90 - قوله: (ص): وهو أن يروي عن من لقيه ما لم يسمعه منه موهما أنه سمعه منه أو عمن عاصره ولم يلقه، موهما أنه قد لقيه وسمعه منه". انتهى.
وقوله: عمن عاصره ليس من التدليس في شيء، وإنما هو المرسل الخفي. كما سيأتي تحقيقه عند الكلام عليه.
وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=17293ابن القطان في أواخر البيان له
تعريف التدليس بعبارة غير معترضة قال: "ونعني به أن يروي المحدث عمن [قد] سمع منه ما لم يسمعه منه من غير أن يذكر أنه سمعه منه. والفرق بينه وبين الإرسال هو: أن الإرسال روايته عمن لم يسمع منه، ولما كان في هذا قد سمع منه جاءت روايته عنه بما لم يسمعه منه كأنها إيهام سماعه ذلك الشيء، فلذلك سمي تدليسا". انتهى.
[ ص: 615 ] وهو صريح في التفرقة بين التدليس والإرسال.
وأن التدليس مختص بالرواية عمن له عنه سماع، بخلاف الإرسال - والله أعلم.
وابن القطان في ذلك متابع
nindex.php?page=showalam&ids=13863لأبي بكر البزار .
وقد حكى شيخنا كلامهما ثم قال: "إن الذي ذكره المصنف في حد التدليس هو المشهور عن أهل الحديث، وأنه إنما حكى كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار وابن القطان لئلا يغتر به" .
قلت: لا غرور هنا، بل كلامهما هو الصواب على ما يظهر لي في التفرقة بين التدليس والمرسل الخفي، وإن كانا مشتركين في الحكم.
هذا ما يقتضيه النظر.
وأما كون المشهور عن أهل الحديث خلاف ما قالاه ففيه نظر. فكلام
nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب في باب التدليس من "الكفاية" يؤيد ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17293ابن القطان .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب : "التدليس متضمن الإرسال لا محالة; لإمساك المدلس عن ذكر الواسطة، وإنما يفارق حال المرسل بإيهامه السماع ممن لم يسمعه قط وهو الموهن لأمره، فوجب كون التدليس متضمنا للإرسال والإرسال لا يتضمن التدليس لأنه لا يقتضي إيهام السماع ممن لم يسمعه منه .
ولهذا لم يذم العلماء من أرسل وذموا من دلس - والله أعلم - .