الثانية : للصحابة بأسرهم خصيصة، وهي أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم، بل ذلك أمر مفروغ منه، لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب والسنة وإجماع من يعتد به في الإجماع من الأمة .
قال الله تبارك وتعالى: كنتم خير أمة أخرجت للناس الآية ، قيل : اتفق المفسرون على أنه وارد في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ومن لابس الفتن منهم فكذلك بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع، إحسانا للظن بهم ونظرا إلى ما تمهد لهم من المآثر، وكأن الله - سبحانه وتعالى - أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة، والله أعلم .
ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ومن لابس الفتن منهم فكذلك بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع، إحسانا للظن بهم، ونظرا إلى ما تمهد لهم من المآثر، وكأن الله - سبحانه وتعالى - أتاح الإجماع على ذلك؛ لكونهم نقلة الشريعة. والله أعلم).
فيه أمران:
أحدهما: أنه اعترض على المصنف في استدلاله بحديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد؛ وذلك لأنه قاله النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=22لخالد بن الوليد لما تقاول هو nindex.php?page=showalam&ids=38وعبد الرحمن بن عوف، أي أنه أراد بذلك صحبة خاصة.
[ ص: 895 ] والجواب أنه لا يلزم من كونه ورد على سبب خاص في شخص معين أنه لا يعم جميع أصحابه، ولا شك أن خالدا من أصحابه، وأنه منهي عن سبه، وإنما درجات الصحبة متفاوتة، فالعبرة إذا بعموم اللفظ في قوله: "لا تسبوا أصحابي" وإذا نهي الصحابي عن سب الصحابي، فغير الصحابي أولى بالنهي عن سب الصحابي.
الثاني: أن ما حكاه المصنف من إجماع الأمة على تعديل من لم يلابس الفتن منهم كأنه أخذه من كلام nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر؛ فإنه حكى في (الاستيعاب) إجماع أهل الحق من المسلمين - وهم أهل السنة والجماعة - على أن الصحابة كلهم عدول. انتهى.
وفي حكاية الإجماع نظر، ولكنه قول الجمهور، كما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب nindex.php?page=showalam&ids=14552والآمدي، وقال: "إنه المختار" وحكيا معا قولا آخر: أنهم كغيرهم في لزوم البحث عن عدالتهم مطلقا، وقولا آخر: إنهم عدول إلى وقوع الفتن، وأما بعد ذلك فلابد من البحث عمن ليس ظاهر العدالة.
[ ص: 896 ] وذهب المعتزلة إلى تفسيق من قاتل nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب منهم.
وقيل: يرد الداخلون في الفتن كلهم؛ لأن أحد الفريقين فاسق من غير تعيين.
وقيل: نقبل الداخل في الفتن إذا انفرد؛ لأن الأصل العدالة، وشككنا في فسقه، ولا يقبل مع مخالفة لتحقق فسق أحدهما من غير تعيين. والله أعلم.