وهو غير المنقطع الذي يأتي ذكره إن شاء الله تعالى. ويقال في جمعه: المقاطع والمقاطيع.
وهو ما جاء عن التابعين موقوفا عليهم من أقوالهم أو أفعالهم.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب أبو بكر الحافظ في جامعه: "من الحديث: المقطوع". وقال: "المقاطع هي الموقوفات على التابعين" والله أعلم.
قلت: وقد وجدت التعبير بالمقطوع عن المنقطع غير الموصول في كلام الإمام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، nindex.php?page=showalam&ids=14687وأبي القاسم الطبراني، وغيرهما، والله أعلم.
تفريعات:
أحدها: قول الصحابي: "كنا نفعل كذا، أو كنا نقول كذا" إن لم يضفه إلى زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو من قبيل الموقوف، وإن أضافه إلى زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالذي قطع به nindex.php?page=showalam&ids=14070أبو عبد الله بن البيع الحافظ وغيره من أهل الحديث وغيرهم أن ذلك من قبيل المرفوع.
وبلغني عن أبي بكر البرقاني: أنه سأل nindex.php?page=showalam&ids=13779أبا بكر الإسماعيلي الإمام عن ذلك، فأنكر كونه من المرفوع.
والأول هو الذي عليه الاعتماد، لأن ظاهر ذلك مشعر بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اطلع على ذلك وقررهم عليه، وتقريره أحد وجوه السنن المرفوعة، فإنها أنواع: منها أقواله صلى الله عليه وسلم، ومنها أفعاله، ومنها تقريره وسكوته عن الإنكار بعد اطلاعه.
ومن هذا القبيل قول الصحابي: "كنا لا نرى بأسا بكذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا، أو كان يقال كذا وكذا على عهده" أو "كانوا يفعلون كذا وكذا في حياته صلى الله عليه وسلم". فكل ذلك وشبهه مرفوع مسند، مخرج في كتب المسانيد.
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم أبو عبد الله - فيما رويناه عن nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة قال: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرعون بابه بالأظافير" أن هذا يتوهمه من ليس من أهل الصنعة مسندا - يعني مرفوعا - لذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، وليس بمسند، بل هو موقوف.
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب أيضا نحو ذلك في جامعه.
قلت: بل هو مرفوع كما سبق ذكره. وهو بأن يكون مرفوعا أحرى؛ لكونه أحرى (باطلاعه) صلى الله عليه وسلم عليه. nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم معترف بكون ذلك من قبيل المرفوع، وقد كنا عددنا هذا فيما أخذناه عليه، ثم تأولناه له على أنه أراد أنه ليس بمسند لفظا، بل هو موقوف لفظا، كذلك سائر ما سبق موقوف لفظا، وإنما جعلناه مرفوعا من حيث المعنى، والله أعلم. الثاني: قول الصحابي "أمرنا بكذا" أو "نهينا عن كذا" من نوع المرفوع والمسند عند أصحاب الحديث، وهو قول أكثر أهل العلم، وخالف في ذلك فريق منهم nindex.php?page=showalam&ids=13779أبو بكر الإسماعيلي، والأول هو الصحيح؛ لأن مطلق ذلك ينصرف بظاهره إلى من إليه الأمر والنهي، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهكذا قول الصحابي: "من السنة كذا" فالأصح أنه مسند مرفوع؛ لأن الظاهر أنه لا يريد به إلا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يجب اتباعه.
فأما سائر تفاسير الصحابة التي لا تشتمل على إضافة شيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمعدودة في الموقوفات. والله أعلم.
الرابع: من قبيل المرفوع الأحاديث التي قيل في أسانيدها عند ذكر الصحابي: "يرفع الحديث" أو "يبلغ به" أو "ينميه" أو "رواية".
مثال ذلك: nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة، عن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد، عن nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، رواية: "تقاتلون قوما صغار الأعين.." الحديث.
وبه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، يبلغ به، قال: "الناس تبع لقريش.." الحديث.
فكل ذلك وأمثاله كناية عن رفع الصحابي الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحكم ذلك عند أهل العلم حكم المرفوع صريحا.
هكذا جزم به المصنف أنه إن لم يضفه إلى زمنه يكون موقوفا، وتبع المصنف في ذلك الخطيب؛ فإنه كذلك جزم به في الكفاية.
[ ص: 368 ] والخلاف في المسألة مشهور.
واختلف كلام الأئمة أيضا في الصحيح، وقد حكى النووي الخلاف [ ص: 369 ] في مقدمة (شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم) وحكي ما جزم به المصنف عن الجمهور من المحدثين وأصحاب الفقه والأصول.
وقد أطلق nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في علوم الحديث الحكم برفعه ولم يقيده بإضافته إلى زمنه، وكذا أطلق الإمام فخر الدين الرازي في (المحصول) nindex.php?page=showalam&ids=14552والسيف الآمدي في (الأحكام).
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12785أبو نصر الصباغ في كتاب (العدة) إنه الظاهر، ومثله بقول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها -: "كانت اليد لا تقطع في الشيء التافه" وحكاه النووي [ ص: 370 ] في (شرح المهذب) عن كثير من الفقهاء، قال: "وهو قوي من حيث المعنى".