مثاله : ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك ، قال: حدثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثني بسر بن عبيد الله قال: سمعت أبا إدريس يقول : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=105واثلة بن الأسقع يقول: سمعت أبا مرثد الغنوي يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: nindex.php?page=hadith&LINKID=885838 "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها ".
فذكر سفيان في هذا الإسناد زيادة ووهم، وهكذا ذكر أبي إدريس . أما الوهم في ذكر سفيان فممن دون nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك، لأن جماعة ثقات رووه عن nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك عن ابن جابر نفسه، ومنهم من صرح فيه بلفظ الإخبار بينهما .
وأما ذكر أبي إدريس فيه : nindex.php?page=showalam&ids=16418فابن المبارك منسوب فيه إلى الوهم، وذلك لأن جماعة من الثقات رووه عن ابن جابر، فلم يذكروا أبا إدريس بين بسر وواثلة ، وفيهم من صرح فيه بسماع بسر من واثلة .
قال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي : "يرون أن nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك وهم في هذا" قال: "وكثيرا ما يحدث بسر عن أبي إدريس، فغلط nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك، وظن أن هذا مما روى عن أبي إدريس عن واثلة، وقد سمع هذا بسر من واثلة نفسه" .
قلت : قد ألف nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب الحافظ في هذا النوع كتابا سماه كتاب (تمييز المزيد في متصل الأسانيد) وفي كثير مما ذكره نظر، لأن الإسناد الخالي عن الراوي الزائد إن كان بلفظة " عن" في ذلك فينبغي أن يحكم بإرساله، ويجعل معللا بالإسناد الذي ذكر فيه الزائد، لما عرف في نوع المعلل، وكما يأتي ذكره إن - شاء الله تعالى - في النوع الذي يليه . وإن كان فيه تصريح بالسماع أو بالإخبار، كما في المثال الذي أوردناه، فجائز أن يكون قد سمع ذلك من رجل عنه، ثم سمعه منه نفسه، فيكون بسر في هذا الحديث قد سمعه من أبي إدريس عن واثلة، ثم لقي واثلة فسمعه منه كما جاء مثله مصرحا به في غير هذا.
اللهم إلا أن توجد قرينة تدل على كونه وهما، كنحو ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم في المثال المذكور . وأيضا فالظاهر ممن وقع له مثل ذلك أن يذكر السماعين، فإذا لم يجئ عنه ذكر ذلك حملناه على الزيادة المذكورة، والله أعلم .
هذا نوع مهم عظيم الفائدة، يدرك بالاتساع في الرواية والجمع لطرق الأحاديث مع المعرفة التامة، nindex.php?page=showalam&ids=14231وللخطيب الحافظ فيه كتاب (التفصيل لمبهم المراسيل).
والمذكور في هذا الباب منه ما عرف فيه الإرسال بمعرفة عدم السماع من الراوي فيه أو عدم اللقاء، كما في الحديث المروي عن nindex.php?page=showalam&ids=14835العوام بن حوشب، عن nindex.php?page=showalam&ids=51عبد الله بن أبي أوفى قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قال بلال : قد قامت الصلاة نهض وكبر " روي فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل أنه قال: "العوام لم يلق nindex.php?page=showalam&ids=51ابن أبي أوفى ".
ومنه ما كان الحكم بإرساله محالا على مجيئه من وجه آخر، بزيادة شخص واحد أو أكثر في الموضع المدعى فيه الإرسال، كالحديث الذي سبق ذكره في النوع العاشر : عن nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري عن أبي إسحاق، فإنه حكم فيه بالانقطاع والإرسال بين nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري، لأنه روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق قال: حدثني النعمان بن أبي شيبة الجندي، عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري، عن أبي إسحاق، وحكم أيضا فيه بالإرسال بين nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري وأبي إسحاق، لأنه روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري عن شريك عن أبي إسحاق .
وهذا وما سبق في النوع الذي قبله يتعرضان لأن يعترض بكل واحد منهما على الآخر على ما تقدمت الإشارة إليه، والله أعلم .
هذا علم كبير قد ألف الناس فيه كتبا كثيرة، ومن أحلاها وأكثرها فوائد كتاب (الاستيعاب) nindex.php?page=showalam&ids=13332لابن عبد البر ، لولا ما شانه به من إيراده كثيرا مما شجر بين الصحابة، وحكاياته عن الأخباريين لا المحدثين ، وغالب على الأخباريين الإكثار والتخليط فيما يروونه .
وأنا أورد نكتا نافعة - إن شاء الله تعالى - قد كان ينبغي لمصنفي كتب الصحابة أن يتوجوها بها، مقدمين لها في فواتحها :
إحداها : اختلف أهل العلم في أن الصحابي من؟ فالمعروف من طريقة أهل الحديث أن كل مسلم رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو من الصحابة.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه : "من صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو رآه من المسلمين، فهو من أصحابه" .
[ ص: 853 ] [ ص: 854 ] [ ص: 855 ] [ ص: 856 ] النوع التاسع والثلاثون
138 - قوله: (فالمعروف من طريقة أهل الحديث أن كل مسلم رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من الصحابة. قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه: "من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين فهو صحابي من أصحابه") انتهى.
والحد الذي ذكر المصنف أنه المعروف لا يدخل فيه من لم يره صلى الله عليه وسلم لمانع كالعمى، nindex.php?page=showalam&ids=100كابن أم مكتوم مثلا، وهو داخل في الحد الذي ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، وفي دخول الأعمى الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسلما ولم يصحبه ولم يجالسه في عبارة nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري نظر.
فالعبارة السالمة من الاعتراض أن يقال: الصحابي من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مسلما، ثم مات على الإسلام؛ ليخرج بذلك من ارتد ومات كافرا، كعبد الله بن [ ص: 857 ] خطل، وربيعة بن أمية، ومقيس بن صبابة، ونحوهم.
فلا شك أن هؤلاء لا يطلق عليهم اسم الصحابة، وهم داخلون في الحد، إلا أن نقول بأحد قولي الأشعري: إن إطلاق [ ص: 858 ] اسم الكفر والإيمان هو باعتبار الخاتمة، فإن من مات كافرا لم يزل كافرا ومن مات مسلما لم يزل مسلما، فعلى هذا لم يدخل هؤلاء في الحد.
أما من ارتد منهم ثم عاد إلى الإسلام في حياته صلى الله عليه وسلم فالصحبة عائدة إليهم بصحبتهم له ثانيا، كعبد الله بن أبي سرح.
وأما من ارتد منهم في حياته، أو بعد موته، ثم عاد إلى الإسلام بعد موته صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=185كالأشعث بن قيس - ففي عود الصحبة له نظر عند من يقول: إن الردة محبطة [ ص: 859 ] للعمل، وإن لم يتصل بها الموت، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة. وفي عبارة nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم ما يدل عليه.
نعم الذي حكاه الرافعي، عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنها إنما تحبط العمل بشرط اتصالها بالموت، ووراء ذلك أمور في اشتراط أمور أخر من: التمييز أو البلوغ في الرائي، واشتراط كون الرؤية بعد النبوة أو أعم من ذلك، واشتراط كونه صلى الله عليه وسلم حيا حتى يخرج ما لو رآه بعد موته قبل الدفن، واشتراط كون الرؤية له في عالم الشهادة دون عالم الغيب.
فأما التمييز فظاهر كلامهم اشتراطه كما هو موجود في كلام nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين، وأبي زرعة، nindex.php?page=showalam&ids=11970وأبي حاتم، وأبي داود، nindex.php?page=showalam&ids=13332وابن عبد البر، وغيرهم، وهم جماعة أتي بهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم أطفال، فحنكهم، ومسح وجوههم، أو تفل في أفواههم، فلم يثتبوا لهم صحبة كمحمد بن حاطب بن الحارث، [ ص: 860 ] وعبد الرحمن بن عثمان التيمي، nindex.php?page=showalam&ids=7820ومحمود بن الربيع، وعبيد الله بن معمر، وعبد الله بن الحارث بن نوفل، وعبد الله بن أبي طلحة، ومحمد بن [ ص: 861 ] ثابت بن قيس بن شماس، ويحيى بن خلاد بن رافع الزرقي، ومحمد بن طلحة بن عبيد الله، وعبد الله بن ثعلبة بن صعير، وعبد الله بن عامر بن [ ص: 862 ] كريز، وعبد الرحمن بن عبد القاري، ونحوهم.
فأما محمد بن حاطب فإنه ولد بأرض الحبشة، قال nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين: "له رؤية ولا تذكر له صحبة".
وأما عبد الرحمن بن عثمان التيمي فقال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي: "كان صغيرا له رؤية وليست له صحبة".
