قالت : فلما مات أبو سلمة قلت : أي المسلمين خير من أبي سلمة ؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . ثم إني قلتها فأخلف الله لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
قالت : فأرسل إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة ، يخطبني له ، فقلت له : إن لي بنتا ، وأنا غيور . فقال : أما بنتها فندعو الله أن يغنيها عنها ، وأدعو الله أن يذهب بالغيرة .
وفي رواية : ثم عزم الله لي فقلتها .
رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم (918) (3 و 5) ، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود (3119) ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي (3506) .
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله : إنا لله وإنا إليه راجعون . هذا تنبيه على قوله - تعالى - : وبشر الصابرين [ البقرة : 155] الآية ، مع أنه ليس فيها أمر بذلك القول ، وإنما تضمنت مدح من قاله ; فيكون ذلك القول مندوبا ، والمندوب مأمور به ; أي : مطلوب ومقتضى ، وإن سوغ تركه . وقال أبو المعالي : لم يختلف الأصوليون أن المندوب مقتضى ومطلوب ، وإنما اختلفوا هل يسمى : مأمورا به ؟ قلت : وهذا الحديث يدل على أنه يسمى بذلك .
وقوله : إنا لله وإنا إليه راجعون : كلمة اعتراف بالملك لمستحقه ، وتسليم له فيما يجريه في ملكه ، وتهوين للمصيبات بتوقع ما هو أعظم منها ، وبالثواب المرتب عليها ، وتذكير المرجع والمآل الذي حكم به ذو العزة والجلال .
وقوله : اللهم أجرني في مصيبتي ، هو من الأجر ، وهو الثواب ، قال صاحب الأفعال : يقال : آجره الله ، بالمد وبغير المد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي : هو [ ص: 571 ] مقصور لا يمد ، وهو الذي حكاه أكثر أهل اللغة .
وقول nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة - رضي الله عنها - : عزم الله لي ; أي : خلق في قصدا مؤكدا ، وهو العزم ، لا أن إرادة الله تسمى عزما ، لعدم الإذن في ذلك . والله تعالى أعلم .
وقولها : وأنا غيور ; أي : كثيرة الغيرة ، وقد جاءت فعول في صفة المؤنث كثيرا ، وإن كان أصلها للمذكر . قالوا : امرأة ضحوك وعروب وعروس ، وعقبة كؤود ، وأرض صعود وحدور وهبوط . ويقال : امرأة غيرى ، ورجل غيران ، كسكرى وسكران ، وغضبى وغضبان ، وهو القياس .