قد تقدم ذكر القنوت ومعناه في اللغة ، وقد اختلف في حكمه في الفجر وفي الوتر في رمضان ; فقيل : لا قنوت في فجر ولا غيره - قاله الكوفيون nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ويحيى بن يحيى من المالكية ، وأنكره nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي . وقيل : يقنت في الفجر دائما وفي سائر الصلوات إذا نزلت نازلة بالمسلمين - قاله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وغيره : إنه مستحب في صلاة الفجر . وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وقال الحسن nindex.php?page=showalam&ids=13211وابن سحنون : إنه سنة ، وهو مقتضى رواية علي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بإعادة تاركه للصلاة عمدا ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري الإجماع على أن تركه غير مفسد للصلاة . وعن الحسن : في تركه سجود السهو .
[ ص: 302 ] ثم اختلفوا في موضعه ; فالمشهور عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك قبل الركوع ، وهو قول إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود وجماعة من الصحابة والتابعين التخيير في ذلك ، ثم اختلف هل يكبر له ؟ وهل يرفع يديه إذا دعا فيه ؟ ومالك لا يرى شيئا من ذلك .
ثم اختلف القائلون بالقنوت في الفجر ; هل يقنت في الوتر ؟ فقيل : يقنت في وتر السنة كلها ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود والحسن nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : يقنت في السنة كلها إلا في النصف الأول من رمضان . وقالت طائفة : لا يقنت في الوتر جملة - وهو مروي عنnindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاووس ، وهي رواية المصريين عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك . وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي وأبي nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر وجماعة من السلف ، وهي رواية nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه يقنت في النصف الآخر من رمضان من ليلة ست عشرة ، وقيل : خمس عشرة ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق . وعن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : لا يقنت إلا في وتر رمضان فقط . ثم اتفقوا على أنه لا يتعين في القنوت دعاء مؤقت إلا ما روي عن بعض أهل الحديث في تخصيصهم بقنوت مصحف nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب المروي أن جبريل علمه النبي صلى الله عليه وسلم ; وهو : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك . . . إلى آخره ، وأنه لا يصلى خلف من لا يقنت بذلك ، واستحبه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، واستحب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي القنوت بالدعاء المروي عن الحسن بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت . . . إلى آخره ، وقد اختار بعض شيوخنا البغداديين الجمع بينهما ، وهو قول إسحاق والحسن بن [ ص: 303 ] حي ، وسبب الخلاف فيما ذكر اختلاف الأحاديث ، وهل كان ذلك مخصوصا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أم لا ؟
وقوله “ اللهم أنج الوليد . . . " إلى آخره ، أنج : من النجاة ، والهمزة للتعدية ، وقد عدي بالتضعيف ، وأصله من النجوة وهو المرتفع من الأرض ، وهؤلاء المدعو لهم هم قوم من أهل مكة أسلموا ، ففتنهم أهل مكة وعذبوهم ، وبعد ذلك نجوا منهم، وهاجروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
وقوله “ واجعلها عليهم كسني يوسف " ; يعني به قوله تعالى : ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون [ يوسف : 48 ] فاستجيب له - صلى الله عليه وسلم - فأجدبوا سبعا أكلوا فيها كل شيء ، حتى أكلوا الميتة والعظام ، وكان الواحد منهم يرى بينه وبين السماء دخانا من شدة الجوع والضعف ، حتى جاء أبو سفيان فكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعا لهم فسقوا على ما ذكرناه عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود في كتاب التفسير .
ولحيان ورعل وذكوان وعصية قبائل من العرب قتلوا أصحاب بئر معونة ، وهم السبعون القراء ، وكان من حديثهم أن أبا براء الكلابي - ويعرف بملاعب الأسنة - سأل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يوجه معه رجالا من أصحابه إلى قومه بنجد يدعونهم إلى الله ويعرضون عليهم الإسلام ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني [ ص: 304 ] أخاف عليهم أهل نجد ! فقال له أبو براء : أنا لهم جار ! فبعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ، فلما مروا ببني عامر استصرخ عليهم عدو الله عامر بن الطفيل تلك القبائل التي دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم من بني سليم ، فأجابوه فقتلوهم ، ولم ينج منهم إلا nindex.php?page=showalam&ids=243عمرو بن أمية الضمري ، فحزن عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - حزنا شديدا ، فإنه لم يصب بمثلهم ، وكانوا من خيار المهاجرين رضي الله عنهم .