أحدها : أن المتكلم لا يدخل تحت خطاب نفسه إذا وجهه لغيره ، فقوله - صلى الله عليه وسلم - : بئس الخطيب أنت منصرف لغير النبي - صلى الله عليه وسلم - لفظا ومعنى .
وثانيها : أن إنكاره - صلى الله عليه وسلم - على ذلك الخطيب يحتمل أن يكون كأن هناك من يتوهم التسوية من جمعهما في الضمير الواحد ، فمنع ذلك لأجله ، وحيث عدم ذلك جاز الإطلاق .
وثالثها : أن ذلك الجمع تشريف ، ولله تعالى أن يشرف من شاء بما شاء ، ويمنع من مثل ذلك للغير ; كما قد أقسم بكثير من المخلوقات ، ومنعنا من القسم بها ، فقال سبحانه وتعالى : إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما [ الأحزاب : 56 ] ، وكذلك أذن لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في إطلاق مثل ذلك ، ومنع منه الغير على لسان نبيه .
ورابعها : أن العمل بخبر المنع أولى لأوجه ; لأنه تقعيد قاعدة ، والخبر [ ص: 512 ] الآخر يحتمل الخصوص ، كما قررناه ; ولأن لهذا الخبر ناقل ، والآخر مبقى على الأصل ; فكان الأول أولى ; ولأنه قول ، والثاني فعل ; فكان أولى . والله أعلم .