وفي رواية قالت : دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته فقال : اغسلنها . . . الحديث .
وفي رواية قال : اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو سبعا ، أو أكثر من ذلك .
وقالت nindex.php?page=showalam&ids=62أم عطية : مشطناها ثلاثة قرون .
وفي رواية : قرنيها وناصيتها .
وفي أخرى قال : ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها .
رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد (6 \ 407 و 408) ، nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري (1352) ، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم (939) (36 و 39 و 40 و 41) ، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود (3142 - 3146) ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي (990) ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي (4 \ 28) ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه (1457) .
(7) ومن باب : الأمر بغسل الميت
قوله صلى الله عليه وسلم " اغسلنها ثلاثا أو خمسا ، أو أكثر من ذلك إن رأيتن " ، لا خلاف في أن غسل الميت مشروع ومعمول به في الشريعة ، لكن اختلف في حكمه ; فقيل الوجوب ، وقيل سنة مؤكدة ، والقولان في المذهب ، وسبب الخلاف فيه هو أن هذا الأمر هل المقصود به بيان حكم الغسل فيكون واجبا ؟ أو المقصود به تعليم كيفية الغسل فلا يكون فيه ما يدل على الوجوب ؟ وقد قال بعض أصحابنا : إن قوله في هذا " إن رأيتن ذلك " يقتضي إخراج ظاهر الأمر بالغسل عن الوجوب ; لأنه قد فوضه إلى نظرهن ، ورد هذا التقييد إلى الأمر بالغسل ، وهذا فيه بعد ، بل السابق للفهم عود هذا الشرط إلى الأقرب له وهو " أكثر من ذلك " ، أو إلى التخيير في الأعداد السابقة ، والأول أظهر . والظاهر من هذا الأمر أنه أمر تعليم ، ولم يقصد به تقعيد قاعدة حكم الغسل فلا يتمسك بظاهره ، فالأولى أن غسل الميت سنة ثابتة نقلت بالعمل ، والله تعالى أعلم .
وهذا الحديث يقتضي استحباب الأوتار في غسل الميت ، وأن أقل ذلك [ ص: 593 ] ثلاث ، وليس لذلك عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وبعض أصحابه حد لازم يقتصر عليه ، لكنه ينقى ويغسل جميعه ، وإليه يرجع قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وغيره من العلماء . وصرف الأمر إلى اجتهاد الغاسل إنما هو بحسب ما يراه زيادة في الإنقاء والاحتياج إلى ذلك ، وكذلك إذا خرج من الميت شيء بعد غسله أعاد غسله ، وقد جاء في الرواية الأخرى " أو سبعا ، أو أكثر من ذلك " ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر بن عبد البر : لا نعلم أحدا من العلماء قال بمجاوزة سبع غسلات في غسل الميت . قال nindex.php?page=showalam&ids=14961أبو الفضل عياض : وإن خرج منه شيء بعد السبع غسل الموضع وحده ، قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وجماعة من المالكية ، قالوا : وحكمه حكم الجنب إذا أحدث بعد غسله . ومنهم من قال : يوضأ إذا خرج منه شيء بعد الثالثة .
وقوله " بماء وسدر " احتج بهذا nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان ومن يجيز غسله بماء الورد وبالماء المضاف ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12845ابن الفرضي : وإنما يكره غسل الميت بماء القرنفل وماء الورد من ناحية السرف ، وإلا فهو جائز ; إذ لا يغسل ليطهر ، بل هو إكرام للقاء الملكين . والجمهور على أن غسله بذلك لا يجوز ، وأن ذلك لا يفهم من الحديث ، لكنه عندهم محمول على أن يغسل أولا بالماء القراح فتتم الطهارة ، وفي الثانية بالماء والسدر للتنظيف ، ثم قال في الثالثة بالماء والكافور للتطييب والتجفيف . قال عياض : وهذا حقيقة مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب وقال : بل يبدأ بالماء والسدر ، ثم بالماء القراح . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12134أبو قلابة مثله ، لكنه قال : ويحسب هذا غسلة واحدة . وذهب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد إلى أن الغسلات كلها تكون بالماء والسدر على ظاهر الحديث .
قلت : ويمكن أن يجعل السدر في الماء ، ويخضخض حتى تخرج رغوته ، ثم يدلك جسد الميت ليبالغ في إزالة أدرانه ، ثم يصب الماء عليه ، كما يحتال في قلع ما يعسر قلعه من الأدران بالغاسول ، ويكون هذا في أول غسله كما قاله [ ص: 594 ] nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب ، والله أعلم . فإن لم يوجد سدر فغيره من الغاسول مما يتنزل منزلته يكفي عند كافة العلماء ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - في غسل رأس الميت بالخطمي نهي .
