[ ص: 595 ] 80 - قوله: (ص): "وقد قيل: إن القول الذي رده
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم هو الذي عليه أئمة هذا العلم:
nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري وغيرهما" .
قلت: ادعى بعضهم أن
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إنما التزم ذلك في جامعه لا في أصل الصحة، وأخطأ في هذه الدعوى، بل هذا
شرط في أصل الصحة عند
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري /، فقد أكثر من تعليل الأحاديث في تاريخه بمجرد ذلك.
وهذا المذهب هو مقتضى كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي -رضي الله تعالى عنه - فإنه قال في "الرسالة" في باب خبر الواحد:
"فإن قيل: فما بالك قبلت ممن لا تعرفه بالتدليس أن يقول: "عن" وقد يمكن فيه أن يكون لم يسمعه؟
فقلت له: المسلمون العدول أصحاء الأمر وحالهم في أنفسهم غير حالهم في غيرهم، ألا ترى أني إذا عرفتهم بالعدالة في أنفسهم قبلت شهادتهم، وإذا شهدوا على شهادة غيرهم لم أقبل حتى أعرف حاله. وأما قولهم عن أنفسهم، فهو على الصحة حتى يستدل من فعلهم بما يخالف ذلك، فنحترس منهم في [الموضع] الذي خالف فعلهم فيه ما يجب عليهم.
ولم أدرك أحدا من أصحابنا يفرق بين أن يقول حدثني فلان أو سمعت فلانا أو عن فلان إلا فيمن دلس، فمن كان بهذه المثابة قبلنا منه ومن عرفناه دلس مرة، فقد أبان لنا عورته، فلا نقبل منه حديثا حتى يقول: حدثني أو سمعت ... إلى آخر كلامه.
[ ص: 596 ] فذكر أنه إنما قبل العنعنة لما ثبت عنده أن
المعنعن غير مدلس ، وإنما يقول عن فيما سمع فأشبه ما ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من أنه
إذا ثبت اللقي ولو مرة حملت عنعنة غير المدلس على السماع مع احتمال أن لا يكون سمع بعض ذلك أيضا، والحامل
nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري على اشتراط ذلك تجويز أهل ذلك العصر للإرسال فلو لم يكن مدلسا، وحدث عن بعض من عاصره لم يدل ذلك على أنه سمع منه، لأنه وإن كان غير مدلس، فقد يحتمل أن يكون أرسل عنه لشيوع الإرسال بينهم، فاشترط أن يثبت أنه لقيه وسمع منه ليحمل ما يرويه عنه بالعنعنة على السماع، لأنه لو لم يحمل على السماع لكان مدلسا والغرض السلامة من التدليس.
فتبين رجحان مذهبه.
وأما احتجاج
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم على فساد ذلك بأن لنا أحاديث اتفق الأئمة على صحتها، ومع ذلك ما رويت إلا معنعنة ولم يأت في خبر قط أن بعض رواتها لقي شيخه، فلا يلزم من نفي ذلك عنده نفيه في نفس الأمر.
وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني في كتاب العلل أن
nindex.php?page=showalam&ids=12081أبا عثمان النهدي لقي
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود وغيرهما، وروى عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب وقال في بعض حديثه: حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب ، انتهى.
وقد قطع
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بأنه لم يوجد في رواية بعينها أنه لقي
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب أو سمع منه.
وأعجب من ذلك أنا وجدنا بطلان بعض ما نفاه في نفس صحيحه. من ذلك: قوله /:
[ ص: 597 ] "وأسند
النعمان بن أبي عياش عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ثلاثة أحاديث". وقال: في آخر كلامه: فكل هؤلاء التابعين الذين نصبنا روايتهم عن الصحابة - رضي الله عنهم - الذين سميناهم لم يحفظ عنهم سماع علمناه منهم في رواية بعينها ولا أنهم لقوهم في نفس خبر بعينه انتهى.
وقد روى في صحيحه في كتاب المناقب من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=11974أبي حازم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: "سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:
nindex.php?page=hadith&LINKID=656089أنا فرطكم على الحوض ..." الحديث إلى أن قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=855817ثم يحال بيني وبينهم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11974أبو حازم : فسمعني
النعمان بن أبي عياش وأنا أحدث بهذا الحديث فقال: أهكذا سمعت
سهلا يقول؟ فقلت: نعم.
قال: فأنا أشهد على
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - لسمعته يقول:
nindex.php?page=hadith&LINKID=691633إنهم مني فيقال: إنك لا تدري ما عملوا بعدك فأقول: سحقا سحقا لمن بدل بعدي" .
[ ص: 598 ] وأخرج - أيضا - في كتابه صفة الجنة في صحيحه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=11974أبي حازم أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=662066إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أهل الجنة ليتراءون الغرفة في الجنة كما يتراءون الكوكب في السماء" .
قال: فحدثت بذلك
النعمان بن أبي عياش فقال: سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد الخدري - رضي الله تعالى عنه - يقول:
nindex.php?page=hadith&LINKID=688961 "كما ترون الكوكب الدري في الأفق الشرقي أو الغربي" .
وأخرج أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11974أبي حازم عن
nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد - رضي الله تعالى عنه - في الكتاب المذكور حديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=653012 "إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها .
فقال
النعمان : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد - رضي الله تعالى عنه - بلفظ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=662064يسير الراكب الجواد المضمر السريع" .
فهذه الثلاثة الأحاديث التي أشار إليها قد ذكرها هو في كتابه مصرحا فيها بالسماع، فكيف لا يجوز ذلك في غيرها. وإنما كان يتم له النقض والإلزام لو رأى في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حديثا معنعنا لم يثبت لقي راويه لشيخه فيه، فكان ذلك واردا عليه، وإلا فتعليل
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري لشرطه المذكور متجه - والله أعلم - .