رواه أحمد ( 3 \ 289 ) ، ومسلم ( 82 ) ، وأبو داود ( 4678 ) ، والترمذي ( 2622 ) ، وابن ماجه ( 1078 ) .
[ ص: 271 ] (26) ومن باب : ترك الصلاة جحدا أو تسفيها للأمر كفر
(قوله : " بين الرجل وبين الشرك ترك الصلاة ") يعني : أن من ترك الصلاة ، لم يبق بينه وبين الكفر حاجز يحجزه عنه ، ولا مانع يمنعه منه ، أي : قد صار كافرا ; وهذا إنما يكون بالاتفاق فيمن كان جاحدا لوجوبها ، فأما لو كان معترفا بوجوبها ، متهاونا بفعلها ، وتاركا لها ، فالجمهور : على أنه يقتل إذا أخرجها عن آخر وقتها ، ثم هل يقتل كفرا ، أو حدا ؟ فممن ذهب إلى الأول : nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك ، وإسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=13055وابن حبيب من أصحابنا ، وروي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، وممن ذهب إلى الثاني : nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وكثير من أهل العلم ; قالوا : يقتل حدا إذا عرضت عليه فلم يفعلها ، ثم هل يستتاب أم لا ؟ قولان لأصحابنا .
وقال الكوفيون : لا يقتل ، ويؤمر بفعلها ، ويعزر حتى يفعلها . والصحيح : أنه ليس بكافر ; لأن الكفر الجحد كما تقدم ، وليس بجاحد ، ولأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قال : خمس صلوات افترضهن الله على العباد ، فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئا ، كان له عند الله عهد أن يغفر له ، ومن لم يأت بهن ، فليس له على الله عهد ; إن شاء غفر له ، وإن شاء عذبه ; فهذا ينص على أن ترك الصلاة ليس بكفر ، وأنه مما دون الشرك الذي قال [ ص: 272 ] الله تعالى فيه : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [ النساء : 48 ] . واختلف العلماء في أخوات الصلاة من الفرائض ; كالزكاة ، والصيام ، والحج ، والوضوء ، والغسل من الجنابة ، هل يقتل الآبي من فعلها وإن اعترف بوجوبها ، أم يعاقب حتى يفعل ؟ وهل هو كافر أم عاص ؟ مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : في أن من قال : لا أتوضأ ولا أصوم ، أنه يستتاب ، فإن تاب ، وإلا قتل ، وإن قال : لا أزكي ، أخذت منه كرها ، فإن امتنع ، قوتل ، فإن قال : لا أحج ، لم يجبر ; لكون فرضه على التراخي .
قال المؤلف - رحمه الله - : هكذا أطلق أئمتنا ، وينبغي أن يقال : إنه إذا انتهى الممتنع إلى حالة يخاف معها الفوت ; كالهرم ، والمرض ، حمل على الفعل ; لئلا يخلى زمانه عن الحج مع استطاعته ، وأما من يقول : إن الحج على الفور إذا حصلت الاستطاعة ، فقياس مذهبه : يقتضي أن يحمل على الفعل في تلك الحال ، لكن أصحابنا لم يقولوا به ، ولا كفروه بترك الحج كما فعلوا في الصلاة ; لأن كون وجوبه على الفور ليس بمعلوم التحديد والتوقيف من الشرع ; كما هو في الصلاة ، وإنما قيل ذلك بالاجتهاد والظن ، والله أعلم .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب : من قال عند الإمام : لا أصلي وهي علي ، قتل ولا يستتاب ، وكذلك من قال : لا أتوضأ ، ولا أغتسل من الجنابة ، ولا أصوم . وقال أيضا : من ترك الصلاة متعمدا أو مفرطا : كافر ، ومن ترك أخواتها متعمدا ; من زكاة ، وحج ، وصوم : كافر ، وقاله nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم بن عتيبة وجماعة من السلف .