(الأولى) : القنوت يطلق بإزاء معان قال الله تعالى وقوموا لله قانتين فقيل : المراد الطاعة وقيل : الدعاء ويطلق بمعنى طول القيام كما في الحديث الصحيح أفضل الصلاة طول القنوت ويستعمل بمعنى السكوت وعليه يدل حديث nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم المتفق عليه nindex.php?page=hadith&LINKID=654170كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت وقوموا لله قانتين قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض وقيل : أصله الدوام على الشيء قال ابن دقيق العيد وإذا كان هذا أصله فمديم الطاعة قانت وكذلك الداعي والقائم في الصلاة والمخلص فيها والساكت فيها كلهم فاعلون للقنوت قال وفي كلام بعضهم ما يفهم منه أنه موضوع للمشترك قال وهذه طريقة المتأخرين يقصدون دفع الاشتراك والمجاز ولا بأس بها إن لم يقم دليل خاص على أن اللفظ حقيقة في معنى معين أو معان .
(الثانية) [ ص: 289 ] فيه حجة لمن استحب القنوت في صلاة الصبح وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16935ومحمد بن جرير الطبري إلا أن المالكية حكوا عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فيه روايتين هل هو مستحب أو سنة بناء على قاعدتهم أن ترك السنة عمدا تعاد له الصلاة وحكى nindex.php?page=showalam&ids=16935محمد بن جرير الطبري الإجماع على أن تركه غير مفسد للصلاة وجعله أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي من أبعاض الصلاة التي يشرع لتركها سجود السهو وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري أيضا أن في تركه سجود السهو وذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد ويحيى بن يحيى من المالكية : أنه لا قنوت في الفجر ولا في غيرها من الصلوات ولا في الوتر أيضا واستدلوا بأن nindex.php?page=hadith&LINKID=693642النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهرا ، ثم تركه كما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس المذكور في بقية الباب وأجاب من استحبه بأن المراد ترك الدعاء لمن سمى وترك الدعاء على من سماه لا أنه ترك أصل القنوت بدليل الزيادة التي رواها nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي nindex.php?page=hadith&LINKID=3945فأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا وفي إسناده أبو جعفر الرازي وقد اختلفوا فيه فوثقه nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين nindex.php?page=showalam&ids=16604وعلي بن المديني nindex.php?page=showalam&ids=11970وأبو حاتم الرازي وقال nindex.php?page=showalam&ids=14923الفلاس سيئ الحفظ وقال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ليس بالقوي وقد صحح هذا الحديث الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي البجلي وأبو عبد الله الحاكم nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي والنووي وغيرهم وممن قال باستحبابه في الصبح الخلفاء الأربعة رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسنادين جيدين .
لفظ رواية nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي إنه حديث حسن صحيح .
قال النووي في الخلاصة قال : أصحابنا الذين رووا إثبات القنوت أكثر ومعهم زيادة علم فتقدم روايتهم انتهى وبالجملة فمسألة القنوت من مسائل الاختلاف التي تعارضت فيها الأدلة وأفردها الناس بالتصنيف فصنف nindex.php?page=showalam&ids=13564ابن منده تصنيفا في إنكاره وأنه بدعة وصنف الحافظ أبو عبد الله الحاكم تصنيفا في استحبابه وأنه سنة والأدلة متعادلة ، ومن أثبت مقدم على من نفى والله أعلم .
وذهب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق إلى أنه لا يقنت في الفجر إلا عند نازلة تنزل بالمسلمين ولم ير nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك القنوت في الفجر وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري إن قنت في الفجر فحسن وإن لم يقنت فحسن واختار ألا يقنت وحكى nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في الجامع أن العمل عند أكثر أهل العلم على حديث nindex.php?page=showalam&ids=12139أبي مالك الأشجعي .
nindex.php?page=showalam&ids=11998ولأبي داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=673154قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا متتابعا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح يدعو على أحياء من بني سليم الحديث زاد nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي فيه قال nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة هذا مفتاح القنوت وقد اختلف في القنوت في غير الصبح فقال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي إن الأصح عند المعظم أنه إن نزلت بالمسلمين نازلة قنتوا وإلا فلا وقيل : لا يقنت فيها وقيل يتخير في غير النازلة وقيل يقنت مطلقا وقيل : يقنت في الجهرية دون السرية فهذه خمسة أقوال اقتصر nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي منها على الثلاثة الأول وحكى ابن يونس القولين الآخرين قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي ، ثم مقتضى كلام [ ص: 291 ] الأكثرين أن الخلاف في غير الصبح إنما هو في الجواز قال منهم من يشعر إيراده بالاستحباب وقال النووي : الأصح أن الخلاف في الاستحباب ونص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من رواية عاصم عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال nindex.php?page=hadith&LINKID=693491إنما قنت النبي صلى الله عليه وسلم شهرا فقلت كيف القنوت ؟ قال بعد الركوع قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : فهو ذا قد أخبر أن القنوت المطلق المعتاد بعد الركوع وقوله إنما قنت شهرا يريد به اللعن قال ورواة القنوت بعد الركوع أكثر وأحفظ فهو أولى قال وعلى هذا درج الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم في أشهر الروايات عنهم وأكثرها والله أعلم .
وقد ذهب جماعة إلى التخيير بين القنوت قبله أو بعده حكاه صاحب المفهم عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود وجماعة من الصحابة والتابعين .
(الخامسة) فيه حجة على nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في منعه أن يدعى لمعين أو على معين في الصلاة وخالفه الجمهور فجوزوا ذلك لهذا الحديث وغيره من الأحاديث الصحيحة .
