هكذا أطلق المصنف أنه يقبل قول من ثبتت عدالته أنه صحابي، وتبع في ذلك nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب؛ فإنه قال في (الكفاية) في آخر كلام رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=12604القاضي أبي بكر الباقلاني ما صورته: "وقد يحكم بأنه صحابي إذا كان ثقة أمينا مقبول القول، إذا قال: صحبت النبي صلى الله عليه وسلم وكثر لقائي له، فيحكم بأنه صحابي في الظاهر؛ لموضع عدالته، وقبول خبره، وإن لم نقطع بذلك، كما يعمل بروايته" انتهى.
والظاهر أن هذا الكلام بقية كلام القاضي أبو بكر؛ فإنه يشترط في [ ص: 888 ] الصحابي كثرة الصحبة، واستمرار اللقاء، كما تقدم نقله عنه. وأما nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب فلا يشترط ذلك على رأي المحدثين.
وعلى كل تقدير فلابد من تقييد ما أطلقه بأن يكون ادعاؤه لذلك يقتضيه الظاهر.
والصواب أن ذلك محمول على التقييد بالظرف، فقد جاوز جماعة من العلماء المائة، وحدثوا بعد المائة، وهم معروفو المولد، كالقاضي طاهر بن عبد الله الطبري، أحد أئمة الشافعية، والحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي، وغيرهما، وقد ورد في بعض طرق هذا الحديث "أن المراد بالمائة من الهجرة لا من وفاته صلى الله عليه وسلم" رواه nindex.php?page=showalam&ids=12201أبو يعلى الموصلي في مسنده من رواية قيس بن وهب الهمداني، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال: ثنا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يأتي مائة سنة من الهجرة ومنكم عين تطرف".
وهذا يرد قول من ادعى أنه تأخر بعد [ ص: 891 ] nindex.php?page=showalam&ids=11871أبي الطفيل أحد من الصحابة، كما سيأتي ذلك في آخر من مات من الصحابة إن شاء الله تعالى.
فعلى هذا لا يقبل قول أحد ادعى الصحبة بعد مائة سنة من الهجرة، وكلام الأصوليين أيضا يقتضي ما ذكرناه؛ فإنهم اشترطوا في ثبوت ذلك بادعائه أن يكون قد عرفت معاصرته للنبي صلى الله عليه وسلم، قال nindex.php?page=showalam&ids=14552الآمدي في (الأحكام): "فلو قال من عاصره: أنا صحابي، مع إسلامه وعدالته - فالظاهر صدقه" وحكاهما nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب احتمالين من غير ترجيح، قال: "ويحتمل أن لا يصدق؛ لكونه متهما بدعوى رتبة يثبتها لنفسه" والله أعلم.