وقوله " واجعلن في الآخرة كافورا " ; يعني في الغسلة الآخرة ، وعلى هذا جماعة العلماء إلا nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، فإنهما رأيا أن ذلك في الحنوط لا في الغسل . وفائدة تخصيص الكافور تبريده وتجفيفه ومنعه سرعة التغير وقوة رائحته وسطوعها ، فإن عدم قام غيره من الطيب مقامه ، وهذا كله إكرام للميت وإعداد له للقاء الملائكة الكرام ، والله تعالى أعلم .
وقوله " فألقى إلينا حقوه فقال : أشعرنها إياه " ، الحقو - بالفتح - هو المعروف من كلام العرب ، وقالته هذيل بكسر الحاء ، وأصله معقد الإزار ، وجمعه أحق وأحقاء وحقي ; كدلو وأدلاء ودلي . وهو في هذا الحديث الإزار ، وهو المئزر الذي يشد على الحقو ، فسمي باسم الحقو على التوسع ، كما تقول العرب : عذت بحقو فلان - أي استجرت به .
و " أشعرنها " ; أي : اجعلنه مما يلي جسدها ، والشعار الثوب الذي يلي الجسد ، والدثار الذي يلي الشعار ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصار : أنتم شعار ، والناس دثار - كناية عن القرب والاتصال بهم .
واختلف في كيفية جعل هذا الإزار عليها ; فقال nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب : يجعل لها مئزرا . وقال ابن القاسم : تلفف فيه ولا تؤزر - وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين [ ص: 595 ] nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي : الحقو فوق الدرع . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية : الحقو النطاق ، سبتية طويلة يجمع بها فخذاها تحصينا لها ، ثم تلف على عجزها . وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك لتنالها بركة ثوبه ، وفيه جواز تكفين النساء في ثياب الرجال .
وقول nindex.php?page=showalam&ids=62أم عطية " مشطناها ثلاثة قرون " ، قال بهذا nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=13055وابن حبيب ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : لا يجب المشط . ولم يعرف ابن القاسم الضفر ، وقال : يلف . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يكره ذلك ، ولكن ترسله الغاسلة غير مضفور بين ثدييها دون تسريح . وسبب هذا الخلاف هو أن الفعل الذي فعلته nindex.php?page=showalam&ids=62أم عطية هل هي مستندة في ذلك إلى إذن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو هو شيء رأته ففعلته استحسانا ووافقتها من كان هناك من النساء ولم يعلم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وكلاهما محتمل ، والأصل أن لا يفعل في الميت شيء من جنس القرب إلا بإذن من الشرع محقق ، ولم يرد ذلك مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم .
وقولها " قرنيها وناصيتها " ، وفي nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " فألقيناها خلفها " ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11890أبو الفرج بن الجوزي : وعندنا أن السنة أن يضفر شعر الميتة ثلاثة قرون ويلقى خلفها .
[ ص: 596 ] وقوله “ ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها " يدل على استحباب وضوء الميت ، وهو حجة لنا nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي على nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة فإنه لا يراه . واختلف عندنا متى يوضأ ؟ هل في المرة الأولى أو في الثانية أو فيهما ؟ والابتداء بالميامن على أصل الشريعة في استحباب ذلك في العبادات ، وقد أخذ الحسن من هذا الحديث أن النساء أحق بغسل المرأة من الزوج ، وأنه لا يغسلها إلا عند عدمهن . والجمهور من الفقهاء وأئمة الفتوى على خلافه ، وأنه أحق . وذهب nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وأصحاب الرأي إلى أنه لا يغسلها جملة ، وأجمعوا على غسل الزوجة زوجها ، وجمهورهم على أنه أحق من الأولياء . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : الأولياء أحق . ولم ينبه النبي - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=showalam&ids=62أم عطية على الغسل من غسل الميت ، وهو موضع تعليم ، فلو كان واجبا لبينه هنا . وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=690572من غسل ميتا فليغتسل ، ومن حمله فليتوضأ . قال : اختلف في إسناد هذا الحديث ، وحمله الفقهاء على الاستحباب لا على الوجوب . واختلف في المقصود بهذا الغسل ; فقيل : ليكون على يقين من طهارة جسده لما يخاف أن يطير عليه من رشاش غسل الميت . وقيل : لأنه إذا عزم على الاغتسال كان أبلغ في غسله ، وأحرى ألا يتحفظ مما يصيبه ، فيبالغ في إنقائه وتنظيفه . قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : [ ص: 597 ] لا أعلم أحدا قال بوجوب الغسل منه . وقال إسحاق : أما الوضوء فلا بد منه - ونحوه قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد .
وهذه البنت التي ماتت للنبي - صلى الله عليه وسلم - هي زينب على ما جاء في الأم ، وقيل : هي أم كلثوم - على ما جاء في كتاب nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود من حديث ليلى بنت قانف الثقفية .