المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1605 (15) باب ركوب المتبع للجنازة إذا انصرف منها

[ 831 ] عن جابر بن سمرة قال : صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ابن الدحداح ، ثم أتي بفرس عري فعقله رجل فركبه ، فجعل يتوقص به ونحن نتبعه نسعى خلفه . قال : فقال رجل من القوم : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : كم من عذق معلق - أو مدلى - في الجنة لابن الدحداح - أو قال : لأبي الدحداح .

وفي رواية : أتي بفرس معرورى فركبه حين انصرف من جنازة ابن الدحداح ونحن نمشي حوله .

رواه أحمد (5 \ 90 - 95) ، ومسلم (965) ، والترمذي (1013 و 1014) ، والنسائي (4 \ 22 - 23) .


[ ص: 622 ] (15) ومن باب : ركوب المتبع للجنازة

قوله " أتي بفرس عري " ; أي لا سرج عليه ، يقال : فرس عري ، وخيل أعراء ، وقد اعرورى فرسه - إذا ركبه عريا ، ولا يقال رجل عري ، ولكن عريان .

ورواية من روى " بفرس معرور " لا وجه لها .

و " عقله " : حبسه ليركبه .

و " يتوقص " : يتثنى ويقارب الخطو .

وقوله " ونحن نتبعه نمشي خلفه " هو إخبار عن صورة تلك الحالة ; لأنه تقدمهم وأتوا بعده ، لا أن ذلك كانت عادتهم في مشيهم معه ، بل المنقول من سيرتهم أنه كان يقدمهم ولا يتقدمهم ، وينهى عن وطء العقب . ولا خلاف في جواز الركوب عند الانصراف من الجنازة ، وإنما الخلاف في الركوب لمتبعها ; فكرهه كثير من العلماء سواء كان معها أو سابقها أو خلفها ، والصحيح جواز الركوب إلا أنه يتأخر عنها ; لما خرجه الترمذي وصححه عن المغيرة بن شعبة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الراكب خلف الجنازة ، والماشي حيث شاء منها ، والطفل يصلى عليه . وهذا أصح من الأحاديث التي ذكر فيها منع الركوب مع الجنازة .

[ ص: 623 ] وقوله “ كم من عذق معلق أو مدلى في الجنة لابن الدحداح " ، العذق بكسر العين العرجون ، وبفتحها النخلة ، وهو هنا بالكسر ، والدحداح : الرجل القصير دون الربعة . وقال شعبة : أبو الدحداح . وقال غيره : ابن الدحداح . وقال أبو عمر : أبو الدحداح ، ويقال : أبو الدحداحة فلان ابن الدحداحة . وإنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - له ذلك القول لقصة جرت ; وهي أن يتيما خاصم أبا لبابة في نخلة ، فبكى الغلام ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أعطه إياها ولك بها عذق في الجنة ! قال : لا . فسمع ذلك ابن الدحداح فاشتراها من أبي لبابة بحديقة له ، ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ألي بها إن أعطيت اليتيم إياها عذق في الجنة ؟ قال : نعم . فلما قبل ذلك قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الكلام ، وروي غير ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية