(الأولى) هذه القصة مرسلة لأن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله إنما صحب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وكان نزول هذه الآية بمكة وكذلك جميع سورة الأنعام واستثنى بعضهم منها آيات فجعلها مدنية وليست هذه الآية منها فلم يكن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر حاضرا وقت نزولها حتى يسمع استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم ومرسل الصحابي حجة عند الجمهور وهو القول الصحيح المشهور المنصور .
(الثانية) التأنيث في قوله لما نزلت لأن المراد الآية ويدل لذلك قوله في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي هذه الآية وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري نزل بتذكير الفصل .
(الثالثة) الظاهر أن نزول الآية كان دفعة واحدة بل جاء أن جميع السورة نزل دفعة واحدة فبادر النبي صلى الله عليه وسلم للاستعاذة من العذاب من فوقه قبل نزول بقية الآية وهو قوله أو من تحت أرجلكم ثم بادر للاستعاذة من العذاب من تحت قبل نزول قوله أو يلبسكم شيعا فإن قلت ففي هذه الاستعاذة ما ينافي الإنصات لتلاوة الملك قلت هي كلمة خفيفة لا تنافي الاستماع والإنصات على أنه يحتمل سكوت الملك عن التلاوة بقدر هذه الاستعاذة ويحتمل [ ص: 112 ] نزول أجزاء هذه الآية في دفعات وفيه بعد .
(الخامسة) : فيه الاستعاذة بوجه الله تعالى وأما الحديث الذي جاء في أنه لا يسأل بوجه الله إلا الجنة ولعنة من فعل غير ذلك فلعله في جانب طلب تحصيل الشيء أما جانب دفع الشر ورفع الضر فلعله لا بأس بالاستعاذة منه بوجه الله تعالى وقد تكرر ذلك في الأحاديث ولعل ذكر الجنة في ذلك الحديث إنما هو للتنبيه به على الأمور العظام ولم يرد تخصيصها بذلك وإنما أريد النهي عن سؤال المخلوقين بذلك وكذا عن سؤال الله تعالى بوجهه في الأمور الهينة أما طلب الأمور العظام تحصيلا ودفعا فلم يتناوله نهي والله أعلم
(أحدهما) إمرارها كما جاءت من غير كيف فنؤمن بها ونكل علمها إلى عالمها مع الجزم بأن الله ليس كمثله شيء وأن صفاته لا تشبه صفات المخلوقين (وثانيهما) تأويلها على ما يليق بذاته الكريمة فالمراد بالوجه الموجود
(السابعة) احتج باستعاذة النبي صلى الله عليه وسلم من هذين الأمرين على نزول هذه الآية الكريمة في المؤمنين وهو محكي عن nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبي العالية nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة وغيرهم وذهب آخرون إلى أنها في الكفار بقرينة الآيات التي قبلها لا سيما قوله متصلا بها ثم أنتم تشركون وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16935محمد بن جرير الطبري وقال nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية إنه الأظهر من نسق الآيات قال nindex.php?page=showalam&ids=14689الطبري وغير ممتنع أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم تعوذ لأمته من هذه الأشياء التي توعد بها الكفار وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري أيضا أن بعضها للكفار وبعضها للمؤمنين بعث العذاب من فوق ومن تحت للكفار وبقيتها للمؤمنين فإن قلت ما وجه هذا الاختلاف والآية إنما دلت على قدرة الله تعالى على ذلك وهو قادر على ذلك في حق الفريقين بلا شك قلت إخباره تعالى بقدرته على ذلك تتضمن الوعيد به فالاختلاف إنما هو في أن المؤمنين هل خوطبوا بذلك وتوعدوا به ، أو إنما توعد الله به الكفار خاصة .
(التاسعة) اختلف في المراد بالعذاب من فوق ومن تحت الأرجل فتقدم عن nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب رضي الله عنه أن العذاب من فوق الرجم ومن تحت الأرجل الخسف وكذا حكى السدي عن أبي مالك وكذا حكي عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما من فوقكم ولاة الجور ومن تحت أرجلكم سفلة السوء وخدمة السوء وقال nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية هذه كلها أمثلة لا أنها هي المقصود إذ هذه وغيرها من القحوط والعرق وغير ذلك داخل في عموم اللفظ قلت لا عموم في اللفظ لأنه نكرة في سياق الإثبات وكأن التنكير للتعظيم والتفخيم والمراد نوع من العذاب لا يدرك كنهه وقال nindex.php?page=showalam&ids=13889البغوي قوله عذابا من فوقكم يعني الصيحة والحجارة والريح والطوفان كما فعل بعاد وثمود وقوم شعيب وقوم لوط وقوم نوح انتهى وكأنه أراد بعدئذ الأنواع التي يمكن أن تكون مرادة من اللفظ ويحتمل أن يراد نوع آخر غير الأنواع المذكورة مما عذب به من تقدم أو لم [ ص: 114 ] يعذب به أحد مما لا يعلمه إلا الله تعالى والله أعلم .
(العاشرة) إن قلت ما موقع أو في هذه الآية الكريمة وهي لأحد الشيئين أو الأشياء والله تعالى قادر على الجميع ؟ قلت المراد من الإخبار بالقدرة على ذلك التوعد به فلم يتوعدوا بجميع هذه الأمور وإنما توعدوا بواحد منها وذلك من كرم الله تعالى وفضله أن لا يجمع عليهم هذه الأمور ولما وقعت الخصلة الثالثة وهي لبسهم شيعا وإذاقة بعضهم بأس بعض حصل الأمن والحمد لله من الخصلتين الأوليين وذلك يقتضي عدم وقوعهما خلافا لما تقدم عن nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب وغيره والله أعلم .
(الحادية عشرة) قوله يلبسكم بفتح أوله أي يخلطكم واللبس الخلط وقوله شيعا بكسر أوله وفتح ثانيه جمع شيعة بكسر أوله وإسكان ثانيه وهي الفرقة والمعنى يخلطكم فرقا مختلفين وقوله شيعا منصوب على الحال أي يخلطكم بالأجسام مع افتراقكم بالقلوب أو منصوب نصب المصدر أي يخلطكم خلط اضطراب واختلاف لا خلط سكون واتفاق فيكونون شيعا عديدة لا شيعة واحدة وقرئ شاذا يلبسكم بضم أوله من اللبس فهي على هذا استعارة من اللباس والمعنى أن يلبسكم الفتنة ويأتي في قوله شيعا ما تقدم والبأس القتل وما أشبهه من المكاره واستعار له لفظ الإذاقة لأن الذوق من أعظم الحواس وهي استعارة مستعملة في كلام العرب وتكرر ذكرها في القرآن قال المفسرون والمراد بذلك افتراق الأهواء والقتال بين الأئمة .
(الثانية عشرة) قوله هذه كذا في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في مسنده بإفراد الإشارة وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي هاتان بالتثنية وهذا المذكور وهو اللبس شيعا وإذاقة البعض بأس البعض يمكن أن يعدا خصلتين خلاف مدلولهما فإن اختلاطهم مفترقي القلوب غير إذاقة البعض بأس البعض ويمكن أن يعدا خصلة واحدة لتلازمهما غالبا فإن القلوب إذا افترقت حصل لأصحابها بعضهم من بعض بأس وقد لا يحصل وذلك نادر فأفرد الإشارة بهذا الاعتبار وثناها بالاعتبار الأول والله أعلم .
(الثالثة عشرة) قوله أهون أو أيسر الظاهر أنه شك من الراوي في اللفظ الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم لتقارب معنى اللفظين .