وقوله : فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا : هذا على جهة التوسع في الإفهام ، وتحقيقه : أنه يشفع له بسببه ; فإما الملائكة الذين كانوا يشاهدون تلاوته ، أو من شاء الله - تعالى - ممن يشفعهم فيه بسببه ، وهذه الشفاعة على تقدير أن يكون القارئ صاحب كبيرة في تخليصه من النار ، وإن لم يكن عليه ذنوب ; شفع له في ترفيع درجاته في الجنة ، أو في المسابقة إليها ، أو في جميعهما ، أو ما شاء الله منها ، إذ كل ذلك بكرمه - تعالى - وتفضله .
والغمام : السحاب الملتف ، وهي : الغياية إذا كانت قريبا من الرأس ، والظلة أيضا ، وقد جاءت هذه الألفاظ الثلاثة في هذا الحديث ، وفي حديث النواس . ومعنى هذا الحديث : أن صاحب هاتين السورتين في ظل ثوابهما يوم القيامة ; كما قال : سبعة يظلهم الله في ظله ، وقال : nindex.php?page=hadith&LINKID=697540الرجل في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس . وعبر عن هذا المعنى بتلك العبارة توسعا واستعارة ; إذ كان ذلك بسببهما . وفرقان : قطيعان ، وهما : الحزقان . والحزق ، والحزيقة : الجماعة ، وهي رواية السمرقندي في حديث النواس ، وجمهور الرواة قالوا : فرقان مثل ما في حديث أبي أمامة . وصواف : مصطفة . وتحاجان : تقومان بحجة قارئهما وتجادلان عنه ; كما قال - صلى الله عليه وسلم - في سورة تبارك : تجادل عن صاحبها . وهذه المجادلة إن حملت على ظاهرها ; فيخلق الله - تعالى - من يجادل بها عنه ملائكة ; كما قد جاء في بعض هذا الحديث : أن من قرأ : شهد الله أنه لا إله إلا هو ; خلق الله سبعين ملكا يستغفرون له إلى يوم القيامة .
[ ص: 432 ] وإن حملت على تأويلها ; فيكون معنى ذلك : أن الله - تعالى - يوصله إلى ثواب قراءتهما ، ولا ينقص منه شيء ; كما يفعل من يستخرج حقه ، ويجادل عليه ; كما قال : والقرآن حجة لك أو عليك .