ومتى قالوا: هذا حديث صحيح فمعناه: أنه اتصل سنده مع سائر الأوصاف المذكورة، وليس من شرطه أن يكون مقطوعا به في نفس الأمر؛ إذ منه ما ينفرد بروايته عدل واحد وليس من الأخبار التي أجمعت الأمة على تلقيها بالقبول.
وكذلك إذا قالوا في حديث: (إنه غير صحيح) فليس ذلك قطعا بأنه كذب في نفس الأمر؛ إذ قد يكون صدقا في نفس الأمر وإنما المراد به: أنه لم يصح إسناده على الشرط المذكور. والله أعلم.
[ ص: 221 ] 6 - وقوله: (وقد يختلفون في صحة بعض الأحاديث لاختلافهم في وجود هذه الأوصاف فيه) انتهى. يريد بقوله: (هذه الأوصاف) أي أوصاف القبول التي ذكرها في حد الصحيح، وإنما نبهت على ذلك وإن كان واضحا لأني رأيت بعضهم قد اعترض عليه فقال: إنه يعني الأوصاف المتقدمة من إرسال وانقطاع وعضل وشذوذ وشبهها.
قال: وفيه نظر من حيث إن أحدا لم يذكر أن المعضل والشاذ والمنقطع صحيح.
[ ص: 222 ] وهذا الاعتراض ليس بصحيح، فإنه إنما أراد أوصاف القبول كما قدمته. وعلى تقدير أن يكون أراد ما زعم فمن يحتج بالمرسل لا يتقيد بكونه أرسله التابعي بل لو أرسله أتباع التابعين احتج به، وهو عنده صحيح وإن كان معضلا.
وكذلك من يحتج بالمرسل يحتج بالمنقطع، بل المنقطع والمرسل عند المتقدمين واحد، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14251أبو يعلى الخليلي في الإرشاد: "إن الشاذ ينقسم إلى صحيح ومردود".
فقول هذا المعترض: (إن أحدا لا يقول في الشاذ إنه صحيح) مردود بقول الخليلي المذكور. والله أعلم.