(الثالثة) فيه جواز العقوبة بالمال من قوله نحرق [ ص: 308 ] بيوتا وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وذهب الجمهور إلى أن العقوبات بالمال منسوخة بنهيه عن إضاعة المال ونحو ذلك وقد يقال : هذا من باب ما لا يتم الواجب إلا به ؛ لأنهم قد يختفون في مكان لا يعلم فأراد التوصل إليهم بتحريق البيوت .
(الرابعة) فيه تأكد صلاة الجماعة والحض عليها والتهديد لمن تركها .
(الخامسة) احتج به من ذهب إلى أن الجماعة فرض عين وأنها لو كانت سنة أو فرض كفاية لما هم بتحريقهم وبوب عليه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري (باب وجوب صلاة الجماعة ) وأجاب nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض nindex.php?page=showalam&ids=11963والقرطبي عن ذلك بأنه هم ولم يفعل قال ابن دقيق العيد وهذا ضعيف جدا ؛ لأنه لا يهم إلا بما يجوز له فعله لو فعله إن سلم المجيب بهذا أن هذا في حق المؤمنين قال nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي وإنما مخرجه مخرج التهديد والوعيد للمنافقين الذين كانوا يتخلفون عن الجماعة والجمعة وقد كان التخلف عن صلاة الجماعة علامة من علامات النفاق عندهم كما قال nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق وكما قال صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=707476بيننا وبين المنافقين شهود العتمة والصبح لا يستطيعونهما قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض ؛ ولأنه لم يخبرهم أن من تخلف عن الجماعة فصلاته باطلة غير مجزئة وهو موضع البيان وأجاب عنه [ ص: 309 ] ابن دقيق العيد بما حاصله أن البيان لا يشترط فيه أن يكون نصا قد يكون بالدلالة ، وذكره لهم بذلك دل على وجوب الحضور إن دل دليل على أن ما وجب في العبادة كان شرطا فيها كما هو الغالب .
فذكره وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال هذا القول عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري وعن nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين أيضا أنه قال : إن هذا الحديث في الجمعة لا في غيرها انتهى .
وهذا مما يضعف قول من احتج بالحديث على أن الجماعة فرض عين ؛ لأنه إذا كان المراد الجمعة فالجماعة فيها شرط فلا يبقى فيه دليل على الجماعة في غيرها من الصلوات قال ابن دقيق العيد ويحتاج أن ينظر في تلك الأحاديث التي ثبتت في تلك الصلاة أنها الجمعة أو العشاء أو الفجر فإن كانت أحاديث مختلفة قيل : بكل واحد منها وإن كان حديثا واحدا اختلف فيه بعض الطرق وعدم الترجيح وقف الاستدلال هذا حاصل كلامه (قلت) رواية nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في كونها الجمعة ورواية كونها العشاء والصبح حديث [ ص: 310 ] واحد وحديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود في كونها الجمعة حديث آخر مستقل بنفسه ، فعلى هذا لا يقدح حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وينظر في اختلاف حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وقد رجح nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي رواية الجماعة فيه على رواية الجمعة فقال بعد رواية الجمعة فيه والذي يدل عليه سائر الروايات أنه عبر بالجمعة عن الجماعة وقال النووي في الخلاصة بعد حكاية كلام nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بل هما روايتان رواية في الجمعة ورواية في الجماعة في سائر الصلوات وكلاهما صحيح .
(الثامنة) اعترض ابن دقيق العيد على من احتج للظاهرية بهذا الحديث على شرطية الجماعة في الصلوات كلها بأن هذا الوعيد إذا ورد بالتخويف في صلاة معينة وهي العشاء أو الجمعة أو الفجر فإنما يدل على وجوب الجماعة في هذه الصلاة فمقتضى مذهب الظاهرية أنه لا يدل على وجوبها في غير هذه الصلاة عملا بالظاهر وترك اتباع المعنى اللهم إلا أن نأخذ قوله عليه الصلاة والسلام أن آمر بالصلاة فتقام على عموم الصلاة فحينئذ يحتاج في ذلك إلى اعتبار لفظ ذلك الحديث وسياقه وما يدل عليه فيحمل لفظ الصلاة عليه إن أريد التحقيق بطلب الحق .
(التاسعة) اختلف أيضا في هم النبي صلى الله عليه وسلم بما هم به من التخويف هل هو لكونهم لا يعلم أنهم صلوا أصلا فهو من باب التخويف على ترك الصلاة رأسا أو هو لترك الجماعة وإن علم أنهم صلوا في بيوتهم والقول الثاني أظهر ؛ لأنه قال لا يشهدون الصلاة وقد ورد التصريح بأنهم كانوا يصلون في بيوتهم فيما رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود فقال فيه nindex.php?page=hadith&LINKID=672385، ثم آتي قوما يصلون في بيوتهم ليست بهم علة فأحرقها عليهم قلت nindex.php?page=showalam&ids=17354ليزيد بن الأصم يا أبا عوف الجمعة عني أو غيرها ؟ فذكر بقية القصة المذكورة في الأصل من عند nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود قال nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي وعلى هذا تكون هذه الجماعة المهدد على التخلف عنها هي الجمعة كما قد نص عليه في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود فيحمل المطلق منهما على المقيد والله تعالى أعلم .
(العاشرة) اختلف أيضا في الذين توعدهم صلى الله عليه وسلم بالتحريق هل هم منافقون أو قوم من المؤمنين ؟ وممن حكى الخلاف في ذلك nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض واستدل nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال للقول بأنهم منافقون بأن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم أنه لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقا سمينا أو مرماتين [ ص: 311 ] حسنتين لشهد العشاء وليس هذا من صفات المؤمنين قال ابن دقيق العيد ويشهد له سياق الحديث من أوله وهو قوله أثقل الصلاة على المنافقين ورجحه أيضا بأن همه بالتحريق يدل على الجواز وتركه للتحريق يدل على جواز الترك وهذا لا يكون في المؤمنين وقال قبل ذلك ترك عقاب المنافقين ، وعقابهم كان مباحا للنبي صلى الله عليه وسلم مخيرا فيه واستدل nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي للقول بأنهم مؤمنون بحديث nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود المتقدم الذي قال فيه يصلون في بيوتهم قال والمنافقون لا يصلون في بيوتهم إنما يصلون في الجماعة رياء وسمعة .
(الحادية عشرة) فيه أن الجماعة لا تجب على النساء ولا تتأكد في حقهن من قوله ، ثم أخالف إلى رجال وهو كذلك .
(الثانية عشرة) المراد بالعظم السمين هو أن يكون عليه لحم بدليل قوله في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عرقا سمينا والعرق بفتح العين وإسكان الراء وهو العظم إذا كان عليه لحم فإن كان العظم لا لحم عليه فهو عراق بضم العين وزيادة الألف هكذا في كتاب العين ولم يفرق صاحب المفهم بين العرق والعراق وقال : إنهما العظم الذي عليه لحم وقال صاحب النهاية إن العراق جمع عرق قال وهو جمع نادر .
(الثالثة عشرة) المرماتان بكسر الميم وفتحها أيضا واحدتهما مرماة واختلف في المراد بهما فقال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد يقال : إن المرماتين ظلفي الشاة قال : وهذا حرف لا أدري ما وجهه وقال nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي : إنه قول nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل أيضا قال الحربي ولا أحسب هذا معنى الحديث ولكنه كما أخبرني أبو نصر عن nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي قال : المرماة سهم الهدف قال الحربي ويصدق هذا ما حدثني به nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر عن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن nindex.php?page=showalam&ids=12003أبي رافع عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=hadith&LINKID=688488لو أن أحدكم إذا شهد الصلاة معي كان له عظم من شاة سمينة أو سهمان لفعل وقال أبو عمر ومرماة ومرام وهي الدقاق من السهام المستوية وقال صاحب النهاية وقيل المرماة بالكسر هو السهم الصغير الذي يتعلم به الرمي وهو أحقر السهام وأرذلها أي لو دعي إلى [ ص: 312 ] أن يعطى سهمين من هذه السهام لأسرع الإجابة .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وهذا ليس بوجه وتدفعه الرواية الأخرى لو دعي إلى مرماتين أو عرق انتهى .
وقيل : إن المرماة ظلف الشاة نفسه وبه صدر صاحب النهاية كلامه وقال nindex.php?page=showalam&ids=13674الأخفش : المرماة لعبة كانوا يلعبونها بنصال محددة يرمونها في كوم من تراب فأيهم أثبتها في الكوم غلب .
الحديث (الخامسة عشرة) قول nindex.php?page=showalam&ids=17354يزيد بن الأصم في رواية nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود صمتا أذناي كذا وقع في سماعنا من المسند وهو لغة بني الحارث المتقدم ذكرها عند قوله يتعاقبون فيكم ملائكة في الحديث قبله .
