و (قوله : " ليس من رجل ادعى لغير أبيه ، وهو يعلمه ، إلا كفر ") أي : انتسب لغير أبيه رغبة عنه مع علمه به . وهذا إنما يفعله أهل الجفاء والجهل والكبر ; لخسة منصب الأب ودناءته ; فيرى الانتساب إليه عارا ونقصا في حقه . ولا شك في أن هذا محرم معلوم التحريم ، فمن فعل ذلك مستحلا ، فهو كافر حقيقة ، فيبقى الحديث على ظاهره .
وأما إن كان غير مستحل ، فيكون الكفر الذي في الحديث محمولا على كفران النعم والحقوق ; فإنه قابل الإحسان بالإساءة ، ومن كان كذلك ، صدق عليه اسم الكافر ، وعلى فعله أنه كفر ; لغة وشرعا على ما قررناه ، ويحتمل أن يقال : أطلق عليه ذلك ; لأنه تشبه بالكفار أهل الجاهلية ، أهل الكبر والأنفة ; فإنهم كانوا يفعلون ذلك ، والله تعالى أعلم .