أحدهما: تدليس الإسناد، وهو أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه، موهما أنه سمعه منه، أو عمن عاصره ولم يلقه موهما أنه قد لقيه وسمعه منه.
ثم قد يكون بينهما واحد، وقد يكون أكثر. ومن شأنه أن لا يقول في ذلك: (أخبرنا فلان) ولا (حدثنا) وما أشبههما، وإنما يقول: (قال فلان أو عن فلان) ونحو ذلك.
مثال ذلك: "ما روينا عن nindex.php?page=showalam&ids=16616علي بن خشرم قال: كنا عند nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة، فقال: قال nindex.php?page=showalam&ids=12300 "الزهري" فقيل له: "حدثكم nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري؟" فسكت، ثم قال: "قال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري" فقيل له: "سمعته من nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري؟" فقال: "لا، لم أسمعه من nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، ولا ممن سمعه من nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق، عن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري".
القسم الثاني: تدليس الشيوخ، وهو أن يروي عن شيخ حديثا سمعه منه، فيسميه أو يكنيه، أو ينسبه، أو يصفه بما لا يعرف به، كي لا يعرف.
مثاله: ما روي لنا عن أبي بكر بن مجاهد الإمام المقرئ: أنه روى عن أبي بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني فقال: حدثنا عبد الله بن أبي عبد الله. وروى عن أبي بكر محمد بن الحسن النقاش المفسر المقرئ، فقال: "حدثنا محمد بن سند" نسبه إلى جد له. والله أعلم.
[ ص: 450 ] 60 - قوله: (وهو أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه موهما أنه سمعه منه أو عمن عاصره ولم يلقه ...) إلى آخر كلامه.
[ ص: 451 ] هكذا حد المصنف القسم الأول من قسمي التدليس اللذين ذكرهما، وقد حده غير واحد من الحفاظ بما هو أخص من هذا، وهو أن يروي عمن قد سمع منه ما لم يسمعه منه من غير أن يذكر أنه سمعه منه. هكذا حده الحافظ nindex.php?page=showalam&ids=13863أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار في جزء له في معرفة من يترك حديثه أو يقبل، وكذا حده الحافظ nindex.php?page=showalam&ids=12858أبو الحسن بن محمد بن عبد الملك بن القطان في كتاب (بيان الوهم والإيهام).
قال ابن القطان: "والفرق بينه وبين الإرسال هو أن الإرسال روايته عمن لم يسمع منه" انتهى.
ويقابل هذا القول في تضييق حد التدليس القول الآخر الذي حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في التمهيد أن التدليس أن يحدث الرجل بما لم يسمعه. قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر: "وعلى هذا فما سلم من التدليس أحد لا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ولا غيره".
[ ص: 452 ] وما ذكره المصنف في حد التدليس هو المشهور بين أهل الحديث، وإنما ذكرت قول nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار وابن القطان كيلا يغتر بهما من وقف عليهما فيظن موافقة أهل هذا الشأن لذلك. والله أعلم.