المراد في هذا الباب من الجمع : إنما هو إخراج إحدى الصلاتين المشتركتين عن وقت جوازها ، وإيقاعها في وقت الأخرى مضمومة إليها ، وهو إنما يكون في الصلوات المشتركة الأوقات ، وهي : الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء ، ولا يكون في غيرها بإجماع ، ثم الجمع : متفق عليه ، ومختلف فيه :
فالأول : هو الجمع بعرفة والمزدلفة ، والمختلف فيه : هو الجمع في السفر ، والمطر ، والمرض . فأما الجمع في السفر فإليه ذهب جماعة السلف وفقهاء المحدثين nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وهو مشهور مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وهل ذلك لمجرد السفر ؟ أو لا بد معه من جد السير ؟ قولان . بالأول قال جمهور السلف وعلماء الحجاز وفقهاء المحدثين وأهل الظاهر . وبالثاني قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، وأبى nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وحده الجمع للمسافر ، وكرهه الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك كراهيته ، وروي عنه أنه كرهه للرجال دون النساء .
[ ص: 344 ] وأحاديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ المذكورة في هذا الباب حجة على nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة . لكن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة تأولها على أن الصلاة الأولى وقعت في آخر وقتها ، والثانية وقعت في أول وقتها ، وهذا يجوز باتفاق .
وذهب كافة العلماء إلى منع الجمع بين الصلاتين في الحضر لغير عذر إلا شذوذا ; منهم من السلف : nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين ، ومن أصحابنا nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب ; فأجاز ذلك للحاجة ما لم تتخذ عادة ، ونحوه لعبد الملك في الظهر والعصر . وحجتهم في ذلك حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وقوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر : إذا عجل به السير : حجة ظاهرة لمشترط [ ص: 345 ] جد السير في الجمع ، ولا تعارض هذه الأحاديث التي لم يذكر فيها ذلك ; لأن الحجة في المنقول لا في المسكوت عنه ، ويتعين حمل المطلق منهما على المقيد هنا لاتحاد الموجب والموجب ، وهو موضع اتفاق الأصوليين في حمل المطلق على المقيد . وإنما خص nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر صلاة المغرب والعشاء بالذكر ، ولم يذكر العصر ; لوقوع الجمع له بين المغرب والعشاء ، وهو الذي سأله عنه نافع ، فأجاب عما سئل عنه حين استصرخ على امرأته صفية بنت أبي عبيد ، فاستعجل بالجمع بين المغرب والعشاء ، وسئل فأجاب بما ذكر .