أجمع جماهير أئمة الحديث والفقه على أنه يشترط فيمن يحتج بروايته أن يكون عدلا ضابطا لما يرويه، وتفصيله أن يكون مسلما، بالغا، عاقلا، سالما من أسباب الفسق وخوارم المروءة، متيقظا غير مغفل، حافظا إن حدث من حفظه، ضابطا لكتابه إن حدث من كتابه. وإن كان يحدث بالمعنى اشترط فيه مع ذلك أن يكون عالما بما يحيل المعاني. والله أعلم.
وقد اعترض عليه بأن المروءة لم يشترطها إلا nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابه، وليس على ما ذكره المعترض، بل الذين لم يشترطوا على الإسلام مزيدا لم [ ص: 551 ] يشترطوا ثبوت العدالة ظاهرا، بل اكتفوا بعدم ثبوت ما ينافي العدالة، فمن ظهر منه ما ينافي العدالة لم يقبلوا شهادته ولا روايته.
وأما من اشترط العدالة - وهم أكثر العلماء - فاشترطوا في العدالة المروءة، ولم يختلف قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحابه في اشتراط المروءة في العدالة مطلقا.
وإنما تفترق العدالة في الشهادة والعدالة في الرواية في اشتراط الحرية، فإنها ليست شرطا في عدالة الرواية بلا خلاف بين أهل العلم، كما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب في الكفاية، وهي شرط في عدالة الشهادة عند أكثر أهل العلم، وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12604القاضي أبو بكر الباقلاني أن هذا مما تفترق فيه الشهادة والرواية.
وتفترقان أيضا - على قول - في البلوغ؛ فإن شهادة الصبي المميز غير مقبولة عند أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والجمهور، [ ص: 552 ] وأما خبره فاختلف تصحيح المتأخرين في مواضع:
فحكى النووي في شرح المهذب عن الجمهور قبول أخبار الصبي المميز فيما طريقه المشاهدة، بخلاف ما طريقه النقل، كالإفتاء ورواية الأخبار ونحوه، وقد سبقه إلى ذلك المتولي فتبعه عليه.
وحكى الرافعي في (استقبال القبلة) عن الأكثرين عدم القبول، وجعل الخلاف أيضا في المميز، ولكنه قيد الخلاف في التيمم بالمراهق، وصحح أيضا عدم القبول، وتبعه عليه النووي. والله تعالى أعلم.