وقولها : من صائر الباب ، قد فسره في الحديث بشق الباب ، وهكذا صحت روايته . قال الإمام : والصواب : صير الباب - بكسر الصاد - . وفي حديث آخر : من اطلع من صير باب فقد دمر ، وهو شق الباب ، ودمر : دخل بغير إذن . وكون نساء جعفر لم يطعن الناهي لهن عن البكاء ، إما لأنه لم يصرح لهن بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهاهن ، فظنن منه أنه كالمحتسب في ذلك ، وكالمرشد للمصلحة ، أو لأنهن غلبن في أنفسهن على سماع النهي ; لحرارة المصيبة ، والله تعالى أعلم .
وقوله : احث في أفواههن التراب ; يدل على أنهن صرخن ; إذ لو كان [ ص: 589 ] بكاء بالعين فقط ، لما كان لملء أفواههن بالتراب معنى ، وليس أمره - صلى الله عليه وسلم - للرجل بذلك ليفعله بهن على كل حال ، ولكن على طريق أن هذا مما يسكتهن إن فعلنه ، فافعله إن أمكنك ، وهو لا يمكنك . وفيه دليل على أن المنهي عن المنكر ، إن لم ينته عوقب وأدب إن أمكن ذلك ، وإلا فالملاطفة فيه أولى إن وقعت .
وقول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - للرجل : أرغم الله أنفك ; أي : ألصقه الله بالرغام - وهو التراب - ، دعت عليه ; لأنها فهمت أنه أحرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكثرة تكراره عليه وإخباره ببكائهن ، ولذلك قالت له : والله ما تفعل ما أمرك به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; أي : لا تقدر على فعله ، لتعذره : وما تركت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العناء . ولم ترد الاعتراض على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمره .
ووقع في رواية العذري مكان : من العناء من الغي - بالغين المعجمة والياء المشددة ، الذي هو ضد الرشد ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري مثله ، إلا أنه بالمهملة . والأول أليق بالمعنى وأصح ، وكذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .