المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1189 [ 606 ] وعن عائشة ، أنها كانت تقول : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ركعتي الفجر ، فيخفف حتى إني أقول : هل قرأ فيها بأم القرآن ! .

رواه أحمد (6 \ 164 و 165)، والبخاري (619)، ومسلم (724) (92)، وأبو داود (1255)، والنسائي (3 \ 256) .


وقول عائشة : إنه كان يخففهما حتى إني أقول : هل قرأ فيهما بأم القرآن ؟ ليس معنى هذا أنها شكت في قراءته - صلى الله عليه وسلم - فيها بأم القرآن ; لأنه قد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن ، وإنما معنى ذلك : أنه - صلى الله عليه وسلم - كان في غيرها من النوافل يقرأ بالسورة ، ويرتلها حتى تكون أطول من أطول منها ، بخلاف فعله في هذه ، فإنه كان يخفف أفعالها وقراءتها ، حتى إذا نسبت إلى قراءته في غيرها كانت كأنها لم يقرأ فيها . وقد دل على صحة هذا ما في حديث أبي هريرة : أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ فيهما بـ : قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد ، وهذا بعد قراءة الفاتحة في الركعتين قبل السورتين ، على ما قد تبين اشتراطه في الصلاة كما تقدم ، وعلى هذا يحمل حديث ابن عباس : أنه كان يقرأ فيهما بقوله تعالى : قولوا آمنا بالله [ البقرة :136 ] وبقوله تعالى : تعالوا إلى كلمة [ آل عمران : 64 ] : إنه [ ص: 363 ] كان يقرأ ذلك بعد الفاتحة ، وما ذكرناه هو الظاهر من مجموع الأحاديث ، وهو اختيار جمهور أصحاب مالك ; استحبوا أن يقرأ فيهما بأم القرآن في كل ركعة منهما ، و قل يا أيها الكافرون في الأولى ، و قل هو الله أحد في الآخرة ، وهو قول الشافعي وأحمد ، واستحب مالك الاقتصار على أم القرآن على ظاهر حديث عائشة ، وذهب قوم إلى أنه لا يقرأ فيهما بالجملة الكافية ; حكاه الطحاوي ، وذهب النخعي إلى جواز إطالة القراءة فيهما ، واختاره الطحاوي ، وذهب الثوري والحسن وأبو حنيفة : إلى أنه يجوز لمن فاته حزبه من الليل أن يقرأه فيهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية