وجوابه: أن ذلك وإن لم نعتمده في إثبات الجرح والحكم به، فقد اعتمدناه في أن توقفنا عن قبول حديث من قالوا فيه مثل ذلك، بناء على أن ذلك أوقع عندنا فيهم ريبة قوية يوجب مثلها التوقف.
ثم من انزاحت عنه الريبة منهم ببحث عن حاله أوجب الثقة بعدالته قبلنا حديثه ولم نتوقف، كالذين احتج بهم صاحبا الصحيحين وغيرهما ممن مسهم مثل هذا الجرح من غيرهم، فافهم ذلك، فإنه مخلص حسن. والله أعلم.
[ ص: 559 ] 82 - قوله: (ولقائل أن يقول: إنما يعتمد الناس في جرح الرواة ورد حديثهم على الكتب التي صنفها أئمة الحديث في الجرح أو في الجرح والتعديل، وقل ما يتعرضون فيها لبيان السبب، بل يقتصرون على مجرد قولهم: "فلان ضعيف، وفلان ليس بشيء" ونحو ذلك) إلى آخر السؤال والجواب الذي أجاب به.
وبيان ذلك أن nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب حكى في الكفاية عن nindex.php?page=showalam&ids=12604القاضي أبي بكر الباقلاني أنه حكى عن جمهور أهل العلم "أنه إذا جرح من لا يعرف الجرح يجب الكشف عن ذلك" قال: "ولم يوجبوا ذلك على أهل العلم بهذا الشأن".
قال القاضي أبو بكر: "والذي يقوى عندنا ترك الكشف عن ذلك إذا كان الجارح عالما، كما لا يجب استفسار المعدل عما به صار المزكي عدلا" إلى آخر كلامه.
وما حكيناه عن القاضي أبي بكر هو الصواب. وقد اختلف كلام الغزالي في نقله عن القاضي، فحكى عنه في (المنخول) أنه يوجب بيان الجرح مطلقا، وحكى عنه في (المستصفى) ما تقدم نقله عنه، وهو الصواب، فقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب عنه بإسناده الصحيح إليه، وحكاه أيضا عنه الإمام فخر الدين الرازي nindex.php?page=showalam&ids=14552والسيف الآمدي.
[ ص: 561 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=14231أبو بكر الخطيب في (الكفاية) بعد حكاية الخلاف: "على أنا نقول أيضا: إن كان الذي يرجع إليه في الجرح عدلا مرضيا في اعتقاده وأفعاله، عارفا بصفة العدالة والجرح وأسبابهما، عالما باختلاف الفقهاء في ذلك - قبل قوله فيمن جرحه مجملا، ولا يسأل عن سببه".
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين في (البرهان): "الحق أنه إن كان المزكي عالما بأسباب الجرح والتعديل اكتفينا بإطلاقه وإلا فلا".