(السابعة) فيه جواز الدعاء [ ص: 292 ] على الكفار ولعنتهم قال صاحب المفهم ولا خلاف في جواز لعن الكفرة والدعاء عليهم قال واختلفوا في جواز الدعاء على أهل المعاصي فأجازه قوم ومنعه آخرون .
(الثامنة) قوله اللهم اشدد وطأتك هو بفتح الواو وسكون الطاء المهملة وبالهمز والمعنى خذهم أخذا شديدا قاله صاحب النهاية ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=10683خولة بنت حكيم في مسند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد آخر وطأة وطئها الله بوج قال والوطء في الأصل الدوس بالقدم فسمي به الغزو والقتل قال والمعنى أن آخر أخذة ووقعة أوقعها الله بالكفار كانت بوج وكانت غزوة الطائف آخر غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لم يغز بعدها إلا غزوة تبوك ولم يكن فيها قتال انتهى .
(التاسعة) المراد بسني يوسف السبع الشداد المذكورة في قوله تعالى ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد والمراد به الغلاء والقحط وقد أول صاحب المفهم هذا الدعاء بحديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود فقال واستجيب له صلى الله عليه وسلم فيهم فأجدبوا سبعا أكلوا فيها كل شيء وذكر الحديث وقال فيه nindex.php?page=hadith&LINKID=857044حتى جاء nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان فكلم النبي صلى الله عليه وسلم فدعا لهم فسقوا على ما ذكرناه عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود في كتاب التفسير انتهى كلام nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي ، وفيه أوهام أحدها في قوله فأجدبوا سبعا وليس في واحد من الصحيحين وليس بصحيح أيضا فإنه كشف عنهم قبل بدر وكانت في السنة الثانية من الهجرة [ ص: 293 ] وأيضا فأبو هريرة راوي الحديث شهد قنوت النبي صلى الله عليه وسلم ودعاءه عليهم بذلك وإنما أسلم nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة بعد خيبر فلا يصح حمله على دعائه على قريش قبل وقعة بدر .
وجاء قوله كسني يوسف على إحدى اللغتين في أن سنين جمع سنة يعامل معاملة الجمع فحذف منه النون للإضافة وهي لغة ، واللغة الفصيحة بإثبات النون دائما وبالياء فقط والله أعلم .
(الحادية عشر) اختلف القائلون باستحباب القنوت في الصبح في كيفية القنوت فقال صاحب المفهم اتفقوا على أنه لا يتعين في القنوت دعاء مؤقت إلا ما روي عن بعض أهل الحديث في تخصيصهم بقنوت مصحف nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب المروي أن nindex.php?page=hadith&LINKID=96138جبريل علمه النبي صلى الله عليه وسلم وهو اللهم إنا نستعينك ونستغفرك إلى آخره وأنه لا يصلي خلف من لا يقنت بذلك واستحبه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك واستحب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي القنوت بالدعاء المروي عن nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اهدني فيمن هديت إلى آخره .
قال وقد اختار بعض شيوخنا البغداديين الجمع بينهما وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق والحسن بن حي وسبب الخلاف فيما ذكر اختلاف الأحاديث وهل كان ذلك مخصوصا بالنبي صلى الله عليه وسلم أم لا انتهى كلامه وما حكاه من الاتفاق على أنه لا يتعين فيه دعاء مؤقت إلا ما حكاه عن بعض أهل الحديث من تعين قنوت nindex.php?page=showalam&ids=34أبي ليس بجيد فإن الخلاف عندنا في تعين القنوت المروي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن فقد حكى فيه nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي وجهين : أحدهما أنه يتعين ككلمات التشهد والثاني وهو الأصح أنه لا يتعين فأما قنوت nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن فرواه أصحاب السنن بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=662796علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر وفي رواية في قنوت الوتر اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت لفظ nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي في رواية له فإنك تقضي وقال nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه سبحانك ربنا وتعاليت .
(الثانية عشرة) فيه استحباب الجهر بالقنوت للإمام ؛ لأن الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم جهر به وإلا لما سمعوه أصحابه وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في رواية له يجهر بذلك فصرح بالظاهر وعند nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المتقدم في قنوته في الصلوات الخمس ويؤمن من خلفه وهذا يدل على الجهر أيضا وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وصححه وما دل عليه الحديث من جهر الإمام بالقنوت هو الأصح عند أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وفي وجه يسر كسائر الأذكار وأما المنفرد فجزم القاضي حسين nindex.php?page=showalam&ids=13890والبغوي nindex.php?page=showalam&ids=15151والماوردي من أصحابنا أنه يسر بالقنوت وقال النووي في التحقيق إنه لا خلاف فيه انتهى .
وكلام البندنيجي يدل على الجهر فإنه عبر بقوله ويجهر به المصلي .
(الثالثة عشرة) وقوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قنت شهرا بعد الركوع هكذا في أكثر الروايات في قصة قتل القراء ببئر معونة ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من رواية حميد عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس دعا على من قتلهم خمس عشرة ليلة قال وكذلك رواه علقمة بن أبي علقمة عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال فدعا على من قتلهم خمسة عشر يوما قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي والرواية في الشهر أشهر وأكثر وأصح .
(الرابعة عشرة) استدل بعضهم بالقنوت في الصبح على أنها الصلاة الوسطى لقوله تعالى بعد ذكر الصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين وفيه نظر وقد اختلف في الصلاة الوسطى على سبعة عشر قولا حكاها الحافظ شرف الدين الدمياطي في كتابه كشف المغطى وقد تقدم الخلاف في ذلك في أوائل الصلاة .