[ ص: 265 ] باب التأمين وهو مصدر لقوله أمن ومعنى أمن قال آمين ، وفي آمين ثلاث لغات : المد والقصر مع تخفيف الميم ولم يحك جمهور أهل اللغة غيرهما ، وأشهرهما المد والثالثة تشديد الميم مع القصر وهي ضعيفة قال nindex.php?page=showalam&ids=14042الجوهري : وتشديد الميم خطأ وآمين اسم مبني على الفتح كأين وكيف واختلف في معناها فقيل : المعنى اللهم استجب وهو المشهور عند أكثر أهل اللغة وقيل : معناهما ليكن كذلك وبه جزم nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي تبعا nindex.php?page=showalam&ids=14847للغزالي وقيل : هو اسم من أسماء الله تعالى وقيل : اسم قبيلة من الملائكة .
(الأولى) فيه حجة nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق أنه يستحب للإمام التأمين عقب الفاتحة وخالف nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في ذلك فلم يستحب للإمام التأمين قال ابن دقيق العيد : وأولوا قوله إذا أمن الإمام على بلوغه موضع التأمين وهو خاتمة الفاتحة كما يقال : أنجد إذا بلغ نجدا وأتهم إذا بلغ تهامة وأحرم إذا بلغ الحرم قال : وهذا مجاز فإن وجد دليل يرجحه على ظاهر هذا الحديث وهو قوله إذا أمن وهو حقيقة في التأمين عمل به وإلا فالأصل عدم المجاز قال ولعل nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا رحمه الله اعتمد على عمل أهل المدينة إن كان لهم في ذلك عمل ورجح به مذهبه انتهى .
(قلت) وما حكاه من التأويل عنهم لا يحتمله لفظ الحديث المتقدم وهي رواية nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الموطإ ؛ لأن [ ص: 266 ] لفظها إذا قال الإمام آمين فهذه لا تحتمل المحمل الذي أولوا عليه إذا أمن الإمام والله أعلم وأيضا ينافي تأويلهم قوله فوافقت إحداهما الأخرى .
(الثانية) فيه أن الله تعالى جعل للملائكة قوة الإدراك بالسمع وهم في السماء لما ينطق به بنو آدم في الأرض أو لبعض ذلك ؛ لأنه جعل مكان تأمين الملائكة في السماء ويحتمل أن يراد بالسماء العلو والأولى حمله على ما تقدم .
(الثالثة) ظاهره أن هؤلاء الملائكة غير الحفظة لتقييد تأمينهم بالسماء والحفظة مع بني آدم وقد حكى nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي في المفهم خلافا هل هم الحفظة أو غيرهم .
(الرابعة) اختلف في المراد بقوله فوافقت إحداهما الأخرى فالصحيح أن المراد الموافقة في الزمن بحيث يقع تأمين ابن آدم وتأمين الملائكة معا وهو ظاهر الحديث وقيل : المراد بذلك الموافقة في صفة التأمين من كونه بإخلاص وخشوع قال nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي : وهذا بعيد وقيل : من وافق الملائكة في استجابة الدعاء غفر له وقيل : من وافقهم في لفظ الدعاء قال nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي وابن دقيق العيد : والأول أظهر .
(الخامسة) الضمير في قوله غفر له راجع إلى الإمام ؛ لأنه ليس في هذه الرواية الأولى ذكر للمأموم أصلا فتعين حمله على الإمام .
وفيها فائدتان [ ص: 267 ] الأولى) فيه استحباب التأمين للمنفرد والمأموم أيضا من قوله أحدكم قال صاحب المفهم : وقد اتفقوا على أن الفذ يؤمن مطلقا والإمام والمأموم فيما يسران فيه يؤمنان .
(الثانية) أطلق في هذه الرواية التأمين ولم يقيدها بالصلاة فمن قال : يعمل بالمطلق كالحنفية والظاهرية يقولون : إن هذا الثواب لا يتقيد بالصلاة بل التأمين في غير الصلاة حكمه هكذا ويقال لهم : إن الثواب مترتب على موافقة تأمين ابن آدم لتأمين الملائكة وإنما نقل لنا تأمين الملائكة لتأمين المصلي كما سيأتي في الطريق الثالث وأما من حمل المطلق على المقيد فإنه يخصه بالصلاة لرواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم إذا قال أحدكم في الصلاة آمين .
(الأولى) ظاهره أنه إنما شرع التأمين للمأموم إذا أمن الإمام ؛ لأنه رتبه على تأمينه فإن ترك الإمام التأمين لم يؤمن المأموم وهذا وجه ضعيف بل ادعى النووي في شرح المهذب الاتفاق على خلافه وأنه إذا لم يؤمن الإمام فيستحب للمأموم الجهر به سواء تركه الإمام عمدا أو سهوا ونقله عن النص وقال إنهم اتفقوا عليه وإنه ليس فيه خلاف انتهى .
