا إلى غاية الوضوء وما بعد الغاية مخالف لما قبلها فيقتضي ذلك قبول الصلاة بعد الوضوء مطلقا ، ويدخل تحته الصلاة الثانية قبل الوضوء لها ثانيا .
(قلت) قد يقال تحصل المخالفة بين ما قبل الوضوء وما بعده بقبول صلاة واحدة بعده إذ قبله لا يقبل شيء أصلا ويحتمل أن يقال في الاستدلال وجه آخر ، وهو أنه قيد عدم القبول بشرط الحدث ، ومفهومه حجة عند الأكثرين ومفهومه هنا أنه إذا لم يحدث تقبل صلاته ، وإن لم يجدد وضوءا .
(الثالثة عشرة) أورده nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في كتاب ترك الحيل وبوب عليه هناك بابا في الصلاة قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال في شرحه معناه الرد على nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في قوله أن المحدث في صلاته يتوضأ ويبني على ما تقدم من صلاته وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي يستأنف الصلاة ولا يبني وحجتهما هذا الحديث وقوله عليه الصلاة والسلام لا صلاة إلا بطهور .
قال ابن القصار ولا يخلو في الحال انصرافه من الصلاة وقد أحدث أن يكون مصليا أو غير مصل فبطل أن يكون مصليا لقوله لا صلاة إلا بطهور وهذا غير متطهر فلا يجوز له البناء ، وكل حدث منع ابتداء الصلاة منع البناء عليها يدل على ذلك أنه لو سبقه المني استأنف بالاتفاق منا ومنهم فإن احتجوا بالرعاف أنه يبني قيل الرعاف عندنا لا ينافي حكم الطهارة والحدث ينافيها .