56 - قوله: (ع): "وقد استشكل
ابن دقيق العيد الحكم على الحديث بالوضع بإقرار من ادعى أنه وضعه، لأن فيه عملا بقوله بعد اعترافه على نفسه بالوضع" فقال في الاقتراح:
"هذا كاف في رده ليس بقاطع. .." إلى آخره.
قلت: كلام
ابن دقيق العيد ظاهر في أنه لا يستشكل الحكم لأن
[ ص: 841 ] الأحكام لا يشترط فيها القطعيات ولم يقل أحد أنه يقطع بكون الحديث موضوعا بمجرد الإقرار، إلا أن إقرار الواضع بأنه وضع يقتضي موجب الحكم العمل بقوله، وإنما نفى
ابن دقيق العيد القطع بكون الحديث موضوعا بمجرد إقرار الراوي بأنه وضعه فقط، فلم يعترض لتعليل ذلك ولم يعلل بأنه يلزم العمل بقوله بعد اعترافه، لأنه لا مانع من العمل بذلك، لأن اعترافه بذلك يوجب ثبوت فسقه وثبوت فسقه لا يمنع العمل بموجب إقراره كالقاتل - مثلا - إذا اعترف بالقتل عمدا من غير تأويل، فإن ذلك يوجب فسقه ومع ذلك فنقلته عملا بموجب إقراره مع احتمال كونه في باطن الأمر كاذبا في ذلك الإقرار بعينه.
ولهذا حكم الفقهاء على من
أقر بأنه شهد الزور بمقتضى اعترافه.
وهذا كله مع التجرد، أما إذا انضم إلى ذلك قرائن تقتضي صدقه في ذلك الإقرار كمن روى عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - حديث الأعمال بالنيات، فإنا نقطع بأنه ليس من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ولا
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ولا
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مع ترددنا في كون الراوي له على هذه الصورة كذب أو غلط فإذا أقر أنه غلط لم نرتب في ذلك، ولا سيما إن كان إخباره لنا بذلك بعد توبته.
وقد حكى
مهنا بن يحيى أنه سأل
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن حديث
إبراهيم بن موسى المروزي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - رفعه
nindex.php?page=hadith&LINKID=907009 "العلم فريضة على كل مسلم .
فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : هذا كذب.
يعني بهذا الإسناد.
ثم إن شيخنا - رضي الله عنه - مثل لقول
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : "أو ما يتنزل منزلة إقراره".
[ ص: 842 ] بما إذا حدث محدث عن شيخ، ثم ذكر أن مولده في تأريخ يعلم تأخره، عن وفاة ذلك الشيخ ولم يتعقبه بما تعقب به الأول والاحتمال يجري فيه كما يجري في الأول سواء، فيجوز أن يكذب في تاريخ مولده بل يجوز أن يغلط في التأريخ ويكون في نفس الأمر صادقا".
والأولى أن يمثل لذلك بما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في المدخل بسنده الصحيح أنهم اختلفوا بحضور
أحمد بن عبد الله الجويباري في سماع
الحسن من
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - فروى لهم حديثا بسنده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "سمع
الحسن من
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه".
وأن يمثل بالتأريخ لقول
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : "أو من قرينة حال الراوي".
وقد استشكل بعضهم الحكم على الحديث بالوضع لركاكة لفظه. ولم يتعرض شيخنا له، فأفردته كما سيأتي.