وظاهره إطلاق [ ص: 268 ] nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي يقتضي جريان الخلاف فيه وبه صرح القاضي مجلي في الذخائر .
(الثانية) قد يستدل به على أن تأمين المأموم يستحب أن يكون بعد تأمين الإمام ؛ لأنه رتبه عليه بالفاء وقد جزم أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي باستحباب مقارنة الإمام فيه فقال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي : والأحب أن يكون تأمين المأموم مع تأمين الإمام لا قبله ولا بعده وقال ابن الرفعة : إنه لا يستحب مساواته فيما عداه من الصلاة قال nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين : ويمكن تعليله بأن التأمين لقراءة الإمام لا لتأمينه .
(قلت) ويدل عليه قوله في الرواية المتفق عليها وقد ذكرتها في آخر الباب nindex.php?page=hadith&LINKID=650740إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين الحديث وروى nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=115بلال أنه قال يا رسول الله : لا تسبقني بآمين وإسناده ثقات إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي صحح رواية من جعله عن nindex.php?page=showalam&ids=12081أبي عثمان النهدي مرسلا ثم رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=115بلال قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تسبقني بآمين قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : فكأن nindex.php?page=showalam&ids=115بلالا كان يؤمن قبل تأمين النبي صلى الله عليه وسلم فقال لا تسبقني بآمين كما قال إذا أمن الإمام فأمنوا .
(الثالثة) فيه أن الإمام يجهر بالتأمين فيما يجهر به من القراءة ، وإلا لما علق تأمينهم على تأمينه وإنما يطلع عليه بالسماع وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق وذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك في رواية عنه إلى أنه يسر به قال ابن دقيق العيد : ودلالة الحديث على الجهر بالتأمين أضعف من دلالته على نفس التأمين قليلا ؛ لأنه قد يدل دليل على تأمين الإمام من غير جهر .
(قلت) قد ورد التصريح بالجهر فيما رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=101وائل بن حجر nindex.php?page=hadith&LINKID=672721صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فجهر بآمين وفي لفظ له ورفع بها صوته ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي وحسنه بلفظ ومد بها صوته وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وصححه وأما رواية nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة في هذا الحديث وخفض بها صوته فهي خطأ خطأه فيها nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=12013وأبو زرعة وغيرهما nindex.php?page=showalam&ids=11998ولأبي داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بإسناد جيد مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=677356كان إذا قال ولا الضالين قال آمين حتى يسمعنا أهل الصف الأول فيرتج بها المسجد لفظ nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة هذا جهر المأمومين أيضا بالتأمين ، وهو القول القديم nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي وعليه الفتوى وفي الجديد لا يجهرون قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي قال الأكثرون في المسألة قولان أصحهما أنه يجهر .
(السادسة) استدل به nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي أيضا على أن المأموم ليس عليه أن يقرأ الفاتحة فيما جهر به إمامه وما أدري ما وجه الدلالة منه والأدلة الصحيحة قائمة على وجوب القراءة على المأموم مطلقا .
(السابعة) في مطلق الأمر بتأمين المأموم لتأمين الإمام أن المأموم يؤمن وإن كان يقرأ في أثناء فاتحة نفسه وهو كذلك على المشهور من الوجهين كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي ولكن اختلف أصحابنا هل تنقطع الموالاة بذلك حتى يجب استئنافها أم لا تنقطع ويبنى عليها على وجهين أصحهما كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي الثاني ؛ لأنه مأمور بذلك لمصلحة الصلاة بل زاد أبو علي الفارقي صاحب الشيخ أبي إسحاق الشيرازي على هذا بأن المأموم لو قرأ بعض الفاتحة في السكتة الأولى ثم قرأ الإمام استمع المأموم فإذا فرغ الإمام وسكت في الثانية أتمها ولا تبطل الصلاة ؛ لأنه مأمور بهذا السكوت فكأن الفارقي لحظ كون الفصل من مصلحة الصلاة لكن قال المحب الطبري في شرح التنبيه وهذا لم أره لغيره من الأصحاب انتهى .
وذلك بخلاف المندوب الذي لا يتعلق بالصلاة كالعاطس يحمد الله في أثناء الفاتحة فإنه يجب استئنافها والله أعلم .
(الثامنة) المستحب الاقتصار على التأمين عقب الفاتحة من غير زيادة عليه اتباعا للحديث وأما ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=101وائل بن حجر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال رب اغفر لي آمين فإن في إسناده أبا بكر النهشلي وهو ضعيف وفي الأم nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي فإن قال آمين رب العالمين كان حسنا ونقله النووي من زوائده في الروضة .