وأما nindex.php?page=showalam&ids=7820محمود بن الربيع فهو الذي عقل منه صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهه وهو ابن خمس سنين، كما ثبت في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، وقال [ ص: 863 ] nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم: "له رؤية وليست له صحبة".
وأما عبيد الله بن معمر فقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر: "ذكر بعضهم أن له صحبة، وهو غلط، بل له رؤية وهو غلام صغير".
وأما عبد الله بن الحارث بن نوفل فإنه الملقب بـ"شبة" ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر أنه ولد على عهده صلى الله عليه وسلم، وأنه أتي به، فحنكه، ودعا له.
قال العلائي في كتاب (جامع التحصيل): "ولا صحبة له، بل ولا رؤية قطعا، وحديثه مرسل قطعا".
وأما nindex.php?page=showalam&ids=16405عبد الله بن أبي طلحة فهو أخو nindex.php?page=showalam&ids=9أنس لأمه، وأتي به النبي صلى الله عليه وسلم، فحنكه، كما ثبت في الصحيح.
قال العلائي: "ولا يعرف له رؤية، [ ص: 864 ] بل هو تابعي، وحديثه مرسل".
وأما محمد بن ثابت بن قيس بن شماس فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم، فحنكه، وسماه محمدا، قال العلائي: "وليست له صحبة" فحديثه مرسل. وأما nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان فذكره في الصحابة.
وأما يحيى بن خلاد بن رافع الزرقي فذكر nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر أنه أتي به النبي صلى الله عليه وسلم، فحنكه، وسماه، قال العلائي: "وهو تابعي لا تثبت له رؤية".
وأما nindex.php?page=showalam&ids=16979محمد بن طلحة بن عبيد الله فهو الملقب بالسجاد، أتى به أبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فمسح رأسه، وسماه محمدا، وكناه أبا القاسم، قال العلائي: "ولم يذكر أحد - فيما وقفت عليه - له رؤية، بل هو تابعي".
وأما عبد الله بن ثعلبة بن صعير، وقيل: ابن أبي صعير، فروى nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح وجهه عام الفتح. قال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم: "رأى [ ص: 865 ] النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير" قال العلائي: "قيل: إنه لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم كان ابن أربع سنين".
وأما عبد الله بن عامر بن كريز فإن النبي صلى الله عليه وسلم أتي به وهو صغير فتفل في فيه من ريقه، قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر: "وما أظنه سمع منه ولا حفظ عنه، بل حديثه مرسل".
وأما nindex.php?page=showalam&ids=14937عبد الرحمن بن عبد القاري فقال nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود: "أتي به النبي صلى الله عليه وسلم وهو طفل" قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر: "ليس له سماع ولا رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو من التابعين".
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم أن nindex.php?page=showalam&ids=9228يوسف بن عبد الله بن سلام "له رؤية ولا صحبة له" انتهى. هذا مع كونه حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه أخذ كسرة من خبز شعير، ووضع عليها تمرة، وقال: "هذه إدام هذه" رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي في [ ص: 866 ] (الشمائل) وروى nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود أيضا من حديثه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: "ما على أحدكم - إن وجد - أن يتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته" لا جرم أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عد يوسف في الصحابة، فأنكر [ ص: 867 ] ذلك عليه nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم، وقال: "له رؤية ولا صحبة له".
وممن أثبت له بعضهم الرؤية دون الصحبة: nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق بن شهاب، فقال أبو زرعة nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود: "له رؤية وليست له صحبة" انتهى.
وهذا ليس من باب الرؤية في الصغر؛ فإن nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق بن شهاب هذا قد أدرك الجاهلية، وغزا مع nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر رضي الله عنه، وإنما يحمل هذا على أحد وجهين:
إما أن يكون رآه قبل أن يسلم، فلم يره في حالة إسلامه، ثم جاء فقاتل مع nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر.
وإما أن يكون ذلك محمولا على أنهما لا يكتفيان في حصول الصحبة بمجرد الرؤية - كما سيأتي نقله عن أهل الأصول - وعلى هذا يحمل أيضا قول nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصم الأحول أن nindex.php?page=showalam&ids=147عبد الله بن سرجس رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير أنه لم يكن له [ ص: 868 ] صحبة، قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر: "لا يختلفون في ذكره في الصحابة، ويقولون: له صحبة على مذهبهم في اللقاء والرؤية والسماع".
وأما nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصم الأحول فأحسبه أراد الصحبة التي يذهب إليها العلماء وأولئك قليل. انتهى.
