قال : ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، فجاءه أبو بصير رجل من قريش ، وهو مسلم ، فأرسلوا في طلبه رجلين ، وقالوا : العهد الذي جعلت لنا ، فدفعه إلى الرجلين ، فخرجا ، حتى بلغا به ذا الحليفة ، [ ص: 226 ] فنزلوا يأكلون من تمر لهم ، فقال أبو بصير لأحد الرجلين ، والله لأرى سيفك هذا ، يا فلان جيدا ، فقال : أجل ، والله إنه لجيد ، لقد جربت به ، ثم جربت ، فقال أبو بصير : أرني أنظر إليه ، فأمكنه منه ، فضربه حتى برد ، وفر الآخر ، حتى أتى المدينة ، فدخل المسجد يعدو ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد رأى هذا ذعرا ، فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : قتل والله صاحبي ، وإني لمقتول ، فجاء أبو بصير ، فقال : يا نبي الله ، قد والله أوفى الله ذمتك ، قد رددتني إليهم ، ثم أنجاني الله منهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ويل امه لو كان معه أحد ، فلما سمع بذلك عرف أنه سيرده إليهم مرة أخرى ، فخرج حتى أتى سيف البحر ، قال : وتفلت منهم nindex.php?page=showalam&ids=142أبو جندل بن سهيل بن عمرو ، فلحق بأبي بصير ، فجعل لا يخرج من قريش ، رجل أسلم إلا لحق بأبي بصير ، حتى اجتمعت منهم عصابة ، قال : فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها ، فقتلوهم ، وأخذوا أموالهم ، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم ممن أتاه فهو آمن ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم ، فأنزل الله جل وعلا وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة حتى بلغ حمية الجاهلية ، وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله ، ولم يقروا ببسم الله الرحمن [ ص: 227 ] الرحيم .