(السادسة عشرة) قوله أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الصبح وإنما كانت هاتان الصلاتان ثقيلتين على المنافقين لأمرين : أحدها للمشقة الموجودة في حضور المساجد فيهما من الظلمة وكون وقتهما وقت راحة أو غلبة نوم أو خلوة بأهاليهم فلا يتجشم تلك المشاق إلا من وفق بثواب الله تعالى والمنافق إما شاك في ذلك أو لا يصدق فيشق عليه ذلك .
والمعنى الثاني أن المنافقين كما قال الله تعالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا وهاتان الصلاتان في ليل فربما خفي من غاب عنهما واستتر حاله بخلاف باقي الصلوات فإنها بحيث يراه الناس ويتفقدون غيبته فكان رياؤه يحضه على حضورها ليراه الناس والمعنى الأول أظهر لقوله تعالى في أول الآية وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى ولا مانع أن يكون الأمران المذكوران في الآية كلاهما حامل لهم على ترك الجماعة في الصلاتين المذكورتين والله أعلم .
(السابعة عشرة) وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي لا يشهدون الجمعة ، وكذا في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم حجة على nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في أنه جعل المكلف مخيرا بين الجمعة والظهر بغير عذر إذ لو كانوا مخيرين لما هم بتحريقهم قيل : إنحضور الجمعة فرض [ ص: 313 ] عين إلا لأصحاب الأعذار الشرعية والله أعلم .
(الثامنة عشرة) قوله ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا أي يزحفون على ألياتهم من مرض أو آفة قاله صاحب المفهم وفيه نظر والحبو غالبا إنما يطلق على الحبو على الركب وإن كان قد يطلق أيضا على الزحف فالمراد هنا الزحف على الركب كما هو مصرح به عند nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا على الركب وفيه دليل على استحباب حضور الجماعة لأصحاب الأعذار من مريض أو نحوه وإن لم يتأكد في حقه وعند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال ولقد كان الرجل يؤتى به بين الرجلين يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف .
(التاسعة عشرة) فيه حجة لأحد القولين في أنه يقاتل أهل بلد تمالئوا على ترك السنن ظاهرا بناء على القول بأن الجماعة سنة لا فرض قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض والصحيح قتالهم ؛ لأن في التمالؤ عليها إماتتها انتهى . وقد اختلف أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمهم الله في قتال أهل بلد اتفقوا على ترك الجماعة بناء على القول بأنها سنة والصحيح عندهم أنهم لا يقاتلون على ذلك إنما يقاتلون على القول بأنها فرض كفاية والله أعلم .
(الفائدة العشرون) فيه أخذ أهل الجرائم على غرة قاله صاحب المفهم وقد بوب عليه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الأحكام (باب إخراج الخصوم وأهل الذنب من البيوت) .
(الحادية والعشرون) استدل صاحب المفهم بقوله نحرق بيوتا على من فيها على أن تارك الصلاة متهاونا يقتل وفيه نظر ؛ لأنه تقدم أن في رواية nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود يصلون في بيوتهم فلم يتركوها رأسا والله أعلم .
(الثانية والعشرون) إن قال قائل إذا كان المراد بهذا ترك الجمعة كما في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم فهل يجوز للإمام أو نائبه ترك صلاة الجمعة لأجل أخذ من في البيوت لا يصلي الجمعة أو يرتكب ما يجب إزالتهأو يكون هذا خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم وليس لأحد فعل هذا اليوم ؛ لأنه يؤدي إلى ترك الجمعة وهي لا تعاد ؟ (فالجواب) أن أصحابنا ذكروا من الأعذار في الجمعة والجماعة من له غريم يخاف فوته والظاهر أن أرباب الجرائم في حق الإمام ونائبه كالغرماء حتى إذا خشي أن يفوتوه إن شهد الجماعة أو الجمعة كان له ذلك والله أعلم .
وروى الجماعة المذكورين أيضا من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة قال أتى nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فقال : لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعذبوا بعذاب الله ولقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه زاد nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي فبلغ ذلك nindex.php?page=showalam&ids=8عليا فقال صدق nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=11998ولأبي داود من حديث حمزة بن عمرو أنه nindex.php?page=hadith&LINKID=849701لا يعذب بالنار إلا رب النار وله من حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه nindex.php?page=hadith&LINKID=849701لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار ، فهذه الأحاديث دالة أن ما كان هم به من التحريق منسوخ بهذه الأحاديث .