وأما تمثيل الشيخ تاج الدين التبريزي في اختصاره لكتاب nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح لمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم كافرا ثم أسلم بعد وفاته nindex.php?page=showalam&ids=147كعبد الله بن سرجس، وشريح - فليس بصحيح؛ لما ثبت في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=147عبد الله بن سرجس قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=661337 "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأكلت معه خبزا ولحما" وذكر الحديث في رؤيته لخاتم النبوة، واستغفار النبي صلى الله عليه وسلم له.
والصحيح أيضا أن شريحا القاضي لم ير النبي صلى الله عليه وسلم قبل النبوة ولا بعدها، [ ص: 869 ] وهو تابعي، أدرك الجاهلية، وقد عده nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في المخضرمين، وذكره المصنف فيهم. والله أعلم.
وأما اشتراط البلوغ في حالة الرواية فحكاه nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي عن أهل العلم، فقال: "رأيت أهل العلم يقولون: كل من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أدرك الحلم فأسلم، وعقل أمر الدين ورضيه، فهو عندنا ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم ولو ساعة من نهار" انتهى.
والصحيح أن البلوغ ليس شرطا في حد الصحابي، وإلا لخرج بذلك من أجمع العلماء على عدهم في الصحابة: nindex.php?page=showalam&ids=16414كعبد الله بن الزبير، والحسن والحسين - رضي الله عنهم - وأما كون المعتبر في الرؤية وقوعها بعد النبوة فلم أر من تعرض لذلك إلا nindex.php?page=showalam&ids=13563ابن منده، ذكر في الصحابة زيد بن عمرو بن نفيل، وإنما رأى النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 870 ] قبل البعثة، ومات قبلها، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=889525 "إنه يبعث يوم القيامة أمة وحده".
وأما كون المعتبر في الرؤية وقوعها وهو حي فالظاهر اشتراطه؛ فإنه قد انقطعت النبوة بوفاته صلى الله عليه وسلم.
وأما كون رؤيته صلى الله عليه وسلم في عالم الشهادة فالظاهر اشتراطه أيضا؛ حتى لا يطلق اسم الصحبة على من رآه من الملائكة والنبيين في السماوات ليلة الإسراء.
أما الملائكة فلم يذكرهم أحد في الصحابة، وقد استشكل nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير في [ ص: 871 ] كتاب (أسد الغابة) ذكر من ذكر منهم بعض الجن الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وذكرت أسماؤهم، فإن جبريل وغيره ممن رآه من الملائكة أولى بالذكر من هؤلاء. وليس كما زعم؛ لأن الجن من جملة المكلفين، الذين شملتهم الرسالة [ ص: 872 ] والبعثة، فكان ذكر من عرف اسمه ممن رآه حسنا، بخلاف الملائكة. والله أعلم.
وأما الأنبياء الذين رآهم في السماوات ليلة الإسراء، الذين ماتوا منهم، كإبراهيم ويوسف وموسى وهارون ويحيى - لا شك أنهم لا يطلق عليهم اسم الصحبة؛ لكون رؤيتهم له بعد الموت، مع كون مقاماتهم أجل وأعظم من رتبة أكبر الصحابة.
وأما من هو حي إلى الآن لم يمت كعيسى صلى الله عليه وسلم فإنه سينزل إلى الأرض في آخر الزمان، ويراه خلق من المسلمين، فهل يوصف من رآه بأنه من التابعين؛ لكونه رأى من له رؤية من النبي صلى الله عليه وسلم أم المراد بالصحابة من لقيه من أمته الذين أرسل إليهم؛ حتى لا يدخل فيهم عيسى والخضر وإلياس على قول من يقول بحياتهما من الأئمة؟
[ ص: 873 ] [ ص: 874 ] هذا محل نظر، ولم أر من تعرض لذلك من أهل الحديث، والظاهر أن من رآه منهم في الأرض وهو حي له حكم الصحبة، فإن كان الخضر أو إلياس حيا، أو كان قد رأى عيسى في الأرض، فالظاهر إطلاق اسم الصحبة عليهم.
فأما رؤية عيسى له في السماء فقد يقال: السماء ليست محلا للتكليف ولا لثبوت الأحكام الجارية على المكلفين، فلا يثبت بذلك اسم الصحبة لمن رآه فيها.
وظاهر هذا أنه رآه ببيت المقدس، وإذا كان كذلك فلا مانع من إطلاق الصحبة عليه؛ لأنه حين ينزل يكون مقتديا بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم لا بشريعته المتقدمة.