35 - قوله: (ص): "ومن ذلك ضعف لا يزول بمجيئه من وجه آخر لقوة الضعف وتقاعد الجابر عن جبره ومقاومته؛ كالضعف الذي ينشأ من كون الراوي متهما بالكذب أو كون الحديث شاذا، وهذه جملة يدرك تفاصيلها بالمباشرة".
[ ص: 409 ] أقول: لم يذكر للجابر ضابطا يعلم منه ما يصلح أن يكون جابرا أو لا، والتحرير فيه أن يقال: إنه يرجع إلى الاحتمال في طرفي القبول والرد، فحيث يستوي الاحتمال فيهما فهو الذي يصلح لأن ينجبر وحيث يقوى جانب الرد فهو الذي لا ينجبر.
وأما إذا رجح جانب القبول فليس من هذا، بل ذاك في الحسن الذاتي - والله أعلم - .
وقوله قبل ذلك: إنا نجد أحاديث محكوما بضعفها مع كونها قد رويت بأسانيد كثيرة.
ثم مثل ذلك بحديث:
nindex.php?page=hadith&LINKID=676950 "الأذنان من الرأس" .
وقد تعقب ذلك عليه
الإمام تقي الدين ابن دقيق العيد في شرح الإلمام فقال: هذا الذي ذكره قد لا يوافق عليه، فقد ذكرنا رواية
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه وأن رواتها ثقات، ورواية
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، وأن
nindex.php?page=showalam&ids=17293ابن القطان حكم لها بالصحة، وعلى الجملة فإن كان الحكم له بالقبول متوقفا على طريق لا علة لها ولا كلام في أحد من رواتها، فقد يتوقف ذلك هنا، لكن اعتبار ذلك صعب ينتقض عليهم في كثير مما صححوه أو حسنوه. ولو شرط ذلك لما كان لهم حاجة إلى الحكم بالحسن فمقتضى المتابعة والمجيء من طرق للإسناد الضعيف؛ لأن الضعف علة - والله أعلم.
وقال
الحافظ صلاح الدين العلائي : في التمثيل بذلك نظر؛ لأن الحديث المشار إليه ربما ينتهي ببعض طرقه إلى درجة الحسن.
[ ص: 410 ] وذكر شيخنا - في كلامه على هذا الموضع - أن
nindex.php?page=showalam&ids=11890أبا الفرج ابن الجوزي ذكر طرقه في العلل المتناهية وضعفها كلها.
قلت: وقد راجعت كتاب العلل المتناهية
لابن الجوزي ، فلم أره تعرض لهذا الحديث، بل رأيته في كتاب التحقيق له قد احتج به وقواه فينظر في هذا.
وقد جمعت طرقه فيما كتبته على جامع
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، فرأيت في الحاشية: أمثلها حديث
عبد الله بن زيد وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر وأبي أمامة - رضي الله تعالى عنهم - وفي كل واحد منها مع ذلك مقال - والله أعلم.
أما حديث
عبد الله بن زيد - رضي الله عنه - فرواه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه قال: ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16071سويد بن سعيد . ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17313يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
حبيب بن زيد عن
عباد بن تميم عن
عبد الله بن زيد - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=676950 "الأذنان من الرأس" .
[ ص: 411 ] قال
المنذري : هذا الإسناد متصل ورواته محتج بهم وهو أمثل إسناد في هذا الباب [قلت: هذا الإسناد] رجاله رجال
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، إلا أن له علة فإنه من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16071سويد بن سعيد كما ترى، وقد وهم فيه، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في العلل الكبير أنه سأل
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن هذا الحديث فضعف
سويدا .
قلت: وهو وإن أخرج له
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه فقد ضعفه الأئمة واعتذر
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن تخريج حديثه، بأنه ما أخرج له إلا ما له أصل من رواية غيره. وقد كان
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم لقيه وسمع منه قبل أن يعمى ويتلقن ما ليس من حديثه، وإنما كثرت المناكير في روايته بعد عماه.
وقد حدث بهذا الحديث في حال صحته فأتى به على الصواب. فرواه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من رواية
عمران بن موسى السختياني عن
سويد بسنده إلى
عبد الله بن زيد - رضي الله تعالى عنهما - قال:
"رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ بثلثي مد وجعل يدلك" . قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=13777و"الأذنان من الرأس" انتهى.
وقوله: قال: والأذنان من الرأس هو من قول
عبد الله بن زيد - رضي الله تعالى عنه - والمرفوع منه ذكر الوضوء بثلثي مد والدلك.
وكذا أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحهما،
nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم من حديث
أبي كريب عن
ابن أبي زائدة دون الموقوف.
[ ص: 412 ] وقد أوضحت ذلك بدلائله وطرقه في الكتاب الذي جمعته في المدرج.
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس - رضي الله تعالى عنهما - فرواه
nindex.php?page=showalam&ids=13863أبو بكر البزار في مسنده،
والحسن بن علي المعمري في اليوم والليلة، كلاهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=12547أبي كامل الجحدري قال: ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16769غندر ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=676950 "الأذنان من الرأس" .
ومن هذا الوجه رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، وهذا رجاله رجال
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا - إلا أن له علة، فإن
أبا كامل تفرد به عن
nindex.php?page=showalam&ids=16769غندر وتفرد به
nindex.php?page=showalam&ids=16769غندر عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج . وخالفه من هو أحفظ منه وأكثر عددا.
فرووه عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
سليمان بن موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - معضلا - والعلة فيه من جهتين:
[ ص: 413 ]
إحداهما: أن سماع
nindex.php?page=showalam&ids=16769غندر عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج كان
بالبصرة nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج لما حدث
بالبصرة حدث بأحاديث وهم فيها، وسماع من سمع منه
بمكة أصح.
ثانيهما: أن
أبا كامل قال - فيما رواه
أحمد بن عدي عنه - : "لم أكتب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16769غندر إلا هذا الحديث أفادنيه عنه
عبد الله بن سلمة الأفطس ". انتهى.
والأفطس ضعيف جدا، فلعله أدخله على
أبي كامل .
وقد مال
nindex.php?page=showalam&ids=12855أبو الحسن ابن القطان إلى الحكم بصحته لثقة رجاله واتصاله، وقال
ابن دقيق العيد : لعله أمثل إسناد في هذا الباب.
قلت: وليس بجيد؛ لأن فيه العلة التي وصفناها، والشذوذ، فلا يحكم له بالصحة. كما تقرر - والله أعلم - .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - فرواه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في الخلافيات من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16240ضمرة بن ربيعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12434إسماعيل بن عياش عن
[ ص: 414 ] يحيى بن سعيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - ورجاله ثقات، إلا أن رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12434إسماعيل بن عياش عن الحجازيين فيها مقال وهذا منها، والمحفوظ من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - من قوله.
وكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=12508وأبو بكر بن أبي شيبة من طرق عنه.
وكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة - أيضا - من رواية
سعيد بن مرجانة وهلال بن أسامة كلاهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - موقوفا.
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة - رضي الله تعالى عنه - فقد أشار إليه شيخنا، وقوله: إن
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان أخرجه في صحيحه من رواية
شهر عن
nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة - رضي الله عنه - فيه نظر، بل ليس هو في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان البتة، لا من
[ ص: 415 ] طريق
nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة ولا من طريق غيره، بل لم يخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه
لشهر شيئا.
وقد ذكرت طرق حديث
شهر هذا في كتاب المدرج بدلائله وكيفية الإدراج فيه بحمد الله تعالى.
وإذا نظر المنصف إلى مجموع هذه الطرق علم أن للحديث أصلا، وأنه ليس مما يطرح، وقد حسنوا أحاديث كثيرة باعتبار طرق لها دون هذه - والله أعلم - .
تنبيهان:
الأول: معنى هذا المتن أن
الأذنين حكمهما حكم الرأس في المسح لا أنهما جزء من الرأس ، بدليل أنه لا يجزئ المسح على ما عليهما من شعر عند من يجتزئ بمسح بعض الرأس بالاتفاق. وكذلك لا يجزئ المحرم أن يقصر مما عليهما من شعر بالإجماع - والله الموفق - .
الثاني: ينبغي أن يمثل في هذا المقام بحديث:
nindex.php?page=hadith&LINKID=74992 "من حفظ على أمتي أربعين حديثا" .
فقد نقل
النووي اتفاق الحفاظ على ضعفه مع كثرة طرقه - والله أعلم - .