روينا عن يونس بن عبد الأعلى قال: قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه: "ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يروي غيره، إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثا يخالف ما روى الناس".
وحكى الحافظ nindex.php?page=showalam&ids=14251أبو يعلى الخليلي القزويني نحو هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وجماعة من أهل الحجاز. ثم قال: "الذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ بذلك شيخ ثقة كان أو غير ثقة. فما كان عن غير ثقة فمتروك لا يقبل، وما كان عن ثقة يتوقف فيه ولا يحتج به".
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم أبو عبد الله الحافظ أن الشاذ هو الحديث الذي يتفرد به ثقة من الثقات، وليس له أصل بمتابع لذلك الثقة. وذكر أنه يغاير المعلل من حيث إن المعلل وقف على علته الدالة على جهة الوهم فيه، والشاذ لم يوقف فيه على علته كذلك.
قلت: أما ما حكم nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عليه بالشذوذ فلا إشكال في أنه شاذ غير مقبول، وأما ما حكيناه عن غيره فيشكل بما ينفرد به العدل الحافظ الضابط، كحديث: "إنما الأعمال بالنيات" فإنه حديث فرد تفرد به nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تفرد به عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر علقمة بن وقاص، ثم عن علقمة محمد بن إبراهيم، ثم عنه يحيى بن سعيد على ما هو الصحيح عند أهل الحديث.
[ ص: 458 ] [ ص: 459 ] 62 - قوله: (أما ما حكم nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عليه بالشذوذ فلا إشكال في أنه شاذ غير مقبول، وأما ما حكيناه عن غيره فيشكل بما ينفرد به العدل الحافظ الضابط، كحديث: "إنما الأعمال بالنيات" فإنه حديث فرد تفرد به nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تفرد به عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر علقمة بن وقاص، ثم عن علقمة محمد بن إبراهيم، ثم عنه يحيى بن سعيد على ما هو الصحيح عند أهل الحديث) انتهى.
وقد اعترض عليه بأمرين:
أحدهما: أن الخليلي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم إنما ذكرا تفرد الثقة فلا يرد عليهما تفرد الحافظ؛ لما بينهما من الفرقان.
والأمر الثاني: أن حديث النية لم ينفرد nindex.php?page=showalam&ids=2عمر به بل رواه nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وغيره، انتهى ما اعترض به عليه.
والجواب عن الأول: أن nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم ذكر تفرد مطلق الثقة والخليلي إنما ذكر [ ص: 460 ] مطلق الراوي، فيرد على إطلاقهما تفرد العدل الحافظ، ولكن الخليلي يجعل تفرد الراوي الثقة شاذا صحيحا، وتفرد الراوي غير الثقة شاذا ضعيفا، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم ذكر تفرد مطلق الثقة، فيدخل فيه تفرد الثقة الحافظ؛ فلذلك استشكله المصنف.
وعن الثاني أنه لم يصح من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ولا غيره سوى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر.
وقد أشار المصنف إلى أنه قد قيل: إن له غير طريق nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بقوله: "على ما هو الصحيح عند أهل الحديث" فلم يبق للاعتراض عليه وجه.
ثم إن حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الذي ذكره هذا المعترض صرحوا بتغليط ابن أبي داود الذي رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك. وممن وهمه في ذلك nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وغيره.
وإذ قد اعترض عليه في حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر هذا فهلا اعترض عليه في الحديث الذي بعده؟
[ ص: 461 ] فقد ذكر المصنف أنه أوضح في التفرد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، وهو حديث ابن دينار، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في النهي عن بيع الولاء وعن هبته. قال المصنف: "تفرد به nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار" انتهى. وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في جامعه: "أنه رواه يحيى بن سليم، عن عبيد الله بن عمر، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر. وهو وهم، وهم فيه يحيى بن سليم" انتهى.
[ ص: 462 ] ومما يستغرب حكايته في حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أنى رأيت في المستخرج من أحاديث الناس nindex.php?page=showalam&ids=13564لعبد الرحمن بن منده أن حديث "الأعمال بالنيات" رواه سبعة عشر من الصحابة، وأنه رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر غير علقمة، وعن علقمة غير محمد بن إبراهيم، وعن محمد بن إبراهيم غير يحيى بن سعيد.
وقد بلغني أن الحافظ أبا الحجاج المزي سئل عن كلام nindex.php?page=showalam&ids=13563ابن منده هذا فأنكره واستبعده. وقد تتبعت كلام nindex.php?page=showalam&ids=13563ابن منده المذكور فوجدت أكثر الصحابة الذين ذكر حديثهم في الباب إنما لهم أحاديث أخرى في مطلق النية كحديث: "يبعثون على نياتهم".
[ ص: 463 ] وكحديث: "ليس له من غزاته إلا ما نوى" ونحو ذلك. وهكذا يفعل nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في الجامع؛ حيث يقول: "وفي الباب عن فلان وفلان" فإنه لا يريد ذلك الحديث المعين، وإنما يريد أحاديث أخر يصح أن تكتب في ذلك الباب، وإن كان حديثا آخر غير الذي يرويه في أول الباب، وهو عمل صحيح، إلا أن كثيرا من الناس يفهمون من ذلك أن من سمى من الصحابة يروون ذلك الحديث بعينه الذي رواه في أول الباب بعينه، وليس الأمر على ما فهموه، بل قد يكون كذلك وقد يكون حديثا آخر يصح إيراده في ذلك الباب.
ثم إنى تتبعت الأحاديث التي ذكرها nindex.php?page=showalam&ids=13563ابن منده فلم أجد منها بلفظ حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر [ ص: 464 ] أو قريبا من لفظه بمعناه إلا حديثا nindex.php?page=showalam&ids=44لأبي سعيد الخدري، وحديثا nindex.php?page=showalam&ids=3لأبي هريرة، وحديثا nindex.php?page=showalam&ids=9لأنس بن مالك، وحديثا nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي بن أبي طالب، وكلها ضعيفة.
ولذلك قال الحافظ nindex.php?page=showalam&ids=13863أبو بكر البزار في مسنده بعد تخريجه: لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، ولا عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إلا من حديث علقمة، ولا عن علقمة إلا من حديث محمد بن إبراهيم، ولا عن محمد بن إبراهيم إلا من حديث يحيى بن سعيد. والله أعلم.
وذكره المصنف بعد هذا في النوع الحادي والثلاثين، ونبسط الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى.