108 - قوله: (ص): "
الأفراد منقسمة إلى ما هو فرد مطلقا وإلى ما هو فرد بالنسبة إلى جهة خاصة" ، انتهى.
[اعتراض
مغلطاي على
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح :]
اعترض عليه
العلامة مغلطاي بأنه ذكر أنه تبع
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في ذكره هذا النوع (قال): فكان ينبغي له أن يتبعه في تقسيمه فإنه قسمه إلى ثلاثة أقسام.
قلت: وهو اعتراض عجيب، فإن الأقسام الثلاثة التي ذكرها
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم داخلة في القسمين اللذين ذكرهما
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح ، ولا سبيل إلى الإتيان بالثالث: لأن الفرد إما مطلق وإما نسبي وغاية ما في الباب أن المطلق ينقسم إلى نوعين:
أحدهما: تفرد شخص من الرواة بالحديث.
والثاني: تفرد أهل البلد بالحديث دون غيرهم.
(والأول ينقسم أيضا إلى نوعين):
أحدهما: يفيد كون المنفرد ثقة، والثاني لا يفيد .
وأما أمثلة الأول فكثيرة، وقد ذكر شيخنا في منظومة له حديث
[ ص: 704 ] ضمرة بن سعيد عن
عبيد الله بن عبد الله عن
أبي واقد في القراءة في الأضحى".
قال شيخنا: "لم يروه أحد من الثقات إلا
ضمرة بن سعيد ، وله طريق أخرى من حديث
عائشة - رضي الله عنها - سندها ضعيف.
وأما أمثلة الثاني، فكثيرة جدا ومنها في الصحيحين حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار ، وعن
أبي العباس عن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - في حصار
الطائف تفرد به
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عن
عمرو ،
وعمرو عن
أبي العباس وأبو العباس عن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - كذلك.
ومثال النوع الثاني: حديث
عائشة - رضي الله عنها – "في صلاة النبي
[ ص: 705 ] - صلى الله عليه وسلم - على
nindex.php?page=showalam&ids=355سهيل بن بيضاء - رضي الله عنه - له طريقان عنها رواتهما كلهم مدنيون .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم : "تفرد
أهل المدينة بهذه السنة" .
وأما النسبي فيتنوع - أيضا - أنواعا:
1- أحدها: تفرد شخص عن شخص.
2- ثانيها: تفرد أهل بلد عن شخص.
3- ثالثها: تفرد شخص عن أهل بلد.
4- رابعها: تفرد أهل بلد عن أهل بلد أخرى.
مثال الأول: حديث
عبد الواحد بن أيمن عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر - رضي الله عنه - في قصة الكدية التي عرضت لهم يوم
الخندق .
[ ص: 706 ] أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وقد تفرد به
عبد الواحد عن أبيه. وقد روي من غير حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر - رضي الله عنه - .
وأمثلة ذلك في "كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي " كثيرة جدا، بل ادعى بعض المتأخرين أن جميع ما فيه من الغرائب من هذا القبيل.
وليس كما قال لتصريحه في كثير منه بالتفرد المطلق.
ومثال الثاني: حديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=663614 "القضاة ثلاثة" .
تفرد به
أهل مرو ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16423عبد الله بن بريدة عن أبيه - رضي الله عنه - وقد جمعت طرقه في جزء.
وكذا حديث
يزيد مولى المنبعث ، عن
زيد بن خالد الجهني في اللقطة . تفرد به
أهل المدينة عنه.
[ ص: 707 ] ومثال الثالث: وهو عكس الذي قبله، فهو قليل جدا وصورته أن ينفرد شخص عن جماعة بحديث تفردوا به.
ومثال الرابع: ما رواه
أبو دواد من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر - رضي الله عنه - في قصة المشجوج:
nindex.php?page=hadith&LINKID=672207إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على جرحه خرقة .
قال
ابن أبي داود فيما حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في السنن : "هذه سنة تفرد بها
أهل مكة ، وحملها عنهم
أهل الجزيرة .
وقول
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : "إلا أن يطلق قائل قوله: تفرد به
أهل مكة على ما لم يروه إلا واحد من أهلها" .
قلت: وهذا الإطلاق هو الأكثر، فجميع الأمثلة التي مثل بها
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم كذلك، كحديث
nindex.php?page=showalam&ids=15804خالد الحذاء ، عن
سعيد بن عمرو ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي عن
داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة في النهي عن قيل وقال: تفرد به البصريون عن الكوفيين وإنما تفرد به
nindex.php?page=showalam&ids=15804خالد الحذاء وهو واحد.
وحديث
الحسين بن داود عن
الفضيل بن عياض ، وعن
منصور ، عن
[ ص: 708 ] إبراهيم عن
علقمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
يقول الله تبارك وتعالى: (يا دنيا اخدمي من خدمني) .
قال: تفرد به الخراسانيون عن المكيين ، وإنما انفرد به
الحسين ولم يروه غيره، وهو معدود في مناكيره.
وكذلك غالب ما أطلقه
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في كتاب التفرد وكذا ابنه
أبو بكر بن أبي داود . - والله أعلم - .
وقد يطلقون تفرد الشخص بالحديث ومرادهم بذلك تفرده بالسياق لا بأصل الحديث.
وفي مسند
nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار من ذلك جملة نبه عليها.
تنبيه:
من مظان الأحاديث الأفراد مسند
nindex.php?page=showalam&ids=13863أبي بكر البزار ، فإنه أكثر فيه من إيراد ذلك وبيانه، وتبعه
nindex.php?page=showalam&ids=14687أبو القاسم الطبراني في المعجم الأوسط ثم
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في كتاب الأفراد . وهو ينبئ على اطلاع بالغ ويقع عليهم التعقب فيه كثيرا بحسب اتساع الباع وضيقه أو الاستحضار وعدمه.
وأعجب من ذلك أن يكون المتابع عند ذلك الحافظ نفسه فقد تتبع
العلامة مغلطاي على
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ذلك في جزء مفرد /.
[ ص: 709 ] وإنما يحسن الجزم بالإيراد عليهم حيث لا يختلف السياق أو حيث يكون المتابع ممن يعتبر به لاحتمال أن يريدوا شيئا من ذلك بإطلاقهم، والذي يرد على
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ، ثم
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من ذلك أقوى مما يرد على
nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار (لأن
nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار ) حيث يحكم بالتفرد إنما ينفي علمه، فيقول:
"لا نعلمه يروي عن فلان إلا من حديث فلان".
وأما غيره، فيعبر بقوله : "لم يروه عن فلان إلا فلان". وهو وإن كان يلحق بعبارة
nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار على تأويل، فالظاهر من الإطلاق خلافه - والله